تقرير

في تقرير للكاتبيْن لادان ناصري وغلين كاري نُشر على موقع «بلومبرغ»، تناول الكاتبان خطّة السعودية لإيقاف الصعود الإيراني، فبعدما أصبح الاتفاق النووي أمراً واقعاً عليها القبول به، تسعى السعودية في الوقت الحالي إلى تنفيذ خطة بديلة لتقليل المنافع التي من الممكن أن تحققها إيران من هذا الاتفاق، خصوصاً على الجانب الاقتصادي.

وأشار الكاتبان في التقرير إلى قيام السعودية بالتعاون مع حلفائها من دول الخليج بوضع عقبات أمام إيران بعدما مرّ الآن أكثر من أربعة شهور على رفع العقوبات من عليها، وذلك عن طريق تحكم السعودية في أسواق النفط لمنع إيران من الحصول على حصة أكبر.

وأوضح الكاتبان أن ما تقوم به السعودية ناتج عن قيام الولايات المتحدة بإعادة تقييم دورها في الشرق الأوسط، وانجذاب عدد من المستثمرين لإيران. إلا أن البنوك الأوروبية لا تزال متردّدة في القيام بأعمال تجارية في إيران خشية فرض عقوبات أميركية أخرى.

واقتبس الكاتبان عن بول بيلار الأستاذ في جامعة «جورج تاون» الأميركية، إذ قال: «الصراع حول وضع إيران في المنطقة ـ سواء ما إذا كان سيتمّ اعتبارها قوة إقليمية طبيعية أو سيتمّ استبعادها ـ من المرجّح أن يستمرّ خلال السنوات القليلة المقبلة. السعودية التي تنتمي للمعسكر المؤيد لاستبعاد القوة الإيرانية قد لا تفوز في نهاية هذا الصراع، لكنهم لديهم حلفاء يتمثلون في المتشدّدين في الولايات المتحدة ممّن يعارضون الاتفاق النووي».

ألقى التقرير الضوء على صراع السعودية مع إيران ـ اللتين تُعدَّان زعماء المعسكرين السنّي والشيعي في المنطقة ـ في حروب بالوكالة في سورية واليمن. ازدادت العلاقة المضطربة بين البلدين سوءاً عندما أعدمت الولايات المتحدة أحد كبار رجال الدين الشيعة في كانون الثاني الماضي، وردّ بعض الإيرانيين عن طريق الهجوم على السفارة السعودية في طهران، ما جعل السعودية تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

ازداد القلق السعودي بعد تخفيف العقوبات على إيران من أنها قد تستخدم عائدات الاستثمارت المحتملة لتعزيز مشاركتها في الصراعات الإقليمية، وهذا ما أدّى إلى محاولة السعودية منع قدوم هذه الاستثمارات.

تحدّث التقرير عن دبي باعتبارها مدينة اعتادت أن يكون لها علاقات وطيدة مع إيران، ولكن في الأيام الأخيرة بدأت دبي في فرض بعض القيود على تراخيص العمل الصادرة للمواطنين الإيرانيين، وإجرائها المزيد من التدقيق على الحسابات البنكية للإيرانيين.

كما أشار التقرير إلى استخدام السعودية لسلاح النفط ضدّ إيران، وذكر أنه قبل اجتماع لمنتجي النفط في الدوحة في نيسان الماضي لمناقشة تجميد الإنتاج، قال وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلتين مع «بلومبرغ» إن السعودية ستقوم بتجميد الإنتاج فقط إذا وافقت جميع الدول بما فيها إيران. كان هذا من أسباب فشل الاجتماع بسبب رفض إيران تقييد إنتاجها لأنها تحاول الانتعاش في السوق بعد سنوات من وقوعها تحت العقوبات.

«سياسة النفط كانت إحدى الأدوات، الأداة الأخرى هي التصدّي للاستثمار الإيراني في المنطقة. في عهد الملك سلمان، أصبح ذلك سياسة واضحة المعالم، من دون أيّ تردّد». هكذا قال مصطفى العاني مدير برنامج الأمن والدفاع في مركز الخليج للأبحاث.

قامت السعودية كذلك بمنع شركة «ماهان» الإيرانية للطيران من الطيران خلال المجال الجوي السعودي. كذلك حذّرت شركات تأمين الشحن البحري والسماسرة عملاءها من أن السفن التي تحمل النفط الإيراني لن يُسمح لها بدخول المياه السعودية أو البحرينية، وفقاً لتقرير أصدرته شركة «Control Risks»، وذكر تقرير «Control Risks» أيضاً أن السفن التي توقفت في أحد موانئ إيران باعتباره واحداً من آخر ثلاث نقاط توقُّف لها ستحتاج إلى الحصول على موافقة خاصة.

في نيسان الماضي، استدعى الأردن سفيره من إيران بعد وقت قصير من زيارة وليّ وليّ العهد السعودي. بعد ذلك بعشرة أيام، وقّع الأردن اتفاقاً يمهّد الطريق لاستثمارات سعودية بعدّة مليارات من الدولارات. وفي شباط الماضي، ألغت السعودية صفقة توريد أسلحة بقيمة ثلاثة مليارات دولار إلى الجيش اللبناني، وذلك بسبب خوفها من أن تصل إلى حزب الله المدعوم من إيران.

أكّد تقرير «بلومبرغ» أن التحرّكات السعودية تأتي نتيجة تغير دور أميركا في الشرق الأوسط، خصوصاً بعد الاتفاق النووي الإيراني. في لقاءات نشرتها مجلة «آتلانتك» قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن السعوديين عليهم أن يتقاسموا المنطقة مع إيران، كما وصف العلاقات الأميركية السعودية بأنها «معقدة».

ولمّح إلى عقبة تقف أمام السعودية وهي أن باقي دول مجلس التعاون الخليجي قد لا تدعم السعودية بشكل كامل. كانت البحرين هي العضو الوحيد في المجلس التي قامت بقطع علاقتها الدبلوماسية مع إيران مثلما فعلت السعودية. بينما قامت الكويت باستدعاء سفيرها في إيران في كانون الثاني الماضي، وقامت الإمارات بخفض تمثيلها الدبلوماسي في إيران. والجدير ذكره أن إيران كانت ثالث أكبر شريك تجاري للإمارات في عام 2015، بعد الهند والصين.

واختُتِم التقرير بتعليق للباحث البارز في معهد «رويال يونايتد سيرفسز» شاشانك جوشي إذ قال «لا نزال نرى خلافات كبيرة في مجلس التعاون الخليجي، فإيران لديها علاقات اقتصادية مع دول الخليج ولا أعتقد أن السعودية بإمكانها هدم هذه العلاقات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى