عاصفة الشمال السوري تستقبل رمضان… والحصاد يقرّر المسارات معسكر «أشرف» للنصرة وترشيح قهوجي… أطاحا الحريري.. وفقاً لجنبلاط
كتب المحرّر السياسي
كل شيء يقول إن معارك شمال سورية المؤجلة منذ الإعلان عن الهدنة في سورية نهاية شهر شباط، قد دقت ساعتها، فالثنائي التركي السعودي حشد كل ما يلزم لخوض آخر اختبارات القوة بدمج جبهة النصرة وسائر الجماعات المسلحة، وتقديم السلاح والمال وتأمين مرور الرجال، وما شهدته جبهات الريف الجنوبي منذ شهر تقول إن ما جرى إعداده جدي ويُؤخذ بالحساب، خصوصاً بعد معارك خان طومان وجوارها، بينما على ضفة سورية وحلفائها فقد منحت للعمل السياسي الذي أراده الروس كل الفرص والمهل لنيل تغطية أميركية وسعودية تركية لفصل النصرة عن سائر الجماعات المنضوية في العملية السياسية تحت لواء جماعة الرياض. ورغم فوز سورية وحلفائها بحرب تدمر بقوة الإفادة من الهدنة، بدا أن المزيد من الوقت يعني المزيد من الاستنزاف، وحصدت موسكو أكثر ما يمكن الرهان عليه من العمل السياسي بتغاضٍ أميركي عن حرب الشمال وعدم مشاركتها لحلفائها باعتبار الحرب مع النصرة حرباً على المعارضة، بل اعتبار الحرب على النصرة جزءاً من الحرب على الإرهاب ومراعاة لأحكام الهدنة والحرب على مَن ربط مصيره بالنصرة جزءاً من الحرب عليها.
المواجهات الدائرة على جبهات تمتدّ من الكستيلو شمال غرب حلب إلى ريفها الجنوبي وصولاً لأحياء الشيخ مقصود وبستان الباشا، ومثلها الغارات على مواقع قيادة ودفاعات النصرة في إدلب تقول إننا على موعد مع مواجهة ضارية تستهلك شهر رمضان وتزيد، وأن الحصاد النهائي لهذه المعركة سيحدد مصير المسارات المقبلة، فإن نجحت النصرة بفرض وجودها وتثبيت مواقعها، وتحوّلت المواجهة إلى حرب استنزاف تجمّدت تغييرات وفد الرياض التفاوضي، وبقيت المفاوضات معلقة، وإن فاز الجيش السوري وحلفاؤه، بالتلاقي مع الإنجازات على جبهة الرقة سيكون المسار السياسي محكوماً بالروزنامة التي فرضتها سورية وبوفد معارضة معدل يتناسب مع شروط صناعة حل سياسي يترجم بحكومة موحدة في آب المقبل تتولى مهمة ترتيب عنوان مرحلة سورية جديدة، يتصدرها نصر سورية والتسليم بقيادتها للحرب على الإرهاب، ومكانة الرئيس السوري التي تتصدر الموقف في كل حل سياسي.
على إيقاع ما تستعدّ له سورية يدخل لبنان في التشظي السياسي بالهزة التي أصابت تيار المستقبل وزعامة الرئيس سعد الحريري، بهجمات الوراثة من اليمين والشمال، بقيادة وتناوب الوزيرين أشرف ريفي ونهاد المشنوق، في ظل تخلٍّ سعودي، ترجم بترك مقار شركة سعودي أوجيه تقع تحت أيدي من يهاجمونها ويحتلونها، فيما يجري الحديث عن تفاوض على بيعها كشرط لإنقاذها، وما يتضمنه ذلك من إخراج للرئيس الحريري من معادلة الاقتصاد السعودي، بينما تولى السفير السعودي علي عواض العسيري الردّ على كلام الوزير نهاد المشنوق وتبرير التعامل مع الوزير ريفي بصورة منحت كلام النائب وليد جنبلاط أبعاداً تتخطى ما قاله، بمحاولة ربط تلميحاته بما جرى تداوله في الغرف المغلقة، عن رغبة وزير الداخلية السعودي ولي العهد محمد بن نايف بتبني ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية بدلاً من النائب سليمان فرنجية. وهذا معنى قول جنبلاط إن الهدف من حملة المشنوق هو سحب ترشيح فرنجية لمصلحة مرشح لا أعلم مَن هو. وبالمقابل على قاعدة تلاقي جناحَي الرياض على نهاية الحريرية، يتبنى الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي ولي العهد محمد بن سلمان حلاً سياسياً أمنياً للوضع في سورية يتضمن الحفاظ على مسلحي المعارضة ومنهم مقاتلو جبهة النصرة، في لبنان بعد رفض تركي وأردني، ويجري التداول بحل شبيه لمجاهدي خلق الإيرانيين في العراق عبر ما عُرف بمعسكر أشرف، وهو ما اعتبر الحريري أنه غير ممكن التسويق لبنانياً لا في عرسال ولا في سواها، خصوصاً في الشمال، فكان الرد بدعم ريفي الذي يتبنى الخيار، وهو ما لمح إليه جنبلاط بقوله إن ثمة شيئاً ما طلب من الحريري ولم يرضَه فقبله ريفي.
لم تعد الحريرية قادرة على النوم على حرير سعودي، وفقاً لكلام جنبلاط، فماذا عساها تفعل؟
جنبلاط: أقبل بعون إذا كان خلاص المسيحيين
رغم الاسترخاء السياسي الذي ساد الساحة الداخلية في نهاية عطلة الأسبوع، إلا أن البلاد لم تخرج من تداعيات «قنبلة» وزير الداخلية نهاد المشنوق حول ترشيح رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية وردود فعل الدول المعنية، كما لم تخلُ من مواقف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط النارية ورسائله المرمّزة في أكثر من اتجاه، فأكد أن «هناك ساحة صراع ساخنة لإسقاط سليمان فرنجية للوصول إلى مرشح رئاسي جديد. مَن هو لا أعرف»، وأضاف في حديث تلفزيوني: «كنتُ معارضاً لعون قبل المصالحة المسيحية وأسير به رئيساً إذا رأى المسيحي في لبنان أن مصلحته وخلاصه عون».
وقال جنبلاط: «مطلوب شيء خارجي من ريفي على ما يبدو لم يقم به الحريري، وتوجّه للحريري بالقول: «لا تعود للخطاب السابق بوجه حزب الله والشيعة حتى ولو لم يبقَ بقربك أحد»، مشيراً إلى أنه «إذا انزلق الحريري الى الخطاب الطائفي والتجييشي فما الذي يميّزه عن المشنوق وريفي؟ المطلوب أن يبقى معتدلاً». ورأى أن هناك تحجيماً لسعد الحريري، داعياً الأخير الى الحذر من محيطه، مشيراً إلى أن «ريفي والمشنوق لا يريدان لسعد الحريري أن يكون الزعيم السني الأوحد في لبنان».
.. والحريري يردّ
وردّ الحريري في تغريدة عبر «تويتر»، على كلام جنبلاط بالقول: «يا صديقي وليد بك، خطّ الاعتدال مش موقف أخذناه هو فعل قمنا به، الحسرة على يلي عم يقاتل في سورية واليمن، نحن مشوارنا طويل يا بيك بدّها صبر وحكمة».
.. و«المستقبل»: لن ننتخب عون
وأشارت مصادر نيابية في تيار المستقبل لــ «البناء» إلى أن «لا تعديل على مبادرة الرئيس سعد الحريري الرئاسية والتواصل مستمر بين الحريري ورئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية في الموضوع الرئاسي». وشدد على أن «المستقبل لم يغير موقفه من رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ولن ينتخبه في المرحلة الحالية ولا في المستقبل، لكن في حال تمّ التوافق عليه فتيار المستقبل لن يقاطع أي جلسة لانتخاب الرئيس، وإذا فاز عون فسنكون أول المهنئين». لكن المصدر «استبعد إحداث أي خرق على صعيد الملف الرئاسي في القريب العاجل».
.. ومبادرة فرنجية قائمة
وقالت مصادر مطلعة على الملف الرئاسي لـ «البناء» «إن مبادرة ترشيح فرنجية قائمة ولم يطرأ أي جديد عليها والأطراف الداعمون لها لم يغيّروا مواقفهم منها لا سيما رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، لكن العقدة تكمن باستمرار رفض العماد عون لها».
وأكدت المصادر أن «الحريري لا يزال يتمسك بهذه المبادرة ولا بديل عنها حتى الآن»، وأشارت إلى أن «الوزير فرنجية ومنذ البداية يقول إنه إذا رشح الحريري عون فلن يقف عقبة أمام ذلك».
«الكتائب»: لن نعطّل انتخاب الرئيس
وقالت مصادر نيابية في حزب الكتائب لـ «البناء» إن «الكتائب لن تنتخب فرنجية، لكن لن تعطل انتخاب الرئيس وما ينطبق على فرنجية بالنسبة لها ينطبق على عون، فلن تنتخبه إذا تم التوافق عليه، كما لن تعطل انتخابه»، لكنها أوضحت أن «عون يعتبر واجهة للمشروع الإيراني في لبنان وانتخابه رئيساً يؤثر على علاقات لبنان مع الخارج لا سيما دول الخليج، أما فرنجية فلا يأخذ لبنان إلى المواجهة مع الخارج». ولفتت المصادر إلى أن «علاقة الكتائب مع فرنجية جيدة، رغم بعض المحطات السوداء الماضية ولا تعارض وصوله للرئاسة، لكنها تؤيد انتخاب رئيس وسطي كقائد الجيش العماد جان قهوجي أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة».
.. وريفي ردّ على المشنوق
ولم تهدأ السجالات والتراشق الإعلامي بين المشنوق وتيار المستقبل وبين وزير العدل أشرف ريفي الذي ردّ في حديث تلفزيوني على المشنوق، معتبراً أن تبريره لترشيح فرنجية غير مقبول. وأوضح المشنوق كلامه الأخير حول مبادرة الرئيس سعد الحريري الرئاسية، وقال على «تويتر»: «صحيح أنني لا أمثل المستقبل في ما قلته، لكن كلامي يمثل الضمير المستتر للمستقبل، وقد حانَ الوقت لقول الوقائع، كما هي ودون مواربة».
وقالت مصادر مستقبلية لـ «البناء» إن «كلام المشنوق الأخير عن ترشيح فرنجية يأتي في إطار التحليل الشخصي وليس في إطار المعلومات والمستقبل أعلن ذلك وأصدر المشنوق بياناً توضيحياً».
.. وعسيري رفض كلامه
وأبدى السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، استغرابه لما صدر عن المشنوق بحق المملكة وتحميله مسؤولية الفشل السياسي للممكلة والقيادة السابقة لها، مضيفاً: «أن تأكيدات وصلتنا بأن لا علاقة له برئيس تيار المستقبل سعد الحريري ولا بتيار المستقبل»، لافتاً إلى «أننا نرفض أن تكون المملكة شمّاعة لمن يريد أن يلومنا على شيء لم يوفق على إنجازه في بلده».
وعن ريفي قال عسيري: «قبل أسبوع من العشاء الجامع كان ريفي وزوجته في ضيافتي إلى جانب عدد من الأصدقاء ووجّهت له الدعوة، ولكنني أحسست بعدم رغبته بالحضور، وبأن الأمر سيسبب له إحراجاً، ولذلك أعفيته من الموضوع»، لافتاً إلى أن «ريفي له مكانة في الحكومة اللبنانية وله دور في السياسة، ولكننا لا نتدخل في دعم فلان أو فلان للانتخابات. ونحن لا نتدخل بالشؤون اللبنانية الداخلية». وأكد عسيري أن «لا خلاف لنا مع الطائفة الشيعية، ومشكلتنا اليوم مع حزب الله الذي يقوم بتصرفات خاطئة». وتمنى عسيري أن «يتم انتخاب رئيس للجمهورية بأقرب فرصة، لأن استمرار الفراغ ستكون له تداعيات سلبية دبلوماسياً وغيرها».
جلستان للجان المشتركة
على صعيد قانون الانتخابات النيابية، تعقد اللجان النيابية المشتركة اجتماعاً يوم الثلاثاء المقبل على أن تعقد جلسة ثانية يوم الخميس بناءً على نتائج اجتماع الثلاثاء، وذلك لاستكمال البحث في القانون المختلط المقدّم من الرئيس بري والمختلط المقدّم من «المستقبل» و «الاشتراكي» و «القوات».
وأكدت مصادر نيابية مشاركة في الاجتماعات أن «المجتمعين حققوا في الجلسة الأخيرة تقدّماً لجهة تقسيم الدوائر وتوصّلوا إلى النقطة المركزية وهي دائرة بعبدا، وتوقف النقاش حول إلحاق بعبدا بالشوف وعاليه، كما ورد في مشروع الرئيس بري أم ضمها إلى المتن كما ورد في مشروع المستقبل – الاشتراكي -القوات؟». وأشارت المصادر إلى أن «المشروع الحكومي لن يطرح للنقاش في جلسة اللجان المقبلة».
حوري لـ «البناء»: نرفض المشروع الحكومي
وقال عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري لـ «البناء» إننا «إذا وصلنا إلى طريق مسدود في القانونين المختلطين فسنضع مجدداً الـ 17 مشروعاً على الطاولة». وشدّد حوري على أن «المستقبل ملتزم بالقانون الذي قدّمه مع «الاشتراكي» و«القوات» ولن يوافق على المشروع الحكومي، لأنه يتحدث عن نسبية كاملة، فيما المستقبل يرفض النسبية بمعزل عن عدد وتقسيمات الدوائر».
أمن الدولة إلى الواجهة
إلى ذلك تعود أزمة جهاز أمن الدولة إلى الواجهة مجدداً مع اقتراب موعد إحالة نائب مدير عام الجهاز العميد محمد الطفيلي إلى التقاعد الشهر الحالي.
وأوضح وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي لـ«البناء» أنه من «المبكر الحديث في هذا الملف، كما أن الموضوع بات في عهدة رئيس الحكومة الذي تعهد بإيجاد الحل المناسب وإخراجه من التداول السياسي والإعلامي والسجال بين الوزراء داخل مجلس الوزراء».
ولفت حناوي إلى أن «نائب المدير العام سيحال إلى التقاعد أواخر الشهر الحالي، وبالتالي سيعمل مجلس الوزراء حينها إلى تعيين نائب جديد بناءً على اقتراح رئيس الحكومة، لأن جهاز أمن الدولة يتبع قانوناً لرئاسة الحكومة».
وعن استمرار الأزمة بين المدير ونائبه في حال تعيين نائب جديد مكان العميد الطفيلي، لفت حناوي إلى أن «الحل بتطبيق القانون، كما ينص المرسوم التنفيذي لإنشاء هذا الجهاز والذي يقضي بأن أي قرار في الجهاز يحتاج إلى رأي نائب المدير»، واستبعد حناوي أن يتحوّل هذا الملف إلى أزمة جديدة في مجلس الوزراء».
.. وسدّ جنة إلى لجنة خبراء
وفي الموازاة يحضر ملف سد جنة مجدداً على طاولة مجلس الوزراء في جلسته الخميس المقبل، بعد السجال السياسي حوله بين الوزراء في الجلسة الماضية، وأشارت مصادر وزارية لـ «البناء» إلى أن «النقاش في مجلس الوزراء في الجلسة الماضية كان تقنياً وحول سلبيات وإيجابيات المشروع لا سيما لجهة الأثر البيئي والجيولوجي، رغم دخوله في السجالات السياسية»، وأوضحت المصادر أن «المشروع أقر سابقاً في مجلس الوزراء، لكن هناك بعض العقبات التقنية طرحها وزير البيئة محمد المشوق وتتم دراستها لاتخاذ القرار المناسب في الجلسة المقبلة»، مرجحة أن يتجه المجلس إلى تكليف لجنة خبراء يمكن أن تكون دولية للإشراف ودراسة المشروع وتعلن إذا كان تنفيذ المشروع صالحاً، نظراً لأهمية هذا المشروع الذي يدخل في إطار استراتيجية المياه».
لبنان يرفض كل أشكال التوطين
على صعيد آخر، تزايدت المخاوف من توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بعد تجاهل مؤتمر باريس للسلام الفلسطيني «الإسرائيلي» في بيانه الختامي «حق العودة» للاجئين الفلسطينيين، لكن مصادر وزارية، قللت من هذه المخاوف، موضحة لـ «البناء» أن «الدستور اللبناني واضح برفض كل أشكال التوطين على لبنان إن كان اللاجئون الفلسطينيون أو السوريون»، مشيرة إلى أن «مؤتمر باريس لم ينجح أصلاً لكي يفرض أي توطين على لبنان كما أن إسرائيل ومن خلفها أميركا لم توافقا عليه»، ولفتت إلى أن «مبادرة السلام العربية واضحة لجهة حق العودة ما يشكل ضمانة للبنان ضد أي نية دولية للتوطين».