أسئلة من وحي جريمة «أورلاندو»
حميدي العبدالله
المعلومات الرسمية التي ضخّها المسؤولون الأميركيون حول الهجوم الإجرامي الذي استهدف أحد المرافق السياحية في الولايات المتحدة، وهذا العدد الكبير من الضحايا، طرحت أسئلة أكثر من الإجابة على أسئلة طرحتها الجريمة.
المعلومات الرسمية تؤكد أنّ المجرم الإرهابي معروف لدى الأجهزة الأمنية الأميركية، وتدور حوله شبهة الإرهاب منذ حوالي 5 سنوات، أيّ منذ انطلاق ما بات يُعرف «بالربيع العربي». المعلومات الرسمية أكدت أيضاً أنّ هذا الشخص جرى التحقيق معه أكثر من مرة، والتحقيقات دارت حول ارتباطه وعلاقته مع الجماعات الإرهابية.
المعلومات الرسمية تؤكد أنّ القاتل كان موظفاً في شركات أمنية حساسة، وتحديداً شركات أمنية بريطانية، فهل يعقل أن يجري توظيف شخص في شركة أمنية من دون الاضطلاع على تاريخه وارتباطاته والتعرّف إلى مواقفه؟
المعلومات الرسمية أكثر من ذلك أكدت أنّ الإرهابي القاتل قد اتصل بالشرطة قبل الشروع بتنفيذ جريمته، وأعلن في هذا الاتصال أنه بايع تنظيم «داعش».
إذا كانت كلّ هذه المعلومات متوفرة لدى الأجهزة الأمنية الأميركية، فلماذا لم تكن هناك مراقبة لتحركات هذا الرجل؟ ولماذا لم يتمّ الكشف عن امتلاكه لسلاح مكّنه من قتل خمسين شخصاً وإصابة عدد مماثل، فهل يُعقل أن يكون شخص تدور حوله شبهات الارتباط بالإرهاب، ولا يخضع للرقابة ويتمكّن من الحصول على سلاح فتاك يمكنه من قتل وإصابة هذا العدد الكبير؟ أين كانت الأجهزة الأمنية؟ وأين الرقابة الصارمة على الاتصالات وعلى تحرك الأشخاص المشبوهين؟ هل هو ترهّل الأجهزة الأمنية الأميركية؟ هل من تواطؤ بين هذه الأجهزة وهذا الإرهابي؟ وإذا كان من تواطؤ فما هو الهدف من وراء ذلك؟ ومن يمنع تكرار تنفيذ مثل هذا الهجوم الإرهابي من قبل خلايا نائمة، أو من قبل ذئاب داشرة، إذا كان هذا هو مستوى أداء الأجهزة الأمنية، التي عجزت عن إحباط جريمة بهذا الحجم قام بها شخص معروف لديها ويفترض أنها تراقب وتحصي كلّ تحركاته واتصالاته، ولكنه ينجح في الحصول على السلاح، ويختار هدفه، وينفذ عمليته بنجاح كبير من وجهة نظره، ومن وجهة نظر الجهات التي خططت لهذه العملية؟
هذه الأسئلة تزيد ضبابية المشهد حول موقف الولايات المتحدة من الإرهاب وعلاقاتها المريبة معه، من أفغانستان مروراً بيوغسلافيا السابقة، وانتهاءً بسورية والعراق.