من يحمي المزارع اللبناني؟
شبلي أبو عاصي
احتار المواطن اللبناني ماذا يفعل في هذا الزمن الذي أصبحت الحاجة فيه إلى كلّ شيء، خاصةً إلى لقمة العيش في ظلّ وضع اقتصادي متردٍّ وصعب جلبته على بلادنا حفنة من المسؤولين غير الآبهين بمصالح الناس وأوضاعهم المعيشية السيئة.
أحمد عبد الهادي مزارع لبناني من بلدة غزة البقاعية، غزته متاعب الحياة وشقاوتها، فبعد أن كانت أحواله ميسورة تراجعت بسبب الظروف الصعبة في لبنان لكنه ظلّ صلباً يصارع بعناد من أجل حياةٍ أفضل.
يملك عبد الهادي من متاع هذه الدنيا بضع دونمات من الأرض يحرثها كلّ عام ويزرعها ويبيع إنتاجها ليعيش مع عائلته بتعبه وعرق جبينه.
هذا المزارع وقف في وجه العاصفة، حيث اشترى جراراً زراعياً صغيراً وخلفه عربة متوسطة الحجم وعند كلّ موسم زراعي يجول بما تنتج له أرضه على القرى ليبيعه وفي آخر النهار يعود حاملاً بعض الحوائج الضرورية وبما تيّسر.
في هذه الأيام موسم الحمص الأخضر، يجمعه ويرتبه على شكل باقات يعلقها على جوانب العربة ويبيع كلّ باقة بألف ليرة.
يستقبلك أحمد بابتسامته الدائمة ويقول: علينا أن نرضى بما أنعمه الله علينا، سعينا واشتغلنا كثيراً ولكن هذا ما كتبه الله لنا.
يتحدث هذا المزارع عن معاناته اليومية ويتساءل: أين هم المسؤولون؟ أنا مزارع معدوم مادياً وصحياً لماذا لا تقف الدولة إلى جانبي وبقية المزارعين وهم بالآلاف ويحتاجون إلى المساعدة؟ نحتاج إلى الأدوية الزراعية كلّ عام والوعود تنهال علينا من الوزارة و«عالوعد يا كمون». إلى أين تذهب هذه الأدوية؟ بالطبع إلى المحظوظين والمنتفعين من كبار التجار.
يقول أحمد: اليوم موسم الحمص التركي الأخضر أجول القرى والبلدات وأبيع ما أمكن من هذه الباقات لكي لا أحتاج أحداً. فالإقبال على منتوجاتنا كبير لأننا لا نستعمل أي مواد كيمياوية.
ويضيف: الأمور صعبة ولا تُطاق رغم ظروفي الصحية السيئة أضطر إلى البيع الجوال في القرى.
المزارع عبد الهادي يُشبه الآلاف من أبناء وطني الذين يعانون من مشاكل ومتاعب هذه الحياة يعملون بما تيسر من أجل لقمة العيش في ظلّ دولةٍ لا تحميهم. دولة قوية على الفقراء فقط. هؤلاء يكون حسابهم عسيراً وعقابهم بلا حدود من دفع غرامات وفواتير وضرائب وغير ذلك، أما الأغنياء أصحاب الشأن والسلطان والطبقات المدعومة والمشمولة بعطف هذا المسؤول أو ذاك فهم فوق الشبهات وأسمى من أن يدفعوا المتوجبات عليهم لهذه الدولة العلية.
في الختام، نحن في زمن أصبحنا كلنا عبد الهادي. الغني أصبح غنياً بامتياز أما الفقير فقد أصبح «معدوماً بامتياز»، بسبب تردي الحالة الاقتصادية في لبنان وتفشي الغلاء والفقر والعوز والغشّ والسمسرات وارتفاع الأسعار. فإلى أين نحن ذاهبون وماذا بعد؟