التسوية مع المسلحين أبقت خطر تهدد الإرهاب وتشجع على تكرار عمليات الخطف
حسن سلامة
ما حصل من تسوية غير مباشرة بين بعض الحكومة تحت مظلة تيار المستقبل والمجموعات الإرهابية المسلحة التي كانت شنت عدواناً على الجيش وأهالي عرسال عبر هيئة العلماء المسلمين طرح وما زال يطرح الكثير من التساؤلات حول تداعيات هذه التسوية وهل أنها كانت لمصلحة الدولة بدءاً بأجهزتها الأمنية؟
إذا كانت هذه التسوية وفق مصادر سياسية عليمة أدت إلى توفير الخسائر البشرية والمادية عن بلدة عرسال وعن الجيش، إلا أنها طرحت تساؤلات كثيرة في غير اتجاه وفي أكثر من مسألة تتعلق بحيثيات وأبعاد هذه التسوية وبالمخطط الذي كان يعده «داعش» للمنطقة ولبنان.
في المعطيات التي حصلت عليها المصادر فإن ما حصل يطرح أسئلة كثيرة، على المعنيين في الدولة وتيار المستقبل تقديم إجابات واضحة حولها وأبرز هذه الأسئلة الآتي:
هل أن هذه التسوية التي أدت إلى انسحاب المسلحين بهدوء تخدم الدولة ومعنويات أجهزتها الأمنية، خصوصاً أن الجيش دفع ثمناً غالياً في مواجهة العدوان الإرهابي من شهداء ومخطوفين؟
كيف يبرر بعض الحكومة لنفسه فتح حوار ولو غير مباشر مع مجموعات إرهابية، بينما يصم هؤلاء آذانهم على التعاون والتنسيق مع سورية الذي هو لمصلحة لبنان قبل أن يكون لمصلحة سورية سواء في ما يتعلق بمواجهة التمدد الإرهابي أو ما له علاقة بمعالجة مسألة النازحين السوريين؟ بينما ترتفع أصوات هؤلاء من أجل توسيع عمل القرار 1701.
لقد جرى تحويل خطر «داعش» وكأنها ذات بعد سياسي فقط من دون الأخذ في الاعتبارات الأمنية وما يشكله احتلال داعش وأخواته لمناطق لبنانية واسعة في جرود عرسال والجبال المحيطة. ولذلك ترى المصادر أن إخراج الإرهابيين من داخل بلدة عرسال أزال الخطر المباشر عن البلدة، لكنه أبقى خطر هذه المجموعات بحيث يمكن أن تكرر ما حصل في عرسال وإن بطرق مختلفة في بلدات ومناطق أخرى.
لقد أصبح العسكريون المخطوفون من خلال الحوار غير المباشر مادة للمساومة وابتزاز الحكومة بل إن هذا الحوار قد يكون على حساب السيادة والكرامة الوطنية وعلى حساب كرامة المؤسسة العسكرية. وكل ذلك تحت مبررات إنقاذ البلدة من الإرهابيين. ولذلك تبدي المصادر قلقها من أن تتحول التسويات والحوار غير المباشر إلى عمليات ابتزاز واسعة بل إلى إطارٍ من المفاوضات التي تطرح من خلالها الشروط والشروط المضادة ما يؤدي إلى استمرار خطف العسكريين، خصوصاً أن ما صدر عن بعض الحكومة، خصوصاً وزير العدل أشرف ريفي قد يبرر للمسلحين توسيع دائرة شروطهم. وتتساءل المصادر: هل إن الحكومة قادرة على الاستجابة لما قد تطالب به المجموعات الإرهابية. ولاحظت أيضاً أن قواعد المفاوضات باتت تختلف اليوم عما كانت عليه خلال محاصرة المسلحين في عرسال ما يعني أن المبادرة لم تعد بيد الدولة بل في أيدي المسلحين.
لذلك، فالسؤال الآخر، ما هي مخاطر تسوية عرسال ومعها الحوار غير المباشر لإطلاق سراح العسكريين المخطوفين على حصول تداعيات أمنية لاحقة؟
في المعطيات الأمنية التي يجري تداولها بين بعض القيادات الأمنية أن هناك أكثر من خطر قد ينتج من هذه التسوية التي حصلت مع المسلحين إلا أن هذه القيادات تتوقف عند خطرين رئيسيين:
الخطر الأول: يتعلق بتمركز ما يزيد على أربعة آلاف مسلح في جرود عرسال ومحيطها داخل الأراضي اللبنانية، بحيث أن هؤلاء المسلحين لم تعد لديهم ممرات آمنة للانسحاب باتجاه المناطق التي يسيطر عليها المسلحون في ريف حمص وما بعدها سواء من الزبداني أو القلمون. ولذلك يتحدث الأمنيون عن أن خطر هذا العدد الكبير من المسلحين ما زال قائماً وقد يعاود هؤلاء اعتداءاتهم على قرى المنطقة في أي لحظة يجدون فيها الظروف ملائمة، لذلك وبما يتناسب مع مخططهم بالتمدد نحو المناطق اللبنانية.
الخطر الثاني: إن التهاون مع الإرهابيين وفتح بازار الحوار معهم سيشجعهم على القيام بعمليات اعتداء وخطف عسكريين وحتى لمدنيين في غير منطقة وبالأخص في طرابلس وعكار وقرى الحدود الشرقية مع سورية عندما يريدون ابتزاز الدولة للحصول على مطالب معينة من بينها إطلاق موقوفين ينتمون إلى هذه المجموعات أو حتى الحصول على فدية مالية، وهذه المخاطر حذرت منها مراجع سياسية عدة من الرئيس نبيه بري إلى العماد ميشال عون وآخرين.