لعبة دبلوماسية المعتقل التي تلعبها البحرين مع واشنطن
سايمون هندرسون ــ معهد واشنطن
في 31 أيار، أفرجت الحكومة البحرينية عن الناشطة الحقوقية البحرينية، زينب الخواجة، التي تحمل الجنسيتين الدنماركية والبحرينية، كاستجابة على ما يبدو لضغوط أميركية ودولية أخرى. وكان قد حُكم عليها بالسجن ثلاث سنوات في آذار المنصرم لتمزيقها صور للعاهل البحريني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وقد حققت قضية الخواجة، ابنة ناشط في مجال حقوق الإنسان يقضي حكماً بالسجن المؤبد، أهمية خاصة لأنها كانت محتجزة مع ابنها البالغ من العمر عاماً واحداً.
وجاء إطلاق سراحها بعد يوم واحد من صدور قرار الحكم بحق أحد زعماء المعارضة، الشيخ علي سلمان، بتهمة التحريض، حيثُ حكم عليه بالسجن لمدة تسعة أعوام وهو أكثر من ضعف فترة الحكم السابقة التي صدرت بحقه وأمدها أربع سنوات.
وعموماً، وُضعت واشنطن في مأزق، لأنها تريد تشجيع العملية السياسية في البحرين – التي يشعر غالبية سكانها الشيعة بأنهم مستبعدين من قبل العائلة المالكة السنية – مع الحفاظ على علاقات جيدة مع الحكومة، التي تسمح بقيام ديمقراطية محدودة. وفي الأشهر الأخيرة فقط تراجعت التوترات في الجزيرة بعد وقوع اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن عام 2011. وقد تجنبت القاعدة الأميركية وعدة آلاف العسكريين الذين يخدمون فيها من أن يصبحوا قضية سياسية، ولكن الموقع الإلكتروني للسفارة الأمريكية ما زال يُظهر خريطة تضم مساحات واسعة من القرى الشيعية في شمال الجزيرة التي يمكن للموظفين الذين يحملون الجنسية الأمريكية الوصول إليها بشكل دائم، في حين لا يمكن زيارة عدة مناطق أخرى إلا خلال ساعات النهار.
وفي حين تَعتبر الخواجة أن العائلة المالكة تشكل العائق الرئيسي للإصلاح في البحرين، إلا أن الشيخ سلمان هو الأمين العام لـ «جمعية الوفاق»، التي حصلت على ثمانية عشر مقعداً من أصل أربعين مقعداً في البرلمان الماضي، إلى أن انسحبت من المجلس النيابي احتجاجاً على حملة القمع التي جرت ضدها عام 2011.
ودعّا الشيخ سلمان «جمعية الوفاق»، التي هي الجماعة الشيعية الرئيسية في الجزيرة، إلى مقاطعة انتخابات عام 2014، بسبب فشل الحكومة في الوفاء بتعهداتها بتقسيم الدوائر بصورة أكثر عدالة. وكان قد اعتُقل في حزيران الماضي وصدر عليه الحكم أول الأمر في حزيران 2015. ولكنه استأنف قرار المحكمة، وفعلت الحكومة الشئ نفسه. وقد أرادت الحكومة فرض عقوبة أشد من قرار الحكم السابق.
وقال محامو الشيخ سلمان بأن تصريحاته قد أُخرجت عن سياقها. بيد، كان رأي الحكومة هو السائد. وسيظل الشيخ سلمان في السجن خلال الانتخابات المقبلة المزمع إجراؤها عام 2018، حيث كونه رجل دين يرتدي عمامة، فقد تم استبعاده على أي حال بسبب القانون الجديد الذي يمنع رجال الدين الذين يشغلون مناصب دينية، سواء كانوا من السنة أو الشيعة، من التدخل في السياسة.
وقد طغت التدابير المتخذة ضد الناشطين على الإجراءات القانونية التي اتُخذت ضد المؤامرة، التي نظمها أنصار تنظيم «داعش» والتي تم الكشف عنها في تشرين الأول الماضي، عندما تم القبض على ثمانية من المشتبه بهم، بينما تستمر مطاردة 16شخصاً آخر لضلوعهم في هذه القضية. وشملت المؤامرة احتمال قيام هؤلاء بشن هجمات انتحارية ضد أماكن العبادة، يُفترض أن تكون في المساجد. وعلى الرغم من أن المنامة تلقي اللوم على إيران باستمرار التحريض على الاضطرابات بين أبناء الطائفة الشيعية في البحرين، إلا أنّ المتطرفين السنة في الجزيرة يشكلون تهديداً مماثلاً وربما خطراً أكبر على الاستقرار في البحرين. ويقول مسؤولون في الجزيرة أنّ أكثر من مائة بحريني يقاتلون مع الجماعات الجهادية في سوريا والعراق كما أنّ نحو عشرين مقاتلاً لقوا حتفهم، بينهم عدداً من الذين كانوا قد خدموا ذات يوم في قوات الأمن في البحرين. ويشغل ضابط سابق في جيش الدفاع البحريني، تركي بن علي، منصب في القيادة العليا لـ تنظيم «داعش»، وتمّ إدراجه من قبل السلطات الأميركية على قائمة الإرهابيين المطلوبين – ولكن الحكومة البحرينية لم تُدرجه حتى الآن على قائمتها.
ومن المرجح أن يعيق الحكم الشديد الذي صدر بحق الشيخ سلمان، المحاولات الحالية التي تقوم بها الولايات المتحدة لتعزيز الإصلاح السياسي في المملكة. فعندما زار وزير الخارجية الأميركي جون كيري البحرين في نيسان المنصرم، شملت لقاءاته عقد جلسة مع قادة المعارضة، بينهم اثنان من «جمعية الوفاق»، أخبرهم خلالها عن «خارطة طريق» غير محددة تقوم الولايات المتحدة بإعدادها للانتخابات التي ستجري عام 2018. وفي وقت لاحق طلبت واشنطن من ولي العهد الأمير سلمان، الإبن الأكبر للملك ومؤيد للإصلاح، السفر إلى الرياض للقاء الرئيس اوباما خلال قمة «مجلس التعاون الخليجي» التي عقدت في ذلك الشهر نيسان 2016 .
وتنطوي السياسة في البحرين «على خلافات» بين المكونات وبين المتشددين والإصلاحيين، في الوقت الذي تقوم كل من إيران والمملكة العربية السعودية بمراقبة الأحداث عن كثب في الجزيرة، لكن من على الهامش. تحتاج واشنطن إلى إقناع المنامة بأنه من الضروري تحقيق تقدم سياسي من خلال زيادة الشمولية من أجل التغلب على أولئك الذين يسعون إلى المواجهة المباشرة