قراءة مغايرة تتوقع ذهاب لبنان لتطبيق المثل القائل: «اشتدي يا أزمة تنفرجي»

يوسف المصري

في مقابل نظرية سائدة منذ فترة تقول إن المرحلة المنظورة ستشهد إجراء انتخابات رئاسية أولاً، واستكمال تمديد ولاية مجلس النواب، توجد نظرية تقول: «لا انتخابات رئاسية ولا تمديد لمجلس النواب». بكلام آخر جعل البلد يدخل في فراغ كامل بدل نصف الفراغ الذي هو فيه الآن بسبب شغور موقع رئاسة الجمهورية.

ثمة أسباب عدة وراء ظهور هذا الطرح، أبرزها أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يسير بالتمديد الثاني لولاية مجلس النواب الحالية، من دون حصوله على ضمانات من فريق 14 آذار بأنها لن تقاطع أعمال المجلس التشريعية، بغض النظر عن الوصول إلى انتخابات رئيس للجمهورية من عدمه.

الخلفية الثانية تتعلق بوجود اعتقاد في 14 آذار يرى أن كل واقعة سياسية تجري في لبنان الآن هي ذات صلة بما يحدث في العراق. بمعنى آخر يرى هؤلاء أن إزاحة رئيس الوزراء نوري المالكي في العراق هو تنازل إيراني للسعودية سواء بالرضى أو غصباً، لأن ذهابه أي المالكي هو بالمحصلة من نتائج نجاح انقلاب الموصل ضد التفرد الإيراني في العراق، وأن إزاحته تشبه تداعي حجر الدومينو الأساس الذي ستنهار في أثره بقية الأحجار الشبيهة له غير المقبولة سعودياً، وذلك في كل من سورية ولبنان.

وتلفت هذه المصادر إلى كلام نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قبل يومين على شاشة تلفزيون المنار بخصوص أن لبنان ليس في مرحلة تسويات وأنه ليس صحيحاً الكلام الذي يتوقع حصول نصف إنفراجات هنا كنتيجة لتفاهمات إيرانية أميركية، لأن طهران بقرار

من السيد خامنئي لا تفاوض الآن واشنطن إلا على ملف واحد هو الملف النووي، وقبل إنجاز أي حل بصدده، لن يكون فوق المنضدة الإيرانية الأميركية أي ملف آخر.

وتضيف هذه المصادر أن أجواء لبنان، وعلى عكس ما يتوقع البعض أو حتى الكثيرين، ليست سائرة باتجاه إنفراجات جزئية وعلاجات سياسية مسكنة، كتمديد للمجلس النيابي إذا كان الثمن سلبه صلاحياته، أو انتخابات رئاسية كيفما اتفق، وذلك تحت التهويل بضغط أن التخلص من الفراغ هو أهم من الحرص على الإتيان برئيس يمثل الغالبية المسيحية النيابية على ما هو قائم في التمثيلين الشيعي والسني. بمعنى آخر – تشرح هذه المصادر- فان النواة الصلبة داخل فريق 8 آذار لن تتخلى عن ترشيحها لعون ولا ترى بديلاً عنه استطراداً إلا سليمان فرنجية، كونه امتداداً له تمثيلياً على المستوى المسيحي وأيضاً على المستوى السياسي.

وتتوقع هذه المصادر أن مفاجآت ستحصل داخل المناخ السياسي اللبناني في المقبل من الأسابيع، ستفرض نفسها كمسار مغاير لما هو متوقعاً الآن. وتعتقد هذه المصادر أن كلام الشيخ قاسم كانت أول نذره، وتلفت إلى أنه لا يقصد تصعيد الأزمة باتجاه المجهول، بل دفعها إلى درجة عالية من حرارة الفراغ الرئاسي والنيابي لكي تصبح قابلة لأن ينطبق عليها المثل الشعبي القائل: اشتدي يا أزمة تنفرجي. والانفراج هنا يكون بوضع الواقع اللبناني المشلول أمام ضرورة الذهاب لمعالجة جذرية له، وإفهام الطرف الآخر من المعادلة الإقليمية فيه أي السعودية بأن المظلة الإقليمية لا يمكن أن تأتي بنتائج على الساحة اللبنانية إلا إذا تم اكتمال عقد تفاهمها مع أطرافها الأخرى التي من بينها إيران وأيضاً سورية.

وتتوقف هذه المصادر وهي ليست من فريق 14 ولا 8 آذار، عند عبارة الشيخ نعيم قاسم من أن طهران تمد يدها للحوار مع الرياض، ولكن الأخيرة تتمنع. وتختم بحسب معلومات لديها بأن النواة الصلبة في 8 آذار تعتقد أن التسويات في لبنان ستظل غائبة في المرحلة المقبلة إلا إذا كان لشعار الاعتدال تطبيقات عملية إقليمية وداخلية من قبل الجهات التي ترفعه.

تختم هذه المصادر بأن لديها معلومات تؤشر إلى أن اللحظة اللبنانية ربما دخلت بعد تطورات الأيام الأخيرة الإقليمية منحى جديداً قد يشهد إعادة تقويم لها من غير طرف داخلي وخارجي وازن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى