هل يقع الطلاق الأميركي السعودي؟

نظام مارديني

لم يكن تفصيلاً صدور قرار أُممي بإدراج التحالف السعودي ضمن القائمة السوداء، بسبب جرائمه بحقّ أطفال اليمن، رغم أنّ التراجع عن هذا القرار لن يغير من حقيقة الواقع. فهو يشي رويداً رويداً بأنّ السعودية بدأت تلدغها أنياب أفاعيها، ويمكن القول هذا ما جناه النظام السعودي على نفسه، فعلى الرغم من محاولاته المتكرّرة دفع التهمة عن نفسه بالتورُّط في الجرائم في اليمن والعراق وسورية ودوره في تأسيس الخلايا الإرهابية المتخصِّصة في تأجيج نيران الفتنة المذهبية في المنطقة، وقع هذا النظام في نهاية المطاف في شرّ أعماله، ولم يعد بإمكان حلفائه الغربيين وفي المنظمة الدولية حمايته ولسان حالهم يقول إلى متى ستعبث بنا تلك الأموال الملوثة بالإرهاب؟

بالأمس، حمّلت المرشحة للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون كلاً من السعودية وقطر والكويت مسؤولية التمويل العالمي لأيديولوجية التطرف، وذلك غداة اعتداء أورلاندو في ولاية فلوريدا والذي راح ضحيته 50 قتيلاً. وقبلها كان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد عبّر لمجلة «ذي أتلانتيك» الأسبوعية عن غضبه من العقيدة السياسية الخارجية التي تُجبره على معاملة السعودية كدولة حليفة للولايات المتحدة، وهو لا يراها كذلك.

وأعترف أوباما بأنّ السعودية تُرسل الأموال وعدداً كبيراً من الأئمة والمُدرِّسين إلى بلاده. كما موّلت المدارس الوهّابية بشكل كبير، وأقامت دوراتٍ لتدريس الرؤية المتطرفة للإسلام.

فهل باتت العلاقات الأميركية ـ السعودية أمام مسرح اللامعقول كما أطلقه صمويل بيكيت؟ أم أمام مسرح اللاوعي؟ جثث تتبعثر، كما في تلك اللوحة الشهيرة لبابلو بيكاسو. أزمنة تتبعثر، بل ودول تتبعثر…

هذه المقدمات كانت حافزاً لمجلس الشيوخ الأميركي لكي يُصدر «قانون العدالة» ضدّ «رعاة الإرهاب» والذي قدمه السيناتور الديمقراطي تشاك شومر ونظيره الجمهوري جون كورنين، وهو يسمح لأهالي ضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول مُقاضاة أمراء في الأسرة الحاكمة السعودية أو مسؤولين سعوديين أمام المحاكم الأميركية لطلب تعويضات. فهل يعني هذا أنّ العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن والرياض، والتي بدأت قبل 70 عاماً بلقاء جمع الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، على ظهر سفينة حربية أميركية في قناة السويس عام 1945 ، أوشكت على الانتهاء، وربما تتحول إلى مواجهات سياسية وقضائية، وحرب مالية في المستقبل المنظور؟

كشف الكاتب والمؤلف الأميركي المعروف توم أندرسون أنّ سبع دول إقليمية وعالمية متورطة بشكل مباشر في دعم تنظيم «داعش» الإرهابي، من بينها دويلات الخليج العربي والكيان الصهيوني، إلى جانب كلّ من تركيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

وقدم أندرسون في كتابه الموسوم: «الحرب القذرة في سورية»، رسماً بيانياً أوضح فيه تورط تلك البلدان في دعم التنظيم الإرهابي، والتمهيد لإعادة رسم حدود أقطار المنطقة في معاهدة بديلة لمعاهدة «سايكس ـ بيكو»، تكون فيها حقول الغاز هي المؤشرات التي تتحكم بخارطة الشرق الأوسط.

ويلاحظ برنارد لويس، اليهودي – الأميركي المتخصِّص بالهلال السوري الخصيب، كيف أنّ قاطع الرؤوس يقول الله أكبر ومن قُطعت رؤوسهم يقولون أيضاً الله أكبر… ويسأل لويس عن «تلك المعادلة اللاهوتية التي لا نفقه معناها»!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى