تقرير
طالب جرين جلينوالد، الكاتب الصحافي في موقع صحيفة «ذي إنترسبت» الأميركية الإلكتروني، بعدم استغلال قضايا المثليين لتشويه صورة الإسلام وتبرير السياسات المناهضة للإسلام، خصوصاً أن النسبة الأكبر الداعمة لمجتمع المثليين في الولايات المتحدة الأميركية، هم من المسلمين، مقارنة بالمسيحيين واليهود.
مطالبات الكاتب الصحافي الأميركي وأحد مؤسّسي الصحيفة، جاءت في تقرير نشرته «ذي إنترسبت» في أعقاب الهجوم الذي قام به مسلم أميركي يدعى عمر متين، واستهدف نادياً للمثليين في مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا الأميركية، وأسفر عن مقتل 50 شخصاً وجرح العشرات.
واستهل الكاتب التقرير بقوله: «في أواخر التسعينات، فجّر الأميركي الكاثوليكي إريك رودولف عيادات الإجهاض وحانة للمثليين، قائلاً إنها أماكن الرذيلة والشر. وفي تموز الماضي، هاجم يهودي إسرائيلي أرثوذكسي المتظاهرين في مسيرة للمثليين في القدس، وطعن ستة منهم، فيما قتل أحدهم وهو فتى في سن المراهقة متأثراً بجراحه. وبرّر المعتدي الإسرائيلي هجماته بتنفيذ العقوبات التلمودية بحق المثليين، وقد أفرج عنه من السجن بعد 10 سنوات ليفعل الأمر نفسه عام 2005».
وأضاف أن القسّ المسيحي من ولاية أريزونا، ستيفن أندرسون، كان قد أشاد بقتل 49 شخصاً في نادي المثليين في أورلاندو على أساس أن «المثليين هم حفنة من الشاذين المثيرين للاشمئزاز».
وفقاً للتقرير، لطالما كانت الهجمات العنيفة على أندية المثليين أمراً شائعاً في الولايات المتحدة الأميركية منذ فترة طويلة. عام 2014، نُفّذت جريمة كراهية وحشية ضدّ زوجين مثليّي الجنس من قبل الموظفين والطلاب في مدرسة ثانوية كاثوليكية.
وفي البرازيل التي تتمتع بغالبية كاثوليكية إنجيلية ساحقة، فقد بات قتل المرأة المتحوّلة أمراً شائعاً وانتشر كالوباء. كما أن مسرحية «عيد القربان» لتيرنس ماكنالي كانت قد استهدفت مراراً وتكراراً في الولايات المتحدة الأميركية مع تهديدات بوجود قنابل، وكان لا بدّ من إلغائها لأنها تصوّر «يسوعاً مثليَّ الجنس».
التقرير أشار كذلك إلى أن استطلاع لمركز «بيو» للأبحاث عام 2015، وجد أن المسلمين في الولايات المتحدة الأميركية هم أكثر قبولاً للمثليين من الإنجيليين المسيحيين، والمورمون، وشهود يهوه.
وبالمثل، فإن المسلمين هم أكثر عرضة لدعم زواج المثليين في الولايات المتحدة 42 في المئة يدعمونه من الإنجيليين في الولايات المتحدة 28 في المئة ، بينما جاءت نسبة دعم البروتستانت 40 في المئة ، والمورمون 26 في المئة وشهود يهوه 14 في المئة .
وقال التقرير إن كلاً من الصين وروسيا، واللتان تحظيان بغالبية غير دينية ساحقة، هم أيضاً يكافحون بشدّة مثليي الجنس. وفي الكاميرون، يستمرّ مسؤولو الكنيسة الكاثوليكية في مناهضة المثليين بخطابات معادية. والمليونير الإنجيلي والقس البرازيلي البارز وعضو الكونغرس، ماركو فيليسيانو، لديه تاريخ من الخطاب المعادي للمثليين.
على مدى السنوات القليلة الماضية، حشد المتعصبون المسيحيون في الولايات المتحدة الأميركية بالنشاط والمال ـ في كثير من الأحيان بنجاح ـ لتنفيذ القوانين القمعية لمكافحة المثليين في أفريقيا المسيحية. يشمل ذلك أوغندا، حيث حاولوا تنفيذ عقوبة الإعدام بحق المثليين جنسياً.
غير أن التقرير استدرك بقوله إن كل ذلك لا يهدف إلى إنكار المواقف القمعية في مكافحة المثليين في أجزاء من العالم الإسلامي. ولكن هذا ينطبق أيضاً على المناطق الفقيرة على حدّ سواء من العالم المسيحي، إذ يعتقد فقط أجزاء صغيرة من سكان البلدان المسيحية إلى حدّ كبير مثل غانا وأوغندا وكينيا، أن على المجتمع أن يتقبل المثلية الجنسية. في البلدان الأخرى التي ليست في الغالب مسلمة ـ كالصين وروسيا ونيجيريا والسلفادور و«إسرائيل» ـ فإن التعدّديات بالمثل تعارض القبول المجتمعي للمثليين.
وأوضح التقرير أنه ومن الصحيح أيضاً أن أجزاء من العقيدة الإسلامية تحتوي على وجهات نظر رهيبة حيال المثليين والنساء، وغيرها من القضايا. لكن بالضبط الأمر نفسه ينطبق على كل من الكتاب المقدس المسيحي و«التلمود اليهودي». عندما يتعلق الأمر باليهود والمسيحيين، فإن الناس بدوافع غريزية يدركون كيف يبدو الأمر متعصباً ومخادعاً لانتقاء مقتطفات هجومية خاصة من كتبهم المقدسة واستخدامها لتشويه صورة جميع المسيحيين المعاصرين واليهود.
في الواقع، هناك مثليون مسلمون في جميع أنحاء العالم يناضلون ـ تماماً مثل كل المثليين الآخرين ـ من أجل إدماج هويتهم ومعتقداتهم الدينية.
ونقل التقرير عن المدير التنفيذي لأكبر جماعة إسلامية أميركية، «مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية ـ كير»، قوله في أعقاب الهجمات التي استهدفت ملهى المثليين في أورلاندو: «لسنوات عدّة، وقف أعضاء المجتمع المثليون جنباً إلى جنب مع المجتمع المسلم ضدّ أعمال جرائم الكراهية، والخوف من الإسلام، والتهميش، والتمييز. اليوم، نحن نقف معهم، جنباً إلى جنب».
وذكر أن المسلمين الذين يعملون لجعل الإسلام أكثر انفتاحاً على مجتمع المثليين يستحقون الدعم، ولكن أكثر الناس حرصاً على تشويه صورة الإسلام ـ لجميع الأسباب القبلية والقومية والدينية ـ عادة ما يمحون هؤلاء الناس لأن وجودهم يوضح كيف تبدو الصورة التي يريدون أن يرسموها عن المسلمين مضللة.
وقال التقرير إنه على رغم كلّ هذه البيانات، فإن مجموعة موحّدة من الجدليين البغيضين الذين يكرّسون حياتهم حرفياً لاستغلال كلّ حدث إخباري لمهاجمة الإسلام، لم يضيعوا أيّ وقت من الأوقات ـ وقبل أن تتكشف أي حقائق، وبينما كانت الجثث لا تزال ملقاة على أرضية النادي ـ استغلت المذبحة المروعة في أورلاندو لتصوير المسلمين على أنهم يبغضون المثليين.
يأتي ذلك في وقت لم يُظهِر فيه المشتبه به، عمر متين، أيّ علامات من التعصب الديني. ووفقاً لمصادر مقربة فإنه يعاني من مرض عقلي، ولديه تاريخ من ضرب الزوجة، ولم تعرف له أيّ علاقة بالجماعات المتطرّفة حتى اتصاله بخدمة 911 لإعلان ولائه لتنظيم «داعش».
كانت فرصة استغلال معاناة المثليين لإشعال جذوة جدول الأعمال القياسية المعادية للمسلمين حتى جذابة جداً على المقاومة، مهما كان الكثير من الحقائق التي تنفي ذلك، وفقاً للتقرير.
وقال التقرير: «حاوِل أن تقول للمواطنين المثليين الذين نشؤوا في أميركا الشمالية، وأميركا الجنوبية، أو أوروبا، أن الكراهية المعادية للمثليين هي سمة حصرية تتعلق بالإسلام وسيكون الازدراء الذي ستثيره ـ مرتكزاً على الخبرة الشخصية الفعلية بدلاً من الأيديولوجيا البغيضة ـ سيكون كبيراً».
اعتبر التقرير أن الاستغلال اللحظي لهذا الهجوم هو جزء من اتجاه أعم من استغلال القضايا الاجتماعية الليبرالية لتمجيد الأجندات العسكرية والصراعات القبلية، والسياسات الخارجية العدوانية.
فتزيين مقر مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية أو قاعة مدينة «تل أبيب» بألوان قوس قزح وعلم المثليين يبدو جميلاً وليبرالياً.
وأخيراً، قال التقرير إن تصوير الكراهية المعادية للمثليين كما لو كانت حكراً على الإسلام ليس فقط قذفاً تجاه المسلمين ولكنه يمثل ضرراً ضخماً لملايين المثليين الذين كانوا ـ وما زالوا ـ يعانون من الظلم والهجوم من قبل الناس الذين لا علاقة لهم بالإسلام.