الحصاد السوري في زمن القحط الأميركي وربيع فلسطين…!

محمد صادق الحسيني

عملية فدائية فلسطينية نوعية من جنس متفاوت تماماً تحمل آثار مدرسة وأنامل عماد مغنية…!

وتصريح روسي متململ من التباطؤ الأميركي في الحرب على الإرهاب…!

وتصريح إيراني واضح وشفاف عن «عواقب خطيرة تنتظر حكام السعودية»…!

علامات ثلاث قد تفيد بقرب تنامي مؤشرات التصعيد على كلّ الساحات الإقليمية على حساب مؤشرات التهدئة الهشة أصلاً…!

معلوماتنا «الخام» تفيد بأنّ تل أبيب تفكر جدياً في قلب الطاولة على سيّدها الأميركي الصهيوني بخصوص التوافق الإيراني الأميركي حول النووي، ما قد يعني استدراج واشنطن إلى اشتباك مفتوح مع طهران لمنع ساكن البيت الأبيض من الانكفاء شرقاً وترك أسطوله على اليابسة الفلسطينية يواجه مصيره وحده…!

التقارير المتواترة من تركيا والسعودية تفيد في المقابل بأنّ هذين الحليفين الاستراتيجيّين لواشنطن لديهما شعور مشابه جداً لتل أبيب باليتم، إذا ما واصل الأميركي فعلاً رحلة الهجرة إلى الشرق تاركاً كلاً من أنقرة والرياض تواجهان المجهول…

وما تقوم به العاصمتان الثكليان المصابتان بداء لعنة سورية، أيّ أنقرة والرياض، إنما يهدف للهروب إلى الأمام مما يعانيان منه في الداخل من تفاقم صراع داخلي قد يؤدّي إما إلى انقلاب أو حرب أهلية لا يعرف مداها أحد…!

«توحُّد الثكالى» هذا هو الذي يفرز نفسه اليوم بقوة على الميدان السوري في ما يسمّيه لافروف بـ «التباطؤ في ضرب الإرهاب والتملص من المسؤوليات المتفق عليها»، أو ما يسمّيه الإيراني بـ «ضرر الهدنة التي تفيد الإرهابيين أكثر مما تفيد سورية»…

في هذه الأثناء تأتي عملية تل أبيب الفدائية البطولية والجريئة والنوعية ضدّ العدو لتصبح هي المفترق بين اتجاهَي التصعيد أو التسوية لكلّ الملفات السياسية في المنطقة وليس في سورية فحسب…!

لسبب بسيط، ولكنه جوهري وهو أنّ ذراعَي الولايات المتحدة الأساسيين في الحرب على جبهة المقاومة وبشكل رئيسي انطلاقاً من الحرب الكونية المستمرة على سورية تحديداً، وهما أنقرة والرياض، إنما باتا حليفين عضويّين لتل أبيب في المواجهة المفتوحة بين معسكر المقاومة والممانعة ومعسكر الشرّ الصهيو أميركي، وليسا مجرد صديقين ودودين قديمين…!

لذلك ولغيره من الأسباب جاء اجتماع القمة العسكرية في طهران، والذي ضمّ وزراء دفاع كلّ من روسيا وإيران وسورية ليشكل الحدث الأهمّ رغم كلّ التطورات الميدانية والسياسية المهمة المحيطة بملف الحرب الكونية على سورية…

أياً تكن الأسباب التي منعت وزير الدفاع العراقي من الحضور إلى طهران، رغم دعوته إلى اجتماع القمة العسكري فيها، وأياً تكن الحوارات التي جرت هناك بين القيادات ومستشاريهم، إلا أنّ القدر المتيقن مما جرى، هو أنّ القمة بحثت بجدّ وفي سياق عملاني موضوع الكوريدور الواصل بين طهران وشرق المتوسط عبر الأراضي العراقية والسورية وانتهاء ببيروت…

وهذا يعني في ما يعني أنّ مصير معارك تحرير الرقة ودير الزور والموصل من جهة وتطهير الفلوجة بشكل سريع من جهة أخرى على غير ما يرغب به الأميركي وحلفاؤه الثكالى، كانت في صلب محادثات القمة العسكرية…!

وعليه فإنّ المتتبعين بعمق لما يجري على مسرح ما بات يُعرف بـ «التفاهمات الروسية الأميركية» حول سورية، صاروا أقرب ما يكون إلى أنّ هذه التفاهمات في طريقها إلى التخلخل في مقدّمة للانهيار بسبب ما تعاني منه جبهة الشرّ الصهيو أميركية من حالة انعدام الوزن على أعتاب استحقاق الرئاسة الأميركي…

زيارة نتن ياهو الرابعة إلى موسكو خلال مدة أقل من سنة، فسّرها المراقبون بأنها المظهر الأكثر نصاعة في تشكيل أبعاد قلق «اتحاد الثكالى الثلاثي» الذي بات يبحث عن رأسه في ظلّ اختلال موازين القوى الدولية والتسارع الكبير في أفول الأحادية الأميركية على خلفية الخسارة الاستراتيجية للحرب في سورية…

على الضفة الأخرى من حروب المواجهة بين المعسكرين ثمة أنباء مؤكدة بأنه ورغم كلّ تقارير احتمال تصاعد الدخان الأبيض من الكويت، إلا أنّ الوضع الميداني اليمني ومن ضمنه على الحدود اليمنية السعودية مشتعل جداً، رغم تكتم الجانبين، وأنّ ما لم تتمكن عاصفة حزم سلمان من أخذه في الميدان اليمني فلن تستطيع أخذه من يمن الصمود والحكمة والإيمان في الكويت…

عبثاً يحاول اتحاد الثكالى إبطاء عملية الانكفاء الأميركي عنهم، وعبثاً يحاولون التمسك بأذيال «جيوش سايغون السورية»، وعبثاً ثالثة يحاولون منع جبهة الصمود والتصدي الشعبية العربية الإسلامية التي تتنامى عن مهمتها الأساسية التي باتت واضحة: الفوز بالحسنيين معاً هزيمة التكفيري في كلّ الساحات، وحشر «الإسرائيلي» في إصبع الجليل متقاعساً عن حرب يهابها ومستسلماً لإرادة تريد فتح مغاليق فلسطين من باب دمشق…!

هي الحرب سجال؟ نعم فيها كرّ وفرّ وتقدّم وتراجع وهي خدعة يناور فيها الجميع، لكنها عادة ما تختم بمن لديه القدرة على الصبر الاستراتيجي حتى يحين موعد القطاف…!

اقتربت مواعيدُك يا فلسطين فهذا زمانك…

كما اقتربت مواعيد تصدّع أنظمة الثكالى، فهذا زمن نضوب حليب المرضعة الأميركية…

ومن لا يريد التصديق ويُصرّ على التشبّث بأيّ حشيش فليلقِ نظرة خاطفة على الوجوه الكالحة لأذنابه الذين راهنوا على مجرد ماء وجه «بلدي» فضلاً عن رئاسي في لبنان، ماذا حصدوا غير الخيبة ليخلص إلى القول: جنت على نفسها براقش…!

إنه زمن القحط الأميركي، رغم كلّ صراخ كلينتون وضجيج خياراتها المطروحة على الطاولة كما تحاول أن تظهر في تهديداتها لإيران…!

مَن يبدأ عامه وجنود النخبة لديه قد وضعت أيديها خلف رأسها وعيونها باكية وهي تركع أمام سواحل إيران الثورة والإمام المارينز الأميركي … لن تكون نهاية عامه إلا جاثماً أمام بوابات الشام طالباً فتح صفحة جديدة مع أسد معركة السنوات الخمس العجاف، لعله يحصل على نصيبه مما خزّنت دمشق من قمح إيراني أو روسي، ويا ويله لو طالب بقمح سوري…!

يقول المثل الإيراني الشهير:

«سالي كه نيكوست از بهارش پيدا است»…!

«العام البهيج يُعرف من ربيعه»،

بعدنا طيّبين قولوا الله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى