كارثة هيلاري الليبية الهائلة
قبل 17 شباط 2011، «يوم الغضب»، كان الفائض الوطني في ليبيا 8.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2010، مع إنتاج للنفط وصل إلى 1.8 مليون برميل يوميا.
وكانت ليبيا في عهد العقيد الليبي الراحل، في طريقها لتحقيق هدفها المتمثل في انتاج 3 ملايين برميل يومياً.
أما الآن، وبعد «الثورة» فقد انخفض إنتاج النفط بنسبة تزيد على 80 في المئة، وانكمش الاقتصاد الليبي بنسبة تقدر بـ 41.8 في المئة، مع عجز بلغ 17.1 في المئة في العام 2011.
وقبل الثورة، كانت ليبيا الآمنة، المزدهرة، البلد الإسلامي العلماني والحليف الحاسم للغرب تقدم معلومات استخبارية عن النشاط الإرهابي بعد 11 أيلول 2001.
وبعد سقوط نظام القذافي، الذي لم يعد يشكل تهديداً للولايات المتحدة، دافعت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بقوة ونجحت في إقناع الإدارة الأميركية لدعم الثوار الليبيين وفرض منطقة حظر الطيران، وكان هدف كلينتون المعلن منع وقوع كارثة إنسانية محتملة، لكن سرعان ما تحولت إلى حرب شاملة.
وكتب عقيد في هيئة الأركان المشتركة: «في غضون أسابيع من الثورة كانت هناك فرصتان سانحتان لوقف إطلاق النار، الأولى قدمت إلى وزارة الدفاع البنتاغون ورؤساء الأركان هيئة الأركان المشتركة ، أما الفرصة الثانية فقدمت إلى القيادة الأميركية في إفريقيا لإجراء مفاوضات مباشرة مع القذافي واقناعه بالتخلي عن السلطة.
وأكد العقيد في هيئة الأركان المشتركة JCS أنّ وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون رفضت كل الفرص وأوقفتها.
وكشّفت الاتصالات الداخلية في 18 آذار 2011، والتي نُشرت للعموم في العام 2015، بحسب ما كتبه عقيد في هيئة الأركان المشتركة «بفضل قرار مجلس الأمن الدولي، أسرعت القوات الليبية للوصول إلى بنغازي، وسوف تتوقف قريباً النار، كما هو متوقع». وأضاف العقيد: «سيكون لدينا لقاء وجهاً لوجه مع سيف القذافي، أو عبر سكايب»، مشيراً إلى ضرورة أن تكون مع مسؤول وكيل الأمين العام رفيع المستوى لإقناعه بالموافقة.
وأكد المسؤول العسكري الأميركي أنّ الحل السلمي لا يزال ممكناً، مؤكداً ضرورة الحفاظ على سيف القذافي إلى جانبهم من دون أيّ إراقة للدماء في بنغازي، لكن ورغم تلك المحاولات، التقت وزيرة الخارجية كلينتون في 14 آذار 2011 مع زعماء المتمردين في باريس، بما في ذلك محمود جبريل، الثاني في جماعة الأخوان المسلمين الليبية، الذي أكد دعمه للثورة.
وعلى الرغم من الفرص لوقف إطلاق النار لمنع «سفك الدماء في بنغازي» في بداية الأعمال العدائية، تدخلت وزيرة الخارجية الأميركية ودفعت بسرعة سياستها الخارجية في دعم الثورة من قبل الأخوان المسلمين والإرهابيين المعروفين في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة التي تقودها.
إلى ذلك، وبعد الدعم الذي قدمته الخارجية الأميركية، انخرط أحد قادة كتائب الثوار الليبيين، أحمد أبو ختالة، في الهجوم على السفارة الأميركية ببنغازي في 11 أيلول 2012.
ولم تحدث حرب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في الواقع أيّ فارق، وإنما أدت إلى كارثة إنسانية حقيقية جداً ومأساوية للغاية، نتج عنها سوء في الحكم وسياسة فاشلة في تسليح الإرهابيين، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الضحايا، ومقتل السفير الأميركي وثلاثة أميركيين.
وتواصلت الحرب الأهلية في ليبيا وانهّار الاقتصاد الليبي، وفشّلت الدولة في الحد من أزمة المهاجرين، وبات من الواضح أنّ الكارثة الليبية تتصدر إرث وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون من الفشل.
نقلاً عن موقع «ناشيونال أنترست»