تقرير

ما زال نفوذ اللوبي المؤيد لـ«إسرائيل» في واشنطن موضوعاً للنقاش الحادّ في الولايات المتحدة. لكن، وبينما ينمو حال عدم اليقين في أنحاء كثيرة من الشرق الأوسط، وتزدهر الحرب الباردة الجيوسياسية والاقتصادية بين اثنين من أكبر الأطراف الإقليمية، فإن الحكّام في مختلف أنحاء المنطقة يتنافسون على نحو متزايد للفت انتباه المسؤولين الأميركيين المنتخبين.

تقرير نشره موقع «realclearworld» مؤخراً رصد فيه أجوبة حصل عليها من حوار أجراه مع جوليان بيكيت، مراسل صحيفة «مونيتور» في مقر الكونغرس الأميركي.

استعرض بيكيت في الحوار ملامح اللوبي العربي في الولايات المتحدة الأميركية، والأموال التي ترصدها الدول العربية لتحسين صورتها في أميركا، ولممارسة نوع من الضغط على صانعي القرار الأميركي لتحقيق مآرب مختلفة.

وفي ما يلي عرض لأهم الأسئلة التي طرحها موقع «realclearworld» وأجاب عليها بيكيت.

تلقّى اللوبي الموالي لـ«إسرائيل» الكثير من الاهتمام في الأوساط الصحافية والسياسية في السنوات الأخيرة، ولكن الأمر نفسه لا يمكن أن يقال عن جهود من دول الشرق الأوسط الأخرى. هل يمكنك أن تعطينا لمحة موجزة عن لوبي الشرق الأوسط في واشنطن؟

يبرز اللوبي المؤيد لـ«إسرائيل» في واشنطن لأنه متجذّر في التأييد الشعبي لـ«إسرائيل». وهذا يعطي جماعات مثل لجنة الشؤون العامة الأميركية «الإسرائيلية» «آيباك» النفوذ الهائل، ولكن يمكن أيضاً أن يعقد الأمور من خلال إرغامهم للبحث عن توافق في مواقف الحزبين الجمهوري والديمقراطي، خصوصاً في ما بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران.

أما الدول الأخرى فلا ناخبي الولايات المتحدة لديها في ترسانتهم. بدلاً من ذلك، فقد أجبروا على الاعتماد على جيوش من المسؤولين السابقين لتحقيق أهدافهم. أحياناً كثيرة في الشرق الأوسط، تشمل تلك الأهداف الحفاظ على الوضع الراهن أو محاولة إثارة بعض الجدل بدلاً من السعي إلى أيّ تطوّر إيجابي.

هذا ما ترونه الآن مع الحملة الواسعة للمملكة العربية السعودية والتي تبلغ قيمتها تسعة ملايين دولار سنوياً للحؤول دون صدور تشريعات تسمح لعائلات ضحايا أحداث الحادي عشر من أيلول لمقاضاة المملكة.

والأمر نفسه ينطبق على مصر. فمنذ أواخر عام 2013، ظلّت القاهرة تعمل مع مجموعة «غلوفر» للتخلص من حالة العزلة التي تلت إطاحة الرئيس محمد مرسي، ورفع جميع القيود المتبقية على المساعدات العسكرية والاقتصادية.

اللبنانيون، من جانبهم، يريدون حماية صناعتهم المصرفية من فرض عقوبات جديدة على حزب الله الشيعي. فيما تراقب دولة الإمارات العربية المتحدة عن كثب النقاش حول قانون إعادة تفويض بنك التصدير والاستيراد، والتي اعتمدت دولة الإمارات العربية المتحدة عليه على نطاق واسع للمساعدة في بناء صناعة الطيران لديها، والتي فاقت العالمية.

محاولات من أطراف أخرى تشمل محاولة من أكراد العراق لمزيد من الحكم الذاتي، وجهود «المعارضة السورية» لكسب التأييد ضد الرئيس السوري بشار الأسد مع مساعدة من اللوبي السعودي .

من بين أمور أخرى، تتبع صحيفة «مونيتور» لوبي الشرق الأوسط في مقر الكونغرس الأميركي. أي من بلدان الشرق الأوسط قد تفاجئ المراقب الأميركي بالنفوذ الكبير في واشنطن؟

المغرب قد تكون واحدة من الحالات الأكثر إثارة للاهتمام. فالمملكة تنفق ما يزيد عن ثلاثة ملايين دولار سنوياً على أكثر من نصف دزينة من شركات الضغط والعلاقات العامة. ناهيك عن التبرّع إلى مؤسسة كلينتون، لإعطاء صورة ودّية.

وللعلم، فإننا نتحدّث عن بلد فقير نسبياً والذي لا يزال مؤهلاً للحصول على منح «مؤسسة تحدّي الألفية».

يتم توجيه كل هذا الضغط لتحقيق هدف رئيس: الحصول على موافقة الولايات المتحدة ـ أو على الأقل قبول ضمنيّ ـ لاستغلاله في قضية الصحراء الغربية المتنازع عليها، حيث يطالب النشطاء الصحراويون منذ فترة طويلة بالتصويت على الاستقلال.

لاعب آخر مع تأثير أكبر وهو الأردن. وقد راهن الملك عبد الله الثاني على موقف المملكة الاستراتيجي وشعبيته الشخصية مع الكونغرس والسلطة التنفيذية للحصول على حزمة مساعدات بقيمة مليار وربع المليار دولار هذه السنة. لقد أشرت إلى عجز مصر عن تقديم تقارير وافية في شأن المساعدات الأميركية التي تتلقاها. أين تقف هذه المسألة؟ وهل يشعر الكونغرس باستياء متزايد من القاهرة؟

من المهم أن نتذكر أن التقرير الذي نتحدّث عنه كشف عن خطأ لدى إدارة أوباما، لا القاهرة. فالمسؤولون الأميركيون هم الذين من المفترض أن يلتزموا بقواعد الكونغرس عندما يمنحون المساعدات، والفشل في القيام بذلك بالتأكيد لوحظ من قبل المشرّعين في الوقت الذي يستعدّون فيه لكشف النقاب عن فواتير الإنفاق على المساعدات الخارجية للسنة المالية التي تبدأ مع بداية تشرين الأول المقبل.

أما في ما يتعلق بالتأثير الذي سيحدثه ذلك، فتلك قضية أخرى. الكثير من الجدل حول حقوق الإنسان. ونودّ أن نشير هنا إلى «قانون ليهي»، ونعني به هنا عضو مجلس الشيوخ باتريك ليهي من ولاية فيرمونت. ليهي هو زعيم الديمقراطيين في لجنة المساعدات الخارجية في مجلس الشيوخ، وكان في وقت سابق قد قاد حملة في الكونغرس لوقف المساعدات التي تتلقاها مصر، ولكنه أخفق من قبل ثلاثة من زملائه في مجلس النواب ومجلس الشيوخ عندما استعادوا قدرة وزارة الخارجية لتقديم المساعدات العسكرية حتى في غياب التقدّم على الديمقراطية وحقوق الإنسان في كانون الأول 2014.

وعلى وجه العموم، يئس الكونغرس من تحقيق مصر أيّ تحسن ديمقراطي في أيّ وقت قريب. بدلاً من ذلك، فإن المساعدات الأمنية السنوية التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار تهدف إلى مساعدة القاهرة لمواجهة تنظيم «داعش» ومنع الشركاء الآخرين، مثل روسيا، من ملء الفراغ.

ومع ذلك، فإن هناك شعوراً متزايداً بأن البلدان الأخرى في المنطقة هي أكثر «استحقاقاً» لدعم دافعي الضرائب الأميركيين. يمكن أن يؤثر ذلك على خطط إدارة أوباما المقبلة لمنح مصر 150 مليون دولار مساعداتٍ اقتصادية، وكثيراً ما يتم ذكر تونس كثيراً باعتبارها مرشحاً أفضل للبعض على الأقل لتلقي تلك الأموال.

هل منتقدو الاتفاق النووي الإيراني في الكونغرس في حال ترقّب وانتظار حتى وصول الإدارة القادمة، أم أن لديهم خطة للهجوم ضد الجمهورية الإسلامية؟

يسعى قادة الحزب الجمهوري في مجلسَي النواب والشيوخ بالتأكيد نحو اتخاذ مواقف حيال إيران. وحقيقة أن مجلس النواب ومجلس الشيوخ عقدا ما لا يقل عن ثلاث جلسات هذا موخراً في شأن الاتفاق وتنفيذه ينبغي أن تشهد على ذلك. أبرز الجمهوريين والديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية والعلاقات الخارجية في المجلس، يعملون معاً لعدة أشهر من أجل التوصل إلى تشريعات لفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب تجارب الصواريخ البالستية. وهناك أيضاً اتفاق واسع النطاق لتجديد صلاحية قانون العقوبات على إيران، وهو ما من شأنه أن يسمح للولايات المتحدة «بعودة» فرض العقوبات على قطاع الطاقة الحيوي إذا انتهكت طهران الاتفاق النووي.

صف دور الكونغرس في إقرار السياسات المتعلقة بسورية. وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر اتهم الكونغرس مؤخراً بالتدخل في التفاصيل الإدارية لجهود وزارة الدفاع الأميركية هناك. ما مدى دقة هذا الاتهام؟

دور الكونغرس الآن ردّ فعل بحت. جهود استباقية في محاولة لدفع الإدارة الأميركية نحو إقامة منطقة حظر جوّي أو إنشاء ملاذ آمن للمسيحيين وغيرهم من الأقليات.

ومع ذلك، فإن كثيرين من نواب الكونغرس يشعرون بالقلق من تسليم الإدارة شيكاً على بياض، خصوصاً بعد الفشل الذريع لوزارة الدفاع الأميركية في القيام بمهمة تدريب قوات «المعارضة السورية» وتجهيزها. وهذا هو السبب في أنهم يرغبون في الحفاظ على بعض الرقابة على حجم الأموال المخصّصة لبرامج التدريب.

أربعة وثلاثون مقعداً في مجلس الشيوخ ستشهد منافسة في خريف هذه السنة، جنباً إلى جنب مع جميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435. ما هي قضايا الشرق الأوسط التي قد تلعب دوراً بين الناخبين في المناطق والدول في جميع أنحاء البلاد هذا الموسم الانتخابي؟

يبدي الناخبون الأميركيون قليلاً من الاهتمام بتفاصيل السياسة الخارجية. بالتأكيد نجح دونالد ترامب في الاستفادة من الاستياء من الانطباع بأن «النخب» في واشنطن لم تتصرّف بالشكل الذي يتواءم مع مصالح الجمهور على الساحة العالمية.

الاتفاق النووي مع إيران ربما كان القضية المحدّدة الوحيدة في الشرق الأوسط التي قد تؤثر على التنافسات الانتخابية في جميع أنحاء البلاد.

الهجوم الذي استهدف المجمّع الدبلوماسي الأميركي في بنغازي عام 2012 قد يكون له حضور أيضاً، ولكن فقط بشكل عرضيّ باعتباره محاولة لوصف هيلاري كلينتون، التي كانت وزيرة للخارجية للدولة في ذلك الوقت، بأنها غير جديرة بالثقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى