صباحات
للمتأهّبين لصيام رمضان تفحّصوا على ألسنتكم صدق القول في مجالسكم أو في سرّكم، خصوصاً الصدق في أحكامكم على الغير، وبالأخص الأقربين لكم، وأن رسالتكم بالقول في الصغيرة والكبيرة ليست ترفاً بل هادفة لصنع الخير، قبل تفحّص مواعيد الإفطار والإمساك وقبل تفحّص جدول المفطرات والتقيّد بالمحرّمات والمستحبّات. تأملوا لحظة من النهار في ذلك وكونوا صادقين مع أنفسكم وقولوا هل فعلتم؟ هذا هو جوهر صيام رمضان. أما صلته بالطعام فليست في انتظارات الأطعمة ومتنوّعاتها، بل في تذكّر ما حرّم منها، وفعل الممكن لتعويضه بما تيسّر ومشاركته بما نفطر. فهل فعلتم؟ سؤالان رمضانيان يكتمل بهما شهركم أعاده الله عليكم باليُمن والبركات، وعلى أمتنا وسوريانا ومقاومتنا بالنصر المؤزر. دعاء الشهر الذي لا ينسى هو الدعاء للجيش والمقاومة بالنصر. صباحكم خير. صاروا ثلاثة للتذكر.
محمد علي كلاي أسطورة الملاكمة والشخصية الرياضية العالمية هو أحد الأيقونات. والأيقونة هي اسم يمتلك الشهرة ويصير برمزية مكانته مسموعاً ومؤثراً. في ساعة الرحيل نتذكر كم منحنا شعوراً بالقوة بكلماته بحق «إسرائيل» وصورته التذكارية مع جمال عبد الناصر في زمن العرب الصعب، وكم كان كلامه عن الإسلام شعوراً بالفخر لكل مسلم ودعوة للغرب للنظر بعين التفهم والتعمق نحو عالم الإسلام والمسلمين. ورغم سنين المرض الذي تحوم حول أسبابه أسئلة كبيرة عن دسّ عقار خبيث في جسده، بقي كلاي مخلصاً لما وعد. وفي يوم الرحيل نحزن لفقدان العالم هذه الروح الإنسانية الشفافة المخلصة لهوية الإنسان، والتي استقوت على بريق الشهرة لتجعله نوراً مشعّاً للخير الحق والسلام. ربما لو زار تمثال المحرقة كانوا وجدوا له الترياق لشفائه من السمّ الذي زرعوه فيه وصوّروا آلاف الاعلانات التي تدرّ الملايين. رحمك الله أيها البطل فقد استحققت اللقب.
للذين يلاقون صباحهم بلا ابتسامة مشرقة ويعيشون بعضاً من الكآبة أن يعلموا أنها شعور غامض بحزن مقيم، لا رابط له بحدث فوريّ طازج. وهي نتاج إحباط أو ندم أو فشل، وغالباً خليط من كل صنف حبّة. وطريق الخروج الآمن التواضع والتخلي عن الغرور والقبول بأن ما مضى صار من الماضي، وأن المستقبل يصنع بالواقعية والهدوء والرضا، ومعها الابتسامة، وأن المستقبل لا يتصل بالماضي إلا بالحاضر، والحاضر هو هذه اللحظة بالذات. فلتكن بداية جديدة. فالثقة بالنفس هي هنا في الإرادة لا في العقل، أي في التقييم والتحليل للذات بمقدرات افتراضية تقع بملامسة الغرور. في كل لحظة قادرون على البدايات الجديدة. هو الصباح لكم.
اجتمع ثلاثة مسلمين في الاغتراب على إفطار في بيت أحدهم. وبعد الإفطار تسامروا على كيفية تمضية الشهر. فقال الأول إنه يمضي صيامه حتى السحور فيفطر على خبز وماء وبضع حبّات تمر تيمّناً بالرسول الأكرم وتحقيقاً لفوائد رمضان الصحية الاي أرادها الخالق، وشعوراً مع الفقراء والمحتاجين. وقال الثاني إنه لا يفطر إلا على الماء تضامناً مع عطش الإمام الحسين في كربلاء. وقال الثالث إنه يقيم عشاء بيته التقليدي في رمضان كأنه يوم عادي ويدعو إليه كل يوم عشرة أشخاص من أهله وأقاربه وجيرانه ومعارفه والأيتام من دار قريبة حتى يتم الشهر. فمن أقرب إلى معاني رمضان؟ قال الصباح. ليس المهم جوابكم بل من هو قدوتكم الذي ستقلدونه في هذا الشهر، لأنكم بالتأكيد ترفضون أن تكونوا مع رابع يقيم الولائم ويتباهي بصنوف الطعام ويعدّ ما تبرّع به للفقراء والأيتام ويأكل من طيباتها حتى التخمة منتقماً من الجوع ومن رمضان.
خير ما تفعلونه في مطلع شهر رمضان المبارك أو استعداداً لملاقاته بلسمة جراح أخوة لكم لا ينقصهم سوى الشعور باللهفة والألفة والنخوة، وهم يكابدون المرارات بصمت ويرون فجور الإعلام على المتاجرة بالقضية الإنسانية السورية ويتجاهلونهم وهم أصلها وعنوانها. إن كلمة حق تقولونها لأهلكم في الفوعة وكفريا الذين علمت بصدفة المرور في إحدى المجموعات الإعلامية ان شبابهم الذين يتولّون الحراسات يطلبون فتوى دينية تعفيهم من الصيام لأن لا طعام لديهم ولا قدرة تحمل لقساوة الصيام في ظل قساوة العدوان والقهر والظلم معاً. وسمعت منهم عتباً على النسيان وحزناً من التجاهل. وهم يعلمون أن ليس بيد الناس إنهاء مظلوميتهم. وهم مشاريع شهداء أحياء متى استدعت الحرب. كلمة حبّ وعرفان وتضامن تبلسم جراحهم. لا تبخلوا بها حيث استطعتم وحيث تطال أيديكم. تكفي كلمات: «صباح الخير للفوعة وكفريا وكلّ رمضان وأنتم بخير وعسى العيد يأتي وقد فكّ الأبطال عنكم الحصار». انسخوا هذه الجملة ووزّعوها ما استطعتم، تبدأون نهاراً بعطاء جزيل.
صباح فلسطين وزغردة السلاح أحلى الصباح. والدم النقي القاني يكتب حبر الحقيقة بعد كل مسرحيات الزور وشهود الزور. فالحقيقة والحق هناك، ومن هناك فقط يكتسب شرعيته كل سلاح. وها هي حلب تستدرج نتنياهو وليبرمان لمناورة سريعة فيأتي الردّ في فلسطين حيث تذهب كل الأمور إلى نهايتها الحقيقية. فمنها تبدأ وبها تنهي اللغة والشمس من هناك أشرقت وهناك ستقع في البحر حتى يقطفها صياد من يافا فتصير برتقالة.
هل سنسمع أصوات المشكّكين في حلف الحق والشرق المجتمع في طهران يعترفون بأنهم كانوا خطائين ومتسرعين، وأنهم لما سمعوا الرئيس الأسد يقول إن تدمر ما كانت لتستعاد بهذه السرعة وهذه الكلفة لولا الهدنة التي سهّلت حشد القوات والمقدرات ومفاعيلها التي أنتجت أيضاً حرباً بين الجماعات المسلّحة، فسهّلت حرب الغوطة فكادوا أن يعتذروا وأنهم تابوا عن التشكيك وسيعاملون حلف الحق والشرف بثقة استحقها قادته بنباهتهم وصدق إخلاصهم لقضية تعاهدوا عليها، قدمت مفهوماً جديداً للمصلحة ومفهوماً جديداً للتحالف ومفهوماً جديداً للحرب والمفاوضات؟