الجيش السوري يحسم المليحة حلحلة الرواتب تفتح الباب للسلسلة… والمجلس… فالرئاسة
كتب المحرر السياسي
الحسم الذي حققه الجيش السوري في المليحة شكل ضربة قاصمة لمشروع داعش كقوة إقليمية قادرة على التحرك حيث تشاء، وجاء الحسم تتمة لحرب القلمون وما حققه الجيش السوري بالتعاون مع وحدات حزب الله من هزيمة أظهرت داعش قوة مهجّرة تبحث عن الملاذ الآمن، وبعد المليحة وفقاً للخريطة العسكرية السورية، لا مكان لوجود النصرة وداعش في الغوطة، وأحياء دمشق القريبة من الوسط كحال جوبر، فعين ترما وعربين وسواها من المناطق ستتأثر حكماً بسيطرة الجيش على المفصل الحيوي الذي تشكله المليحة.
في لحظة هذا الإنجاز كان رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي يعلن انسحابه وإنهاء الأزمة السياسية والحكومية في العراق ويساند الرئيس المكلف حيدر العبادي، بما بدا أنه تقدم لمسار التسويات ونجاح لإيران في فكفكة العقد من طريق ولادة حكومة جامعة، تتمكّن من خلق مناخ سياسي عراقي قادر على التعبير عن الوحدة في وجه مشروع داعش تشترك وتنخرط فيه كلّ المكوّنات العراقية.
بالمقابل كانت غزة التي تعيش تمديد الهدنة، تتابع تفاصيل التفاوض الجاري في القاهرة حيث حملت الأنباء التي نقلتها قيادات في المقاومة لـ«البناء»، تأكيدات على تقدم المسار التفاوضي بعدما فشلت محاولات التشدّد «الإسرائيلي» في صناعة مشهد يسمح بابتزاز المفاوض الفلسطيني، ونقل قادة الوفد الفلسطيني عن الدور المصري تدخلات إيجابية لمصلحة التمسك الفلسطيني بفك الحصار، ورفض الحديث عن نزع سلاح غزة خارج إطار حلّ شامل يعيد الحقوق الفلسطينية، وخصوصاً بناء دولة على الأراضي المحتلة العام 67 عاصمتها القدس الشرقية.
دخل التفاوض في القاهرة بتحديد مدى مناطق الصيد البحري، وفتح المرفأ والمطار وشروطها، وتمّ الاتفاق على مفاوضات خاصة بالمرفأ والمطار بعد شهر من فك الحصار البري الذي انتصرت فيه الرؤيا الفلسطينية.
لبنان الواقف على كلّ خطوط التماس من وجود مقاتلي حزب الله في معركة المليحة ومعارك القلمون، إلى دور مريديه ومؤيديه من العراقيين في حماية بغداد، هو لبنان الذي تلقى عودة الرئيس سعد الحريري بأسئلة استكشافية لمضمون الصيغة السياسية التي سيحملها بين التقدم الإيجابي نحو الحلحلة أو التصعيد أو المراوحة في المكان.
رفع الرئيس نبيه بري سقف موقفه نحو رفض البحث في تمديد ولاية المجلس النيابي، وصار الفراغ مرشحاً للتمدّد إلى البرلمان بعد الرئاسة، فقبل الحريري بصدور مشروع قانون عن الحكومة لتسديد قيمة الرواتب، بعدما عطلت كتلته هذا المشروع لأسابيع، وفتح الباب للتشريع في ظلّ الفراغ بعدما كان الرئيس فؤاد السنيورة قد رسم خطاً أحمر تحت هذا الخيار.
ما بعد قانون الرواتب تشريعياً سيفتح الباب لبحث جدي وجديد في سلسلة الرتب والرواتب كما قالت مصادر وزارية قريبة من الحريري لـ«البناء»، وهذا يعني أنّ الحريري فهم رسالة بري وأجاب عليها إيجاباً، على أمل أن يفتح ذلك باب التفاهم على تمديد ولاية المجلس النيابي وتالياً التعامل المشترك بتعاون جدي لحلحلة في المسألة الرئاسية، التي تستدعي كما تقول مصادر النائب وليد جنبلاط أن يسبقها لقاء يجمع الحريري بالسيد حسن نصرالله.
السيد نصرالله المعنيّ بالملف الأمني في لبنان وسورية وغزة والعراق، معنيّ بالملف السياسي اللبناني وإشاراته الإيجابية، وسيتحدّث اليوم في ذكرى نصر تموز ممهّداً الطريق للتفاهمات الداخلية على خلفية أنّ المقاومة للعدوان «الإسرائيلي» والتكفيريين هي واحدة ولا تتجزأ، وأنّ على اللبنانيين أن يدركوا أنّ حزب الله ترجم وطنيته اللبنانية في المعركتين اللتين استنكف الكثيرون عن خوضهما، وشككوا في خلفياتهما اللبنانية.
الوضع الأمني وتسليح الجيش
أما داخلياً، وفيما يبقى تحريك المؤسسات الدستورية بدءاً من مجلس النواب ينتظر عودة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى بيروت مطلع الأسبوع المقبل، لاستكمال البحث بين المراجع المعنية في المقاربات التي تفضي إلى إعلان التمديد لمجلس النواب، بقي الوضع الأمني في أولوية الاهتمامات سواء من باب المساعي لتسليح الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، أو من باب المفاوضات التي تجريها «هيئة العلماء المسلمين» مع المجموعات الإرهابية لتحرير العسكريين المحتجزين. وفي هذا الإطار، برزت أمس محاولات هذه المجموعات ابتزاز السلطة السياسية عبر إبلاغ «هيئة العلماء» اعتراضها على ما يقوم به الجيش اللبناني من مداهمات لبعض مخيمات النازحين السوريين وتوقيفه مطلوبين أو ما صدر عن قاضي التحقيق العسكري القاضي صقر صقر من قرارات بالادعاء على السوريين وبينهم الإرهابي عماد جمعة.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن فريق 8 آذار يرفض عملية التفاوض مع المسلحين وهذا الموقف تبنته الحكومة مجتمعة إلا أن عملية التفاف حصلت حول هذا الموضوع من قبل رئيس الحكومة تمام سلام ووزيري العدل والداخلية أشرف ريفي ونهاد المشنوق، قطعت الطريق على الاندفاع العسكري الذي سجل إنجازات ميدانية كبرى سواء على صعيد العمل المدفعي أو الوحدات الخاصة. ولفتت المصادر إلى أن وزراء 8 آذار والتيار الوطني الحر، كانوا على حق في مجلس الوزراء، عندما أكدوا ضرورة إطلاق المخطوفين قبل وقف إطلاق النار، إلا أن التفاوض الجانبي الذي قادته «هيئة العلماء المسلمين» بالتعاون مع تيار المستقبل أدى إلى مغادرة المسلحين مع العسكريين إلى خارج الأراضي اللبنانية.
ورأت مصادر أخرى أن المقايضة ليست هدف المسلحين، فهؤلاء يفاوضون على تأمين ممر آمن لهم للذهاب إلى منطقة في سورية تخضع لسيطرة المسلحين على غرار ما حصل في بعض أحياء حمص القديمة.
من جهة أخرى، أفادت الراهبة اغنيس عن وجود «ما بين 2000 و2500 نازح سوري على تلة مشرفة على عرسال، لا يتلقون أي مساعدات لأن المنظمات غير الحكومية غير قادرة على الوصول إليهم، كون المنطقة تعد حالياً منطقة عسكرية.
وأوضحت: «أن هؤلاء كان من المقرر أن يكونوا برفقة دفعة أولى من 1700 لاجئ سوري غادروا عرسال إلى سورية، إلا أننا لم نتمكن من استقبالهم، لأن أهالي عرسال رفضوا عودتهم، والجيش اللبناني لم يسمح لهم بالوصول إلى بلدة راس بعلبك».
قهوجي: لا تفاوض مع خاطفي العسكريين
وكان موضوع الإجراءات الأمنية في عرسال والعسكريين المخطوفين بالإضافة إلى تسليح الجيش، مدار بحث أمس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد جان قهوجي. وعلمت «البناء» أن قهوجي أبلغ بري أن قرار الجيش عدم التفاوض في موضوع المخطوفين العسكريين. كما وضع قهوجي بري في أجواء عرسال وموضوع الهبة السعودية الأخيرة والهبة الأولى وقيمتها ثلاثة مليارات دولار. وعلم في هذا السياق أن ما يعيق تنفيذ الهبة الأولى تعقيدات وعراقيل فرنسية، إضافة إلى تعقيدات إدارية سعودية.
وزار السفير الأميركي ديفيد هِلْ السراي الحكومية أمس وأكد للرئيس سلام التزام بلاده دعم لبنان معلناً عن تقديم ذخيرة إضافية وعتاد لعمليات الجيش اللبناني القتالية الهجومية والدفاعية لتعزيز قدراته على تأمين الحدود وحماية اللبنانيين ومحاربة الجماعات المتطرفة العنيفة. وأوضح أن المساعدات العسكرية الأميركية ستبدأ بالوصول خلال الأسابيع القليلة المقبلة وتستمر خلال الأشهر المقبلة، لتمكين الحكومة من تنفيذ قرارات مجلس الأمن 1559 و1701.
بدوره، أبلغ السفير البريطاني في لبنان طوم فليتشر العماد قهوجي بأنّ المملكة المتحدة ستعمل بسرعة لتوفير حماية بالستية إضافية للبنية التحتية للجيش اللبناني في أنحاء مدينة عرسال، كما أبلغه بالحزمة الإضافية للمساعدات البريطانية.
لا رئيس قبل نهاية أيلول
أما في الشأن السياسي، فقد أكدت مصادر تيار «المستقبل» أن زيارة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل إلى جدة جاءت متأخرة. وأشارت إلى أن الزيارة هي الأولى له إلى السعودية متسائلة إن كانت الزيارة تعني تغييراً في النظرة إلى السعودية ومحاولة لترتيب الأوضاع، لعلم رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون أن ليس باستطاعته الوصول إلى بعبدا من دون أن يبني علاقة جيدة مع الرياض في هذه الظروف، ولا سيما أن الأمور تغيرت، فهناك حركة إقليمية من يتجاهلها سيدفع الثمن.
وأشارت أوساط إلى أن لا رئيس للجمهورية قبل نهاية أيلول المقبل إلا إذا تراجع عون عن ترشحه، أو نصحه حزب الله بذلك، كما نصحت إيران الرئيس نوري المالكي بالانسحاب. وإذ أشارت إلى أن لقاء باسيل- الحريري ليس بجديد، فالرجلان التقيا مراراً في العاصمة الفرنسية، رأت أن اللافت توقف باسيل في السعودية قبل انتقاله إلى الأردن بالتزامن مع وجود الحريري.
وفي الموضع الرئاسي، كان لافتاً أمس تصريح النائب ميشال المر بأن «أيلول طرفه بالشتي مبلول» في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية.
لسلسلة تنتظر عودة الحريري
وتحدثت بعض المعلومات عن اتصالات على مستوى الأطراف السياسية لمناقشة بعض الاقتراحات التي من شأنها أن تجد مخارج للملفات السياسية والدستورية. وأشارت إلى أن هذه الاتصالات لم تثمر وبقيت في إطار محاولات تقريب وجهات النظر، وأن الملف الذي قد يفضي إلى حل من ضمن الملفات الشائكة هو ملف سلسلة الرتب والرواتب الذي بات ضاغطاً على جميع القوى السياسية، وأنه ينتظر عودة الحريري من السعودية لمتابعة التواصل معه في شأن عقد جلسة لمجلس النواب لإقرار السلسلة.
بهية الحريري تلتقي بري
وعلم في هذا السياق، أن رئيس لجنة التربية النيابية النائب بهية الحريري وبطلب من الرئيس الحريري طلبت موعداً من الرئيس بري وهي ستزوره خلال الساعات المقبلة بعد أن حدد لها موعداً للبحث في ملف السلسلة. وأوضح بري أمام زواره أمس أن لا إشارات جدية لانعقاد مجلس النواب من أجل التشريع. ولاحظ أن بت السلسلة يمر عبر أحد خيارين: إما تخفيض قيمتها عشرة في المئة وتقسيطها، وإما زيادة واحد في المئة على ضريبة القيمة المضافة من دون تخفيض السلسلة وتقسيطها، مؤكداً أن لا خيار ثالثاً غير ذلك.
وجدد بري في مجال آخر، موقفه الرافض للتمديد للمجلس النيابي، وعندما سئل عما أعلنه الحريري من أنه مع التمديد قال: «الحريري صرّح أنه مع التمديد وأنا صرحت أنني ضد التمديد».
في موازاة ذلك، وافق مجلس الوزراء على الهبة السعودية المتمثلة بقيمة مليار دولار للجيش وقوى الأمن والأمن العام. وفيما أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق «أن أموال الهبة السعودية ستودع في المصرف المركزي وتصرف لدعم الجيش والقوى الأمنية بشفافية تامة وفق صيغة يعدّها قانونيون»، أكد وزير العمل سجعان قزي أن مجلس الوزراء وافق على قبولها كهبة «عينية».
واعتبرت مصادر وزارية لـ«البناء» أن الهبة العينية تعني وضع اليد من الرئيس الحريري عليها، بعكس الهبة المالية التي يتولى مجلس الوزراء الإشراف على صرف اعتماداتها.
وتطرق مجلس الوزراء إلى قضية العسكريين المحتجزين لدى المجموعات المسلحة معتبراً أن التداول الإعلامي في هذا الموضوع يؤثر سلباً على مساره. وأكد قزي لـ«البناء» أن الحكومة لديها الضوء الأخضر لإجراء الضروري لإطلاق سراح المخطوفين العسكريين الذي لا يعني القبول بشروط المجموعات المسلحة المتعلقة بإطلاق موقوفي سجن رومية.
وشدد المجلس على قراره السابق بتفويض وزير التربية إصدار الإفادات من أجل إنقاذ مستقبل الطلاب. وأكدت مصادر وزارية في 14 آذار لـ«البناء» أن الحل النهائي والمرجح هو إعطاء الإفادات لأن السلسلة لن تقر، وهيئة التنسيق لن تتراجع عن المقاطعة.
واستغربت مصادر هيئة التنسيق عودة الوزير بوصعب إلى تحميل الهيئة مسؤولية قراره بإعطاء الإفادات، وقالت إنه كان على وزير التربية أن يتحدث بوضوح عن أسباب المشكلة، ومن يتحمل مسؤولية تعطيل التصحيح وإلغاء الشهادة الرسمية، لأنه يعرف جيداً أن الذي أوصل الأمور هم الذين يعرقلون إقرار السلسلة. وأكدت المصادر أن إعطاء الإفادات سيضرب التربية والشهادة الرسمية.