حروب الإعلام… سورية تنتصر في الواقع
هشام الهبيشان
تزامناً مع حديث بعض الشركاء في الحرب على سورية عن التحضير «إعلامياً» لغزو الأراضي السورية تحت ذرائع محاربة تنظيم داعش، مع إنّ السبب الحقيقي لهذا التدخل «الإعلامي» معلوم لكلّ متابع، وهو نصرة المجاميع الإرهابية العابرة للقارات التي بدأت بالتهاوي تحت ضربات الجيش العربي السوري من الشمال إلى الجنوب.
ردُّ الجيش العربي السوري على هذه الأحاديث الإعلامية كان مستمراً في الميدان، فالجيش العربي السوري يستكمل اليوم حسم جملة معارك في محيط مدينة حلب لتطويق أحيائها الشرقية واستمرار التقدّم في ريفها الشمالي وصولاً إلى الحدود التركية، انتقالاً إلى حسم جملة معارك في ريف اللاذقية الشمالي والشمالي الشرقي والاستعداد لعمليات كبرى في ريف إدلب الجنوبي الغربي والشمالي الشرقي، وعمليات كبرى يحضر لها الجيش بدعم من حلفاء الدولة السورية في أرياف حمص وحماة الشمالية والشمالية الغربية والشرقية والجنوبية الشرقية، بالتزامن مع عمليات كبرى يخوضها الجيش في الجنوب السوري بدرعا تحديداً وريفها الشمالي الاستراتيجي، مع الاستمرار بعمليات التطهير في محيط العاصمة دمشق وريفيها الشرقي والغربي.
في هذه المرحلة تحديداً، وبالتزامن مع التقدّم المتسارع للجيش العربي السوري وحلفائه على الأرض، لا يمكن إنكار حقيقة أنّ حرب أميركا وحلفاءها على سورية ما زالت مستمرة، فهم إلى الآن لم يقتنعوا بهزيمتهم، ولكن مع كلّ ساعة تمضي من عمر هذه الحرب فإنّ أميركا وحلفاءها يخسرون أكثر مما تخسر سورية، والأميركيون يدركون هذا ويعرفون أنّ هزيمتهم في سورية ستكون لها مجموعة تداعيات مستقبلاً، فاليوم أميركا مجبرة على استمرار حربها على سورية إلى أمد معيّن ولكن لن يطول هذا الأمد، فهي اليوم بين خيارين لا ثالث لهما، إما الحرب العسكرية المباشرة، أو الاستدارة بموقفها بشكل كامل للتفاوض العلني مع الدولة السورية، وفي الخيارين كليهما أميركا خاسرة، وهذا ما يؤكد أنّ الصمود السوري على مدى خمسة أعوام قد وضع أميركا وحلفاءها أمام أزمة حقيقية وحالة غير مسبوقة من الإرباك للدول والكيانات المرتبطة بالمحور الصهيو أميركي، وهي أزمة ستكون لها تداعيات مستقبلية وستطيح بكلّ المشاريع الصهيو أميركية الساعية إلى تجزئة المنطقة ليُقام على أنقاضها مشروع «دولة إسرائيل اليهودية» التي تتحكم وتدير مجموعة من الكانتونات الطائفية والعرقية والدينية التي ستحيط بها بحسب المشروع الأميركي.
ما يهمّنا اليوم من كلّ هذا هو واقع سورية المعاش في هذه المرحلة، وبعيداً عن حروب الإعلام وكلام المتآمرين وشركاء الحرب على سورية ومع مرور خمسة أعوام على حرب أميركا وحلفائها على سورية، يتضح في أحيان كثيرة أنّ الأحداث والمواقف المتلاحقة للمتابع لأحداث الحرب «المفروضة» على الدولة السورية، بأنّ الدولة السورية استطاعت أن تستوعب وتتكيّف طيلة خمسة أعوام مضت مع موجات هذه الحرب، وها هي اليوم تقف شامخة كما كانت دوماً، ففصول الحرب على سورية طيلة خمسة أعوام تعدّدت أشكالها وفصولها «عسكرية اقتصادية – اجتماعية ثقافية إعلامية دموية»، ومجموع هذه الأنماط هزم وكسر على أبواب الصخرة الدمشقية والسورية الصامدة.
ختاماً، إنّ صمود سورية اليوم عسكرياً، ودعم حلفاء سورية لها اقتصادياً وعسكرياً، وتوسع الجيش العربي السوري بعملياته لتحرير الأرض مدعوماً ومسنوداً من قاعدة شعبية تمثل أكثرية الشعب السوري، هذه العوامل بمجموعها ستكون هي الضربة الأكبر لإسقاط أهداف ورهانات الشركاء في الحرب الأخيرة على سورية، وبحسب كلّ المؤشرات والمعطيات التي أمامنا فاليوم ليس أمام الأميركيين وحلفائهم ومهما طالت معركتهم وحربهم على سورية إلا الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سورية، والمطلوب منهم اليوم هو الاستعداد والتحضير لتحمّل كلّ تداعيات هذه الهزيمة وتأثيرات هذا الفشل عليهم مستقبلاً.