سلامة في مؤتمر «يوروموني»: هدفنا الحفاظ على الثقة والاستقرار النقدي

أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «أنّ هدف البنك المركزي هو الحفاظ على الثقة والاستقرار النقدي، والابتكار المتواصل عبر هندسات مالية من شأنها صون المستويات العالية في الموجودات الخارجية الجاهزة، مما يطمئن الأسواق حول استقرار الليرة اللبنانية».

وفي كلمة ألقاها خلال مؤتمر «يوروموني لبنان» الذي انعقد في فندق «فينيسيا» أمس، قال سلامة: «يواجه عالمنا اليوم تحديات كبيرة. فالولايات المتحدة تستعدّ لخوض انتخابات رئاسية، والبنك الاحتياطي الفدرالي يميل أكثر فأكثر إلى زيادة معدلات الفوائد. لكنّ استمرار هذا التوجه سيولّد مشاكل في الأسواق الناشئة، لا سيما في البلدان التي كانت تُعرف سابقاً بدول مجموعة البريكس، والتي تجد صعوبات في الحصول على عملات أجنبية وتعاني من مديونية عالية. أما أوروبا، فليست بمنأى عن المشاكل. فمسألة Brexit تشلُّ الأسواق المالية الأوروبية والجميع ينتظر نتائج الاستفتاء في 23 حزيران 2016».

ولفت إلى «أنّ معدلات الفائدة السلبية أثرت على الأداء المصرفي في أوروبا، ومعايير بازل الجديدة تسهم في تعقيد وتغيير الصناعة المصرفية. وفي أنحاء أخرى من العالم، تتوجه الأنظار اليوم نحو الصين حيث يتباطأ النمو ويواجه القطاع المصرفي صعوبات قد تتفاقم في حال ارتفعت معدلات الفائدة عالمياً».

أضاف سلامة: «أما في منطقتنا، فقد نجحنا في التكيف مع انخفاض أسعار النفط، وشكلت الزيادات الأخيرة في أسعار النفط ارتياحاً لدى الدول العربية، وكذلك لبنان. فالتحاويل إلى لبنان تطابق توقعاتنا، ونتوقع زيادة بنسبة 4 ـ 5 في المئة في قاعدة الودائع في لبنان. هذا الأمر مهم جداً لأنّ بلدنا يعتمد بشكل أساسي على تحاويل اللبنانيين العاملين في الخارج، ووجود قطاع مصرفي متين يجذبهم أكثر وأكثر ويشجعهم على القيام بأعمالهم انطلاقاً من لبنان».

وأعلن أنّ مصرف لبنان «أطلق أخيراً هندسة مالية تقضي بتبادل سندات حكومية بالدولار الأميركي وسندات خزينة بالليرة اللبنانية، بينه وبين وزارة المالية. وقد ساهمت هذه الهندسة في خلق 3 مليارات دولار إضافية كاحتياطيات بالعملات الأجنبية في حساب مصرف لبنان».

ورأى أنّ «هذا الأمر مهم جداً لأننا نؤمن بأنّ الميزانية القوية ضرورية لضمان استقرار معدلات الفائدة، وأنّ الاستقرار أساسي لتعزيز النمو الاقتصادي بأسعار تمويل مقبولة»، لافتاً إلى «أنّ عملية ضخّ السيولة التي قام بها مصرف لبنان استهدفت قطاعات عدة، وذلك لتعزيز الطلب الداخلي والمساهمة في النمو الاقتصادي، في حين يتراجع الطلب الخارجي بسبب الوضع السياسي في المنطقة وانخفاض أسعار النفط».

وإذ توقع «نمواً بحدود 2 في المئة لهذا العام»، أكد سلامة «أنّ لبنان قادر اليوم على تمويل قطاعيه الخاص والعام، من دون تمويل من صندوق النقد الدولي أو مساعدة من بلدان أخرى»، معتبراً «أنّ هذا يعود أساساً إلى الثقة بقطاعنا المصرفي المتين».

وتابع: «بما أننا نعتبر أنّ اقتصاد المعرفة واعد في لبنان، قمنا بتوسيع إمكانية استثمار المصارف في اقتصاد المعرفة من 3 في المئة إلى 4 في المئة من أموالها الخاصة».

وقال: «حتى الآن، خصصت المصارف لهذا القطاع نحو 300 مليون دولار، وقد بدأنا نلمس اهتماما متزايداً به من خلال الصناديق والشركات الناشئة التي يتم إطلاقها في لبنان. وتشير التقديرات الأخيرة إلى أنّ القيمة الرأسمالية لهذا القطاع تخطت الـ 600 مليون دولار».

وأكد سلامة «أنّ الأنظمة والقوانين الجديدة التي تطال المصارف وأساليب عملها في جميع أنحاء العالم، تحدث تغييرات في البيئة المصرفية. واليوم، تسعى لجنة بازل إلى التخلص من المفهوم القائل إنّ بعض المؤسسات «أكبر من أن تفلس» too big to fail، والذي لن يطبق في لبنان، إذ نعتبر أنّ أية مشكلة في أي مصرف في لبنان قد تثير شكوكاً حول نظامنا المصرفي. كما اتخذت لجنة بازل توجهات أخرى تتعلق بإمكانية وقدرة المصارف على الحفاظ على أسواق ثانوية في سوق الدين لخفض مديونيتها وتقليص نسبة التباين».

ورأى «أنّ من الضروري أن نمتلك أدواتنا الخاصة لتنظيم وتطوير سوق ثانوية في لبنان. وفي هذا السياق، تعاونت هيئة الأسواق المالية عن كثب مع البنك الدولي لإرساء مبادئ عمل توجيهية. ونحن نسعى أيضا إلى إبرام اتفاقات متعددة الأطراف مع بلدان مختلفة، وهذا ما فعلناه للتو مع ألمانيا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى