سورية تهزم أميركا

جاك خزمو

عند القول إنّ سورية تهزم أميركا يطنّ كثيرون أنّ في الأمر مبالغة، لأنه من غير الممكن أن تهزم دولة عربية أميركا بما هي أقوى قوة في العالم… ولكن الواقع يؤكد أنّ هذا القول ليس مبالغاً فيه، بل هو واقع ملموس على الأرض من خلال معطيات وتطورات كانت وما زالت سورية المساهم الأكبر فيها.

لقد تبنّت اميركا مخطط «الفوضى الخلاقة» في منطقة الشرق الأوسط من أجل تفتيت المنطقة واضعافها. وحاولت تطبيقه هذا المخطط عبر خطوات عديدة ومن أهمّها التخلّي عن حلفائها من القادة العرب، الذين ارتموا في أحضانها لسنوات طوال مثل الرئيس التونسي المعزول زين العابدين بن علي، والرئيس المصري المعزول حسني مبارك، وكذلك عبر دعم ما أسمته «الربيع العربي» الذي هو في الواقع ليس إلا شتاء أسود وقارساً وعاصفاً…

دعم هذا «الربيع» لم يكن علنياً، بل عبر دعم سرّي لمجموعات وعناصر إرهابية، وكانت تسوّق لهذه المجموعات وتزوّدها بالسلاح والمال عبر وكلاء لها في المنطقة بحجة توفير الحرية والديمقراطية للشعوب العربية في المنطقة.

لكن هذا المخطط واجه صخرة كانت العائق الصلب أمام استمراره… هذه الصخرة كانت سورية، الشعب والجيش والقيادة… وهذه الصخرة كسرت أيادي المجموعات الإرهابية التي حاولت التطاول عليها… واستطاعت أيضاً أن تسحق «الإسلام السياسي المزيّف» الذي كانت اميركا تحاول دعمه وفرضه على المنطقة. ولولا الصمود السوري، ولولا يقظة الشعب والتفافه حول قيادته، ولولا البطولات الفريدة والنوعية للجيش العربي السوري. لما تعرّت هذه المؤامرة… ولما شعر الشعب المصري بخطر حكم «إسلامي معتدل» عليه، ولما قام بالثورة في 30 حزيران 2013.

لقد حذرت سورية من خطر الإرهاب، وقالت إنه سينقلب على داعميه ومموّليه، لكن ماكينة التضليل الإعلامي حاولت التقليل من أهمية هذا التحذير، وبعد مرور حوالي 41 شهراً من الصمود، تبيّن أنّ هذا التحذير هو صادق، وفي مكانه الصحيح… وها هي المجموعات الإرهابية تهدّد العراق، وكذلك تهدّد تركيا. وقد تنتقل قريباً إلى مناطق عربية عديدة وخاصة في الخليج العربي.

لم ترضخ سورية للتهديدات الأميركية، ولا لكلّ الضغوطات ولا ممارسات المجموعات الإرهابية الإجرامية، وصمدت في وجهها، وفي الواقع سحقت وما زالت تسحق هذه المجموعات التي تحارب بالنيابة عن اميركا و«إسرائيل».

مصداقية اميركا في العالم هي في الحضيض الآن، وسياستها في المنطقة تعاني، ومصالحها في خطر.

لقد حاولت أميركا الانقضاض على سورية لضرب محور المقاومة، إلا أنّ هذه العملية فشلت، وبالعكس فإنّ ثقافة المقاومة تتعزّز وتقوى يوماً بعد يوم، مما يعني أنّ سياسة اميركا في المنطقة هزمت… وما زالت تهزم على أرض الواقع.

لذلك فإنّ القول إنّ سورية تهزم اميركا هو قول صحيح، إذ أن السياسة الاميركية تهزم يومياً في المنطقة على يد القيادة السورية والسياسيّين السوريّين المخضرمين، وعلى يد الجيش العربي السوري حماة الديار.

وستعترف اميركا قريباً بهذه الهزيمة عندما تقرّ بأنّ المجموعات الارهابية في سورية والعراق الخ…، تشكل خطراً على العالم كله، ولا بدّ من وقفة جادة في مواجهتها، وبالتالي ستتوسّل المساعدة من الخبرات السورية في التعامل مع الإرهاب، وستضطر إلى الاعتذار عاجلاً أم آجلاً لسورية عن سياستها الخارجية الفاشلة في المنطقة، بعد الإدراك بأنّ محور المقاومة صلب، وهو على حق في مواقفه وفي تصديه للمؤامرات، وانّ سورية دولة قوية صلبة ليس في مساحتها وعدد سكانها، بل في حنكة وحكمة قيادتها ودورها الفّعال في قراءة المستقبل والدفاع عن سيادة الوطن، وعن الأمة، وفي إسقاط وإفشال ودحر المؤامرات التي تحاك ضدّ سورية خصوصاً وضدّ المنطقة بشكل عام.

رئيس تحرير مجلة البيادر ـ القدس الشريف

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى