الجيش السوري… يكتب النهاية لـ«داعش» ومن ورائها
د. خيام الزعبي
أكثر من خمس سنوات ولا تزال الحرب متواصلة على سورية، ولأنّ الحرب تنفذ بمخططات وأسلحة أميركية فإنّ من يقوم باستباحة دم الشعب السوري هي أميركا ومن خلفها إسرائيل وأدواتها من القوى المتطرفة… وهنا فإنّ جرائم داعش وحلفاؤها لا تحصى ولا تغتفر من التفجيرات والعبوات الناسفة في مدن مختلفة من سورية، مع فارق أنّ المؤشرات كلها اليوم في هذه الحرب تؤكد أنّ داعش على عتبة النهايات وأنّ الشرّ العالمي المجسّد في النظام الرأسمالي الأميركي الصهيوني في طريقه إلى الزوال، فالتساؤل المطروح هنا هو: هل تكون هذه المرحلة بداية النهاية لـ«داعش» الأكثر دموية في المنطقة؟ خاصة بعد صمود الجيش السوري في مواجة عدوان كان ولا يزال من أعقد وأشرس حروب التاريخ الذي استهدف الوطن والمواطن السوري.
هناك أخبار مؤكّدة عن تكبّد ميليشيات «داعش» في سورية لخسائر مهولة في الأرواح والعتاد وقد تمّت إبادتهم في مناطق متعدّدة من سورية، وإثر هذه الخسائر طلبت داعش من داعميها وحلفائها الاقليميين والدوليين، تمكينهم من ممرّ آمن للخروج من هذه المناطق باتجاه الأراضي العراقية، قبل عدة أيام رفرف العلم السوري في سماء عدة مدن سورية وانتشى السوريون بنصر لطالما انتظروه، وفي الوقت ذاته، كانت «داعش» وأخواتها تتجرّع مرارة أكبر هزيمة لها منذ أن زحفت على مساحات شاسعة في سورية منذ عام 2014، ولم تكن الهزيمة الميدانية في تدمر وحلب والغوطة بريف دمشق الضربة الوحيدة التي تلقاها التنظيم المتشدّد، فإعلان تحرير هذه المدن أعقبه تأكيد الجيش السوري، أنه قتل المئات من القادة البارزين في هذا التنظيم، وبذلك شهدت «داعش» تراجعاً كبيراً للمناطق التي كانت تحت سيطرتها بعد قطع جميع طرق الإمداد لها، وتلقى التنظيم ضربة قوية بخسارته لطريق سريع بين مدينة الرقة والموصل، بذلك أصبح من الصعب على «داعش» ربط خطوط إمداده بين أكبر معقلين له في سورية والعراق.
في سياق متصل بدأت نهاية «داعش» بعد أن فقدت ما يفوق الخمسين في المائة من الأراضي التي أحتلها منذ 2014 وهو العام التي عرف فيها أكبر توسّع جغرافي على حساب سورية، وبدأ انكسار شوكة الإرهاب في معظم المناطق السورية التي احتلتها المجموعات الإرهابية في الأسابيع الماضية جعل موقف الدول الداعمة لها تغيّر سياستها وخططها تجاه سورية، وأصبحت بوصلة تمويلها تتجه نحو تسقيط انتصارات الجيش السوري بعدما فشلت في تنفيذ أهدافها وخططها في سورية، وفي المقابل لم تصنّف «إسرائيل» «داعش» ولا غيرها من الجماعات المسلحة في سورية إرهابية، بل نسقا في ما بينهما، ويقوم رئيس الوزراء نتنياهو بمعالجة الجرحى من هذه الجماعات في المشافي الاسرائيلية، وبطبيعة الحال، لولا تواطؤ لاعبين دوليين وإقليميين في مجال دعم «داعش» وتأمين تحركاتها وتنقلاتها واحتياجاتها المالية، لما استطاعت أن تقفز من مجرد تنظيم إلى إعلانها عن دولة مترامية الأطراف بعد سيطرتها على بعض الأراضي السورية والعراقية ومدّ نشاطها إلى بعض الدول العربية والأوروبية. بذلك بدأت نهاية «داعش» ودقت ساعة الهروب لآلاف الإرهابيين باحثين عن فرصة للعودة الى بلدانهم الأصلية، بعد التقدّم والنصر الكبير الذي حققه الجيش السوري في جبهات القتال وخاصة في ريف دمشق وحمص وحماة ودير الزور وبعض المناطق الأخرى من البلاد، وبخسارة «داعش» لهذه المناطق، يكون التنظيم تلقى هزيمة كبيرة تجعل القوات السورية أكثر شجاعة وقوة، فزوال «داعش» مؤكد لأنّ هذا التنظيم يحمل في طياته كلّ أسباب انهياره لأنه اتخذ الترهيب والعنف والإكراه هدفاً له، كما يضمّ جماعات انتحارية لا هدف لها غير الذبح والتدمير.
إنّ المناوشات التي تجرى على الحدود التركية السورية لا تنذر بالخير، فوضعت تركيا وقادة استخباراتها الكثير من السيناريوات التي تشير إلى اقتراب الحرب مع الجانب السوري، وبدخول الدب الروسى على الخط، وتأييده المعلن لدمشق، نجد أنّ تركيا وحلفاءها مجبرة على تلقي التعليمات الروسية والرضوح لها، وكان الرئيس التركي أعلن عقب اجتماعه قبل أسابيع في موسكو مع الرئيس الروسي بوتين اتفاق الدولتين على إنشاء آلية لتنسيق في ما بينهما تجنباً لحالات «سوء الفهم» وحصول مواجهات، لكن ذلك لن يستمرّ طويلاً، نظراً لأنّ تركية اعتادت على أن تخلف الوعود، وبالتالى سيؤدّي ذلك للدخول في مواجهة مباشرة مع الجانب الروسي، في إطار ذلك تجد تركيا نفسها أمام مأزق حقيقي، كما أنّ التطورات الميدانية في الشمال السوري قد وجهت ضربة مُوجعة لأنقرة، لذلك فإنّ تركيا التي أدارت الصراع في سورية خسرت رهانها في سورية.
واليوم ينظر السوريون إلى يوم تحرير ما بقي من المناطق تحت سيطرة «داعش» حتى آخر شبر منها ورفع العلم العربي السوري فوق ثراها بعد تطهيرها من المجموعات المتطرفة، كما يجدّد السوريون إصرارهم على استكمال معارك التحرير، وتخليص سورية من إرهاب «القاعدة» وتنظيماتها المختلفة، والتي تتماهى اليوم مع الاعتداءات الإسرائيلية الغادرة على سورية بغطاء من أميركا والغرب، وتأييد من بعض العرب المتورّطين في المشروع الصهيوني.
مجملاً… إنّ سورية ستبقى صامدة بوجه الإرهاب لأنها قلعة منيعة على كلّ الغزاة المعتدين, وهي حكاية صمود لا مثيل لها في العالم، لذلك من حقنا ان نتفاءل بهذا العام، ويمكن ان نجعله عام القضاء على «داعش»، فالسوري لا يعرف اليأس وهو أهل للصمود والتحدي، وفي النهاية أقول: إنّ المخطط الإجرامي الأميركي لتفتيت دول الشرق الأوسط الى دويلات متحاربة واستخدام القوى المتطرفة والمجموعات المسلحة لتنفيذ هذا المخطط، ما هو الا محاولة يائسة لضمان مستقبل لـ«إسرائيل»، ولكن الضربة القاصمة التي تلقتها هذه المجموعات على يد الجيش السوري العظيم أجهضت هذا الحلم للأبد.
كاتب سياسي
khaym1979 yahoo.com