السيناريو العراقي لن يمرّ في اليمن
علي القحوم
عندما نأتي لنقرأ المشهد اليمني لا بدّ من قراءة المحيط المجاور له، ولا يجوز أن نفصل ما يجري اليوم في المنطقة بما هو جاري اليوم في اليمن لأن له علاقة كبيرة بما هو حاصل في المنطقة. ولذلك القوى الاستكبارية تسعى دائماً إلى رسم معادلات جديدة من خلال ورقة التكفير وما يسمى بـ»القاعدة» وأخواتها كما هو حاصل في العراق وسورية ولبنان ومصر واليمن وليبيا وتونس وغيرها… وهذا من اجل تقسيم المقسم وإعادة رسم الخريطة من جديد لتصبح بعد ذلك تلك المعادلات الحاكمة للتوازنات الجديدة في العالم والمنطقة. وتكون أميركا ودول الاستكبار العالمي هي المهيمة على العالم ويكون أي تغيير أو استقرار إقليمي تحت المظلة. ومن ثم تبدو قائمة على ثابتة واحدة هي الخروج التدريجي من المواجهات المباشرة إلى الزجّ بعملائها وعناصرها الاستخباراتية التي جندتها منذ زمن بعيد… لتكون وقوداً لحروب أميركا في المنطقة وتحصد أميركا الثمار بأقل الأضرار لتفادي الدخول في حرب مباشرة يكون مصيرها الخسران والهزيمة كما حصل لها في العراق سابقاً. وهي من ذلك مستفيدة من رسم حدود أرصدة موائد التفاوض أو ما أنجزته عناصرها الاستخباراتية المسماة «القاعدة» في محاولة لإثبات قاعدة تفادي كل أخطار المواجهات الشاملة. ومن ثم يصير الزمن اللازم لنهاية المسارات مقبولاً مهما طال الانتظار، فهو ليس عاملاً ضاغطاً لسرعة الإنجاز تحت ضغط الحاجة أو القلق وليس بين العوامل التي يمكن أن تشكل عاملاً حاسماً في رسم النتائج. ويصير المنطق الحاكم دعوا الأمور تبرد تدريجاً والمعادلات تقول كلمتها تحت سقف الخطر من دون تخطيه ولا مشكلة أن ننتظر مدة زمنية تقل أم تكثر حتى تختمر النتائج فكلّ شيء يستطيع الانتظار.
في المقابل كل المعطيات تؤكد أن العامل الخارجي هو من يعبث بأمن واستقرار البلد بالتنسيق مع بعض الأيادي العميلة في السلطة ولذلك هي محكومة بثنائية قاسية طرفها الأول الهيمنة التي يفرضها الخارج على الداخل ليصبح بين ضفتين ضفة الصراع الداخلي – الداخلي الذي يختلقه المحتل ويزرعه بين فئات الشعب والضفة الأخرى الصراع الموجود اليوم في المنطقة بين أميركا وإيران. ففي ظل هذه المعادلات تصير الحركة السياسية والإعلامية النشطة غير مؤهلة لإحداث الاختراق المنشود، ومن ثم يتبلور المشهد اليمني ليرسم قاعدة حتمية انه لن يستقر ما دام الأميركيون ودول الاستكبار العالمي لهم اليد الطولى فيه، ولذلك لا بد من قطع هذه اليد ليصبح لليمن أمنه ومستقره ولكي لا تنحدر نحو الانهيار الدراماتيكي.
فلا غرابة لما حصل للجنود في حضرموت، فهناك من يسعى إلى تطبيق السيناريو العراقي في اليمن، سيما النظام السعودي وأميركا يعملان لخلط الأوراق وإثارة الفتنة ونشر الفوضى في محيط المملكة وشبه الجزيرة العربية تحت عنوان مشروع أميركا الجديد بين قوسين المشروع التكفيري التدميري الذي ضرب اليمن والمنطقة، ولهذا لا يكفي أن نستنكر فقط لما جرى للجنود في حضرموت بل يتطلّب مواقف شعبية وحراكاً كبيراً ضدّ ممولي مشروع التكفير الأميركي وواجهته الرسمية والسياسية والإعلامية وهم معروفون ولا يستطيع احد نكران دورهم وإجرامهم بين هلالين، هم «إخوان اليمن» الداعشيون الذين يعملون ليلاً ونهاراً جنباً إلى جنب مع الاستخبارات الأميركية لعرقنة اليمن. ولهذا يتطلب الموقف من أبناء شعبنا اليمني لأنه لا رهان على حكومة الظلم والطغيان فهي ضالعة في هذه المؤامرة. فالأمل كل الأمل على شعبنا وحراكه السلمي من اجل إسقاط هذه الحكومة الظالمة والعميلة. والتحرك في تحرير المؤسسات العسكرية والحكومية من سيطرة القوى النافذة وقيادات الإخوان الداعشية وتقديمهم للمحاكمة لأنهم من يسهّلون ويؤمّنون لهذه العناصر الاستخباراتية التنقل بين المحافظات اليمنية ويمنحونهم ترخيصات حمل السلاح ويفتحون لهم مخازن الجيش ليستهدفوا أبناء الشعب اليمني في الشمال والجنوب.
فمسلسل استهداف المؤسسة العسكرية له المدلول الواضح في ضرب هيبة الجيش والقوى العسكرية والأمنية وتقديمها عاجزة لا تستطيع أن تدفع الخطر عن نفسها، فما بالك بدفعها للخطر القادم على شعبنا وبلدنا العزيز وهذا من اجل أن تتمكن أميركا أكثر وان تهيمن أكثر، حيث عملت أميركا في اليوم نفسه الذي قامت عناصرها بجريمة ذبح الجنود بغارة جوية في مأرب. وهذا خلط للأوراق وتخويف للشعب بأن ما جرى للعراقيين سيجري عليهم، فهل سنتحرك قبل فوات الأوان سيما ان هناك من يدعوا إلى تسليم مدن ومحافظات جنوبية للعناصر التكفيرية والأجنبية كما حصل في العراق، حيث ان «إخوان اليمن» بعد اندحارهم مع دواعشهم وعناصرهم التكفيرية من عمران هدّدوا الرئيس هادي بتسليم محافظات جنوبية للعناصر الخبيثة المسماة «القاعدة» وتصبح كالموصل ونينوى وغيرها من المدن العراقية…
في المقابل هناك اختلاف في الوعي الشعبي لأن العراقيين كانوا ضحية للتضليل وثقافة القعود وشتان ما بين الشعب اليمني والعراقي، فالشعب اليمني وبفضل الله بات يعي كل الأخطار ويتحرك في إفشالها وقطع دابرها ويتحصن بثقافة القرآن التي جعلت منه حصناً منيعاً لا يستطيع الأعداء خرقه او دخوله. فستفشل أميركا وتحرق أوراقها وتقطع الأيادي العميلة ولن يسكت الشعب اليمني على جرائمها، وبما أن الشعب اليمني مسلح ويحمل الثقافة الصحيحة والوعي الكافي لأن يتحرك فسترى أميركا وعملاؤها ما لم تره في العراق وسورية لأن الشعب اليمني لن يقبل بها ولا بعملائها وبلادنا ليست أرضاً خصبة لطفيلياتها وجراثيمها الخبيثة…
alialsied gmail.com