المملكة الوهابية وسياسة حافة الهاوية
جمال رابعة
بعد سنوات عجاف ألمّت بالمنطقة العربية من المغرب العربي وصولاً إلى مشرقه اكتوت بنار الإرهاب وجرائمه بحق الشعب العربي ودوله المستقرة واستهدافاته أصابت سورية والعراق واليمن وليبيا بدعم وتمويل إقليمي أبرزه من المملكة الوهابية السعودية وتركيا الأردوغانية ورعاية الغرب الأطلسي تتقدّمه واشنطن.
اليوم تنبّه وصحا الضمير الأممي إلى تلك الجرائم التي اقترفت بحق شعوب المنطقة على أيدي هؤلاء الذين يمثلون الخزان والملهم للفكر التكفيري الوهابي، ونبع الإرهاب الدولي.
فما كان من السيد بان كي مون إلا أن قام باستصدار قرار صنّف فيه «التحالف الإسلامي» بقيادة السعودية على القائمة السوداء للأمم المتحدة بسبب قتل الأطفال في اليمن، لكن تمّ التراجع عن القرار برفع التحالف من القائمة السوداء، وتحت ضغوط ديبلوماسية مارستها المملكة الإرهابية ودول غربية في مجلس الأمن على الأمم المتحدة وكعادتهم آل سعود بالاعتماد على سياسة شراء الذمم والتهديد بوقف التحويلات إلى برامج المنظمة الدولية.
من النتائج الإيجابية لهذا القرار أنه أحرج الخارجية الأميركية لتصدر بياناً قالت فيه إنّ الحوثيين ليسوا منظمة إرهابية في اليمن، وأنهم شركاء في الحوار السياسي اليمني.
رئيس بلدية نيويورك السابق قال: «السعودية متورّطة في هجمات 11 ايلول 2001، وأمير سعودي عرض عليّ 10 ملايين دولار».
وفي السياق ذاته اتهمت المنظمة الأوروبية للأمن والمعلومات السعودية بأنها قامت بتزويد «جبهة النصرة» بغاز كلوريد السيانوجين مؤخراً لاستخدامه في قصف أحياء حلب، هذا ما جاء على لسان أمين عام المنظمة الأوروبية للأمن والمعلومات الدكتور هيثم أبو سعيد بأنّ «جبهة النصرة» قصفت أحياء حلب بالغاز الكيميائي وبالتحديد حيّ الشيخ مقصود،
فيما أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 بمقاضاة الحكومة السعودية، وسينتقل الآن مشروع القانون، الذي يحمل اسم ًالعدالة ضدّ رعاة الإرهاب، إلى مجلس النواب للتصويت عليه.
وما اعتراف ولي عهد آل سعود محمد بن نايف والذي جاء على هامش اللقاء التشاوري لقادة دول مجلس التعاون الخليجي الذي أقيم في مدينة جدة بفشل سياسة واستراتيجية بلاده العسكرية في اليمن وسورية، داعياً الى تقديم بعض التنازلات لإقرار السلام في المنطقة.
الشيخ محمد العنزي والإمام السابق لجامع أبي يوسف بالرياض، والذي أعلن قبل أسبوع أنه ترك المنهج الوهابي التكفيري وتاب إلى الله، وأقسم بغليظ الأيمان أنّ «داعش» تتبع حرفياً مناهج الوهابية ًالسعوديةً التعليمية في كلّ جرائمها، وأنّ آل سعود ما زالوا يصرّون على تلقين الأطفال في المدارس والشباب في المعاهد والجامعات نفس الفكر التكفيري الإقصائي بالرغم من علمهم أنّ الإرهابيين ينهلون من هذا المنبع التخريبي الخبيث.
الملاحظ أنّ العلاقات الاميركية السعودية تتبدّد ملامحها وتضمحلّ بسبب السياسات الرعناء والمغامرات العسكرية الفاشلة لملك آل سعود وولي ولي عهده الذي استقدم الويلات والدمار والقتل في سورية واليمن والعراق، ولجهة أنّ سياسة آل سعود أصبحت عبئاً سياسياً ثقيلاً على الإدارة الأميركية بعد أن حققت العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية في مناطق الاستهداف، كان أبرزها في الجانب الاقتصادي تهاوي العلاقة الاعتمادية المشتركة التي نشأت بين الولايات المتحدة والسعودية من رحم اتفاقية الدين التي تحدث به بارسكي .
ما يؤكد القول ومن خلال التسريبات لزيارة كيري الأخيرة الى الرياض هدفها الأول يتعلق بأسرة آل سعود وبعد سلسلة من الأخطاء التي اقترفها ملك آل سعود وابنه محمد بن سلمان والجرائم الفاضحة في اليمن، والتي أثارات المجتمع الدولي، أما الأمر الثاني فكان بخصوص تثبيت وقف إطلاق النار والتوصل الى حلّ ينهي أزمة اليمن، أما الأمر الثالث كان بخصوص الوضع السوري حيث وصفه السيد كيري اذا خرج هذا الوضع عن طوره فشظاياه لن تتوقف عند حدود المنطقة .
السيد كيري اكتشف تداعيات المؤامرة وآثارها بشكل متأخر إذا أحسن الظنّ، لكن أنا لا اعتقد لأنّ كلّ ما حصل في المنطقة وسورية خصيصاً من كوارث ودمار وقتل على أيدي العصابات الإرهابية الوهابية بصناعة أميركية ممهورة بخاتمهم.
في مقابلة مع صحيفة «اكسبرسن» السويدية، قال الرئيس بشار الأسد رداً على سؤال عما إذا كانت السويد ستواجه خطر الإرهاب: «حذّرنا منه منذ بداية الأزمة… وقلت إنّ سورية تشكل خط فالق الزلزال… وعندما تعبث بهذا الخط ستكون لذلك أصداء وتداعيات في مناطق مختلفة… وليس فقط في منطقتنا.. حتى في أوروبا. في ذلك الوقت، قالوا إنّ الرئيس السوري يهدّد، في الواقع… لم أكن أهدد، بل كنت أصف ما سيحدث.
ختاما أقول: ما يسمّى «العالم الحر» والغرب الأطلسي الذي تتقدمه واشنطن لو تمّت الاستجابة الصادقة من قبلهم لنداء الرئيس بشار الأسد من بداية هذه الحرب الظالمة والقذرة على الشعب والدولة السورية لتجنّب العالم كله خطر الإرهاب ونتائجه وانطفأت جذوته الى غير رجعة. ومن المتوقع أن نشهد كثير من المفاجآت في الساحة السياسية في الشرق الأوسط. من قبل واشنطن وآل سعود من خلال زيادة الهوة بينهما.
عضو مجلس الشعب السوري