تقرير
نشر موقع «بلومبرغ» تقريراً جاء فيه: بعد أزمة أسعار النفط الطاحنة، أدركت المملكة العربية السعودية أن اعتمادها على تصدير النفط وحده غير كافٍ للحفاظ على مستوى معيشة المواطنين الحالي، لذلك تسعى السعودية بشكل جاد إلى تنويع مصادر الدخل، وهو ما يؤشر إلى حدوث تغيير. واللافت للنظر أن هذا التغيير يقوده الأمير الوسيم الشاب محمد بن سلمان، الذي يمثل جيلاً جديداً من الأمراء الحداثيين.
إلا أن أيّ تقدم يعتمد في الأساس على تطوير العنصر البشري، وعند النظر إلى برنامج التحول الوطني، نجد أن محاولات تنويع مصادر الدخل السعودية على الأرجح لن تحقق الكثير، لأنها لا تركز على التطوير من الإنسان، وهو العنصر الأهم.
يقول كاتب التقرير إن الدول تحقق معدّلات نموّ أعلى عندما يكون لديها تنوع في مصادر الدخل، إلا أن دولاً قليلة هي التي تمكنت من تحقيق ذلك.
أوضح تقرير للبنك الدولي أن إندونيسيا والإمارات العربية المتحدة هما الدولتان الوحيدتان اللتان تمكنتا من تنويع مصادر الدخل من بين الدول التي يشكل تصدير البترول الخام نسبة 50 في المئة من صادراتها.
كما نجحت كل من ماليزيا والمكسيك في ذلك المسعى، يشير الكاتب. لكن المكسيك تفوقت على غيرها بالتركيز على تطوير الصناعات التي تعتمد على العمالة الكثيفة، مستفيدة من ميزة رخص اليد العاملة ومنطقة التجارة الحرة مع أميركا.
يقول الكاتب إن نيجيريا تسعى إلى زيادة إنتاجها من النفط إلى 30 مليار دولار بحلول العام 2025 سنوياً. ولكنها تعتزم التركيز على تطوير الصناعات التي تعتمد على العمالة الكثيفة في مجال الزراعة، وهو ما لن يفلح مع دولتين مثل روسيا والسعودية، لأن شعبيهما غير مهتم بمثل تلك الوظائف.
بدراسة المثال السعودي يمكننا أن نرى أن تعداد المتخرّجين الجامعيين يزيد عن نظيره في المكسيك وإندونيسيا. وتعزى نهضة البلاد الحالية إلى حوالى 10 ملايين عامل أجنبي هم من تولوا العمل الحقيقي. بينما يفضل السعوديون وظائف القطاع الحكومي. كما أن الشركات في السعودية تتجنب تعيين السعوديين لارتفاع تكاليف استئجارهم أربعة أضعاف عن استئجار الأجانب.
وليس للمرأة دور يذكر في عملية التنمية في السعودية، إذ إن النساء يشكّلن حوالى 23 في المئة من قوة العمل، ولا يسمح لهن بقيادة السيارات، وتحظر التقاليد إسناد أدوار هامة إليهن.
يشير التقرير إلى أن السعودية دشنت «رؤية 2030»، وهو برنامج إصلاحي شامل يقر بوجود كل تلك المشكلات. لكن البرنامج لا يحدد أهدافاً محددة يجب تحقيقها.
بسبب أزمة السيولة الناتجة عن انهيار أسعار النفط، ستضطر السعودية إلى خفض الرواتب الحكومية بنسبة 20 في المئة، ما سيدفع السعوديين نحو العمل في القطاع الخاص، وبالأخص نحو قطاع السياحة الذي تعتزم المملكة توسيعه، بينما سيتجه بعضهم إلى صناعة التكنولوجيا، التي يعتبر من المنطقي بالنسبة إلى دولة غنية كالسعودية أن تتوسع فيها. حيث تعتزم السعودية إضافة 20 ألف وظيفة فقط إلى هذا القطاع بحلول عام 2020.
ويشير التقرير إلى أن إدماج المرأة بشكل أكبر في خطط التنمية في السعودية ليس مطروحاً في السنوات القليلة المقبلة. تعتزم المملكة زيادة حصة المرأة من القوة العاملة إلى 42 في المئة، لكن ذلك سيقابل بعوائق مثل منع المرأة من القيادة.
للتعليم دور هام في تحسين أحوال البلدان، وتدرك السعودية أنه لا بدّ من تحسين نوعية التعليم من أجل ضمان تحقيق تنوع ذكي في مصادر الدخل، فأدخلت تحسينات على مواد العلوم والرياضيات. لكن هذه العملية تتسم بالبطء، ولن تدخل النتائج المحققة السعودية ضمن مصاف الدول المتقدمة في مجال التعليم.
إلا أن المستثمرين في حالة ترقب شديدة لخطة التحول السعودية، حيث ستُجرى خصخصة مؤسسات عامة كثيرة لزيادة حجم الدين العام إلى 30 في المئة. كما تعتزم الحكومة تمويل مشروعات طموحة مثل مشروع الحكومة الإلكترونية ومشروع مواصلات النساء. وترغب الحكومة في جذب المزيد من الاستثمارات لزيادة العائدات غير النفطية بمقدار ثلاثة أضعاف. لكن عدم التركيز على تطوير العنصر البشري سيعرقل تلك الخطط.
لا سبيل لدول الشرق الأوسط إلا بالاستثمار في التعليم لتحسين مستوى القوة العاملة إذا ما أرادت التخلص من الاعتماد على النفط. لكن الأنظمة الاستبدادية تخشى من تعليم الناس وتثقيفهم لأن ذلك سيشكل خطراً على سلطتها.
يقول جاكوب فانك كيركيغارد من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: «إن رؤية 2030 لن تنجح دون منح السعوديين حق الانتخاب المباشر والتخلص من السلطة الدينية الوهابية». وطالما عمل القائمون على الإصلاحات بحذر، فقد لا تثمر الخطة السعودية النتائجَ المرجوّة.