إضعاف الوطن خط أحمر؟
عبد الحكيم مرزوق
التحليل السياسي الذي يقرأ الأحداث ويفكك بعض مفاصلها لا علاقة له بالتنبّؤات وبرغبات المجموعات أو الأحزاب التي توظف من يدافع عن وجهة نظرها، بل هو علم قائم بذاته مثله مثل العلوم الأخرى في العالم، فلا يمكن للألوان الرمادية فيها أن تبدو ساطعة مثل الحقيقة التي تظهر كالشمس الساطعة التي يحاول بعضهم تغطيتها بالغربال، لأنّ الفرز يبدو واضحاً بين الآراء التي تؤكد الهوية الوطنية من بين الآراء المغايرة المنحازة والتي تتلطى خلف مؤامرات ومشاريع مشبوهة تحاول النيل من الجميع ولن تكون رؤوس هؤلاء بمنأى عما جرى ويجري على الساحة من ممارسات يندى لها الجبين، والتي ليس لها عناوين سوى أنها تندرج ضمن الانحياز للمشاريع التي تريد إضعاف الوطن ومقاومته ضدّ العدو الأساس الذي زرع في المنطقة العربية ليكون سرطاناً ينهش في الجسد العربي كيف ما يشاء.
تلك الجماعات المشبوهة التي ارتهنت للخارج وللعمالة نراها تعمل مدعومة بمنظومة إعلامية جنّدت لهذه الغاية وقد اعتادت أو تعوّدت على الكذب في الليل والنهار… حيث تظهر اللعبة الإعلامية مصالح وأجندات خاصة للتشويش على بعض القضايا والأمور لتسويق الأفكار والآراء التي تخدم مصالحهم فيجتزئون من الأحداث ما يريدون ويقدّمون قراءة خاصة بهم وبالأجندات التي يحملونها غير عابئين بالوطن وبمصالحه طالما يقبضون أجورهم بالعملة الصعبة، وهم بذلك لا يختلفون عمن يحمل السلاح بوجه الوطن وبوجه أبنائه، ولذلك فإنّ الخاسر الأكبر يبدو في هذه الحالة الذي يُقتل أبناؤه خدمة لمصالح خارجية لا تفيده ولا تخدم نموّه وتطوّره، والمستفيد الأكبر يبدو العدو الذي يقف متفرّجاً وسعيداً من حالة الاقتتال هذه لأنها تتسبّب في ضعف ذلك البلد وتلهيه عن المواجهة معه فترة من الزمن.
الرأي الانطباعي، أو الرأي الشخصي لبعض الأفراد والأشخاص لا يمكن وبحال من الأحوال أن ينحاز إلا إلى جانب الحقيقة التي تدعو إلى قوة وأمن الوطن بالدرجة الأولى ولا تسير مع تدميره وقتل الأبرياء منهم وتفتيت وتقسيم أراضيه فهذه هي الخيانة بعينها، فحرية الرأي تكون في كلّ شيء إلا في مساندة الأعداء وإضعاف الوطن… فهي خط أحمر ولا يقبل بها أيّ رأي أو كلام له علاقة بالديمقراطية والحرية المزعومة.
كاتب وصحافي سوري
marzok.ab gmail.com