لن يَشفَع لهم رفع المصاحف بعد اليوم…

د. رائد المصري

لا بدَّ والقول بأنها حال من الجنون يعيشها العالم اليوم، كلّ العالم، من تطرف وعنف ويمينية وانعزال. فلماذا وعلى الدوام يسبق التشكيل الدولي وبلورته بعد الصراع العُنفي حالات من الاصطفافات والاستقطابات الحادّة الإلغائية؟ هو وضع عرفه العالم بعد الحرب العالمية الأولى امتداداً إلى الحرب العالمية الثانية ونشوء الحالة النازية والفاشية واليهودية بقواها العنصرية والشوفينية.

الوضع الهستيري المجنون نجده في الخطابات والتصريحات وعبر العملية الديمقراطية المزيّفة التي ستفرز على ما يبدو صقوراً متطرفين تبدأ من الولايات المتحدة ولا تنتهي بالكيان الصهيوني. فالسعودية رئيسة لجنة حقوق الإنسان و«إسرائيل» رئيسة اللجنة القانونية في الأمم المتحدة!

هو مسار يشبه بوجوهه النسق السياسي والموروث التاريخي لقيام «خلافة» أبو بكر البغدادي ودولته المزعومة، والتي مضى عليها حتى الآن عامان بالتمام والكمال.

مدير المخابرات الأميركية الذي أعلن أنّ عشرات الآلاف من الإرهابيين ينتشرون في كلّ أنحاء العالم، ورغم العمليات البربرية التي تجتاح العالم من قبل هذا التنظيم الوحشي المعروفة المصدر والتمويل والفكر، فلا زالت الخلافات قائمة حول ضرورة وأولوية الحرب للقضاء على «داعش» وجماعاتها. نحن طبعاً لا نستغرب أبداً تصرفات المستعمرين الأميركيين، و«الإسرائيليين» من بعدهم، في سبيل استخدام وتطويع الرجعيات العربية وإبقاء حالة الشبهة الدينية والفقهية على ممارسات التنظيمات الإرهابية لتبقى محلّ تجاذب وإبهام وانقسام وضبابية، ذلك أنّ المستعمر الأميركي لم يتوانَ عن إلقاء قنبلة ذرية على شعب هيروشيما وناكازاكي، فما بالك لحالة تكفيرية بموروث ديني تعتبر استرجاع الخلافة الإسلامية حقاً من حقوقها الشرعية والدينية والتاريخية؟

ذلك أنّ العصب الأساسي والباطنة المملوءة بالوباء الإرهابي التكفيري الخفية منها أحياناً والظاهرة كثيراً كانت جماعات «الإخوان المسلمين»، ومنذ تاريخ زوال الخلافة العثمانية يجهد الإخوان على هذا الاستحضار ضاربين كلّ آفاق أو رؤية للتنمية أو قيام دولة حقيقية ترعى شؤون المواطن وتضعه قيد المساواة أمام القانون، حتى لو كان الثمن الارتهان للغرب وللمستعمر. فبعد كسر ظهرهم في مصر، والذي كان يبني عليه المشروع الغربي كلّ طموحاته وتطلعاته، تعيش تركيا حالياً حالة مزدوجة من العزلة والتهميش، في وقت تتآكل فيه معجزتها الاقتصادية تدريجياً ويضرب الإرهاب عمقها وتخسر حربها في سورية دون أن تربح العراق وإيران، ويواجه حلفاؤها الخليجيون اتهامات خطيرة بدعم الإرهاب وتمويله وانكسارات كبيرة في اليمن وتراجعاً في العوائد النفطية يهدّدها بالإفلاس وصولاً إلى بيع أصول الدولة لتمويل حروبها.

فمعركة الفلوجة انطلقت ونجاحها فتح مبين وطريق واسع لتحرير كامل العراق من هؤلاء الظلاميين، الذين يتخذون من المدنيين دروعاً بشرية ويختبئون خلف النساء ويلبسون لباسهم الشرعي ليتمكنوا من الفرار، حيث قبض على أكثر من 500 إرهابي منهم…

ما بين الفلوجة والرقة حكاية صفين الواقعة على ضفاف الفرات في سورية بالقرب من الحدود العراقية، هي حكاية وتاريخ يتكرّر في كلّ يوم منذ 1400 عام، حيث يقع كذلك ضريح الصحابي الجليل عمار بن ياسر الذي استشهد مدافعاً عن الإمام علي في معركة صفين…؟

فرفع المصاحف في معركة الفلوجة والرقّة وحلب لن ينفع ولن يشفع لهم ولو رفعوها ألف مرة…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى