أردوغان.. حان الحساب بالتوقيت الكردي
نظام مارديني
في صورة المشهد السياسي التركي، ما بعد أحمد داود أوغلو، ثمة حقائق جديدة تفرضها حركة الواقع الموضوعي. ففي خضم الأحداث وتسارع وتيرة الأزمات، يتوارى مشهد سياسي خلف ستار التغيير، ويبدأ آخر في سياق الاستعدادات المحتملة لترتيب البيت الداخلي بعد ضياع الأمل بالصلاة في المسجد الأموي، وإن كان عبر مزيد من الدم السوري.
«المنغّصات» التركية ثلاثية الأبعاد: بقاء الدولة السورية متماسكة، العصا الروسية، ودبابير كرد سورية التي أُطلقت من أعشاشها وبحماية أميركية..
منذ البداية كان يُفترض أن يدرك أردوغان أن سورية الطبيعية كلها من جبال كردستان وحتى شواطئ فلسطين المحتلة، خط أحمر. لن يكون باستطاعته أن يقيم ولايته العثمانية من الآستانة إلى المتوسط.. وهذه هي صدمة السلطان القاتلة!!
إذاً، هي شبكة تعقيدات تواجه أردوغان بعد خسارته شبكة تحالفات كان قد صنعها بالخطاب المذهبي والعنصري، غير أن تمرده على أميركا ستكون له عواقب وخيمة على تركيا، خصوصاً بعدما تحوّل ملف كرد سورية إلى مشكلة حقيقية وأساسية بين الطرفين، وهذا يعزز القول بأن العلاقات بين واشنطن وأنقرة ستشهد تحولات دراماتيكية خلال الفترة المقبلة.
إن الحرب على الـ «Bkk» حزب العمال الكردستاني تحت لافتة محاربة الإرهاب، كانت قد قضت على آمال معقودة لإنهاء المذبحة بحق الأكراد، بعدما كان عبد الله أوجلان قد مدّ اليد لوضع حد لاقتتال طال أمده وأزهق أرواح عشرات الآلاف ودمّر مئات القرى.
لم يعُد هناك مجال لأي أوهام في ما يخصّ رؤية أردوغان لشكل الحكم في بلاده. فالرجل لا يطيق المعارضة، ولا يؤمن بالمشاركة السياسية. وهذا متوقع من حزب يسير على منهجية دينية، وذلك بعدما انهار وهم المزاوجة بين ما يُسمّى الإسلام المعتدل والديمقراطية على يديه، فهل بدأت تركيا تدفع الآن من أمنها الداخلي، ثمن المغامرات غير المحسوبة للتدخل في الشأن السوري؟ وما جرّه أردوغان من صدام مع قوى داخلية وإقليمية ودولية، ولعلنا نتذكّر ما قالته «الغارديان» من «أنّ تركيا ترزح الآن تحت رحمة رجل يتمتّع بمزاج سيئ ويتعاطى مع أيّ تحد أو انتقاد برغبة في الانتقام أكثر من أي وقت مضى».. فهل سيحوّل أردوغان تركيا مجرد «مزرعة للغيب»؟
الآن، يبدو أردوغان يفقد أوراقه الواحدة تلو الأخرى.. الجيش السوري يتقدّم في جبهاته الساخنة، والأميركيون يساعدون كرد سورية على إقامة الحزام على امتداد الأسلاك الشائكة، لا بل فإن أردوغان يتهم الأميركيين بتقوية الكرد لمواجهة طموحاته الرئاسية، وبالتالي حرمانه الدخول من الباب العالي إلى.. الباب العالي.
إن مياهاً كثيرة جرت خلال الأشهر الماضية كما ستجري في الأشهر المقبلة ليست في مصلحة «حزب العدالة والتنمية».
تقول الكاتبة التركية، المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط، وصحافية بموقع سنديكا المعارض، حميده ييغيت: الآن حان وقت الحساب، فهل سيدفع أردوغان وتركيا حساب ما فعلاه من قتل وإجرام وسرقة للمعامل السورية؟