كيري لموسكو: صبرنا محدود جداً في ما يتعلق بمعرفة مصير الأسد
في تصريح يحمل أكثر من معنى، وينذر بتعقيدات كثيرة في الأزمة السورية، حذّر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس، موسكو من أنّ صبر واشنطن حول الصراع السوري ومصير الرئيس بشار الأسد بدأ ينفد.
كيري قال خلال زيارته للنرويج، «نحن نعرف أنّ وقف اطلاق النار في سورية هش جداً، ويجب فرض وقف حقيقي لوقف اطلاق النار» و»على روسيا أن تفهم أنّ صبرنا ليس بلا حدود. وفي الواقع هو محدود جداً في ما يتعلق بمعرفة ما إذا ستتم محاسبة الأسد من عدمه»، مشيراً أنّ بلاده «مستعدة أيضاً لمحاسبة عناصر المعارضة الذين يشتبه بارتكابهم انتهاكات أو الذين يواصلون المعارك في انتهاك لوقف اطلاق النار».
جاء ذلك في وقت، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن العملية العسكرية الروسية في سورية أحبطت خطط الإرهابيين لإقامة قواعد تابعة لهم في الشرق الأوسط.
وأوضح لافروف في سياق حديثه أمام أعضاء الدوما الروسي، أمس، أنّ القوات الجوية الروسية التي تشارك في جهود مكافحة الإرهاب في سورية، تمكنت بالتنسيق مع الجيش السوري وحلفائه، من إحباط خطط المتطرفين لإنشاء رؤوس جسور في منطقة استراتيجية هامة هي الشرق الأوسط.
وأعاد الوزير الروسي إلى الأذهان أنّ الرئيس بوتين في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي قدم مبادرة خاصة بتشكيل جبهة واسعة لمحاربة الإرهاب تعتمد على قاعدة قانونية دولية متينة وتحت رعاية الأمم المتحدة.
واستطرد قائلاً «دعماً لهذه المبادرة، بدأت القوات الجوية والفضائية الروسية العمل في سورية تلبية لطلب السلطات السورية وبالتعاون مع الجيش السوري ووحدات الدفاع الوطني من أجل إحباط خطط الإرهابيين لإقامة قواعد لهم في منطقة الشرق الأوسط ذات الأهمية الاستراتيجية».
وأكد لافروف، أنّ شركاء روسيا الغربيين احتاجوا إلى وقت طويل لكي يدركوا خطورة التحديات التي مصدرها تنظيما «داعش» و»النصرة» الإرهابيان، وضرورة التنسيق مع روسيا في التصدي لهذه المخاطر.
وأشار الى أنّ الأشهر الماضية شهدت تقدماً في إطلاق جهود عملية مشتركة في هذا المجال، إذ أنشأت روسيا والولايات المتحدة المجموعة الدولية لدعم سورية، فيما تبنت الأمم المتحدة خطة متكاملة لوقف الأعمال القتالية وضمان الوصول الإنساني إلى المحتاجين في المناطق المحاصرة، ودفع عملية التسوية السياسية بلا شروط مسبقة أو تدخلات خارجية، قدما إلى الأمام.
من جهته، قال أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون إنّه لا يمكن تحقيق تقدم في تسوية النزاع السوري إلا بالحوار وجهود المجتمع الدولي برمته، مشيداً بالدور المحوري لروسيا في هذه الجهود.
وذكر بان كي مون أن الطريق إلى تسوية النزاع السوري مازال طويلاً، لكنه أشار إلى التأثير الإيجابي الذي جاء به التعاون بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري بشأن الملف السوري.
الأمين العام للأمم المتحدة، أعلن بشكل مبطن وفاة الجدول الزمني للتسوية السورية الذي أقره مجلس الأمن الدولي، مؤكداً أنّ هذه الوثيقة تبقى معلماً مهماً يدفع طرفي النزاع للتحرك إلى الأمام نحو تحقيق طموحات الشعب السوري.
كما أعرب عن قناعته بأن روسيا والغرب سيتمكنان من تجاوز الخلافات الناجمة عن النزاع الأوكراني، وذكر أنّ تدهور العلاقات بين روسيا والغرب يضر بقدر كبير بقدرة المجتمع الدولي على التصدي للتحديات العالمية.
وقال بان كي مون بأنّ الدول الكبرى تمكنت، رغم الخلافات القائمة بينها، من التوصل إلى صفقة نووية مع إيران حول برنامج الأخيرة النووي، وأشار أيضاً إلى تحقيق تقدم بقدر ما حول التسوية السورية، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ مفاوضات السلام تتقدم ببطء شديد.
إلى ذلك، دانت الخارجية السورية أمس، نشر مجموعات من القوات الخاصة الفرنسية والألمانية في منطقتي عين العرب ومنبج، معتبرة أنّ هذا التدخل السافر يشكل انتهاكاً صارخاً لمبادىء ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، وعدواناً صريحاً على سيادة سورية واستقلالها.
وقال مصدر في الخارجية إنّ الادعاء بأنّ هذا الانتهاك يأتي ضمن محاربة الإرهاب لا يستطيع خداع أحد، لأن مكافحة الإرهاب بشكل فعال ومشروع تقتضي التعاون مع الحكومة السورية الشرعية التي يقاتل جيشها وشعبها الإرهاب، على كل شبر من الأرض السورية وقدم الكثير من التضحيات لتطهير سورية من رجس الإرهاب، الذي بدا واضحاً اليوم بأنه يشكل تهديداً جدياً للسلم والأمن والاستقرار الدولي برمته.
واتهم المصدر الدول المنخرطة بأنها شكلت ولا تزال داعماً أساسياً للإرهاب منذ اندلاع الأزمة في سورية وأعاقت دائماً أيّ جهد دولي جاد لوضع حد لهذا الوباء وخاصة لجهة إسباغ الشرعية على بعض المجموعات الإرهابية عبر وصفها بالاعتدال والتي لا تختلف في نهجها وتفكيرها وعقيدتها عن «داعش والنصرة».
وأكدت الخارجية تمسك الشعب السوري بسيادة واستقلال سورية ووحدة أراضيها، داعية «الدول المعتدية للصحوة من أحلام اليقظة والتخلي عن أوهامها وعقليتها الاستعمارية» لأن عصر الانتداب والوصاية زال إلى غير رجعة.
على صعيد متصل نفّت وزارة الدفاع الألمانية وجود قوات خاصة ألمانية في شمال سورية، مشيرة إلى أنّ مثل تلك المزاعم المتكررة الصادرة عن الحكومة السورية خاطئة.
وقال متحدث باسم الوزارة «لا توجد قوات خاصة ألمانية في سورية. إنه اتهام خاطئ. لا صحة لنبأ وجود القوات الخاصة في سورية، وفقاً لإفادة وكالة رويترز للأنباء».
ميدانياً، أكد مصدر في غرفة عمليات الجيش السوري و حلفاءه في مدينة حلب، أنّ الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد التي تكبدتها المجموعات الإرهابية المسلحة ومقتل العشرات من المعتدين في الهجوم الفاشل الذي شنته «جبهة النصرة» و»جيش الفتح» والفصائل المتحالفة معها بعد ظهر أمس على محور خلصة – زيتان في ريف حلب الجنوبي، يؤكد جهوزية الجيش العربي السوري وحلفاؤه لصد وإفشال اي اعتداء.
وأضاف المصدر أنّ هذه المجموعات تستغل الهدنة المعلنة وتنتهكها بشكل دائم ومستمر، مؤكداً أنّ ريف حلب الجنوبي سيبقى صامداً بوجه الاعتداءات والادعاءات الكاذبة، ولن تنفعهم في تغيير المعطيات الميدانية، وسيبقى الريف الجنوبي شاهداً على الإساءة الكبيرة التي نفذتها الجماعات الإرهابية بحق الشعب السوري الابي.