الرياض تنجح بإحراج إيران للمرة الثانية وتنثر «غبارها»
روزانا رمّال
الحرب التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط بشقها الذي يوحد المأزق ضمن إطار مكافحة الإرهاب كعامل يرتد على كل الدول المعنية لم يفلح في توحيد الحكومات على فكرة القتال الذي حشدت له كل القوى المتصارعة منذ ست سنوات، لكن كل حسب أجندة تختلف حتى اللحظة بتصنيف غايات وتحركات الإرهاب بالتالي فإن فكرة الاستفادة من الحركات التكفيرية الجهادية لا تزال حاضرة بشكل يجعل من القوتين الأكبرين في الميدان الممتدتين من العراق لسوريا «داعش» و«جبهة النصرة» إحدى أبرز أوراق القوى المناوئة للحلف الإيراني بكل عناصره التنظيمية. وهنا تلعب دول خليجية، تحدثت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون عنها، دوراً بارزاً بتمويل هذه المجموعات، سبقتها إلى ذلك دعوات الرئيس اوباما في مجلة اتلانتك لعدول السعودية عن موقفها الداعم للإرهاب من جهة والمتطرف لجهة إيران من ناحية أخرى.
تنظيم داعش حظي بدعم سعودي تحدثت عنه تقارير وزارة الدفاع الروسية منذ دخولها العمل العسكري الميداني في سوريا لجانب الجيش السوري والإيراني وحزب الله في وقت لم تبدُ روسيا مستعدة لكشف هذه الوقائع لولا الاشتباك الأبرز مع تركيا في حادثة إسقاط الطائرة على الحدود مع سوريا بنيران تركية فاندلعت أزمة أو قطيعة لا تزال واضحة المعالم حتى الساعة، بالرغم من مساعٍ تركية حثيثة لكسر الجليد وبث مواقف تعنى بحزب العدالة والتنمية، وهي مستجدة بطبيعة الحال تبتغي حل المشكلات التي تكبدت تركيا جراءها عداوات مع الجوار من الأزمة السورية في إشارة لأنقرة تحديداً. وهنا وبالعودة للتقارير الامنية الروسية برزت ايضاً وثائق تتحدث عن دعم تركيا لتنظيم جبهة النصرة بالشمال السوري بشكل خاص، اضافة إلى داعش وهنا بدت الدول الخليجية معنية مع تركيا بسير العمليات الأمنية بسوريا ما يعني وقوفها عند احتمالات الربح والخسارة وتحسبها لنقاط ضائعة قادرة أولاً على خلق مشاكل داخلية محلية في صفوف الرأي العام للدول المعنية والثاني خسارة نقاط على طاولة التسويات الدولية المقبلة.
تحرير الفلوجة من قبضة داعش لا يُستهان فيه كحدث بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تعتبر بهذه الخسارة أنها مُنيت بأكبر مضخات الدعم اللوجستي للمجموعات القادرة على إبقاء الورقة السعودية عراقياً في أسوأ حال، بعد تصفية ملفات الجوار السعودي. وهنا تدرك السعودية معنى هذا الربح الذي حققته إيران وحلفاؤها بشكل واضح وتدرك ايضاً معنى التعاون الغربي بهذا الإطار او الاميركي الذي جسد فعلاً نيات الأميركيين بالتعاون مع طهران بملف مكافحة الإرهاب، اذا توافرت عناصر الربح للطرفين ما يؤسس لقلق سعودي اكبر لعلاقة أسست لتصدع بين المملكة وواشنطن منذ الإعلان عن النيات في حلحلة الأزمة النووية.
تستكمل القوات الأمنية العراقية السيطرة على باقي أحياء الفلوجة بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد وجهاز مكافحة الإرهاب مؤمنة الحصار والتطويق على مسلحي تنظيم داعش في اتجاهات المدينة كافة التي تعتبر بالعموم انتهت عملية التحرير الأساسي للمدينة. فتحرير الفلوجة يفتح الطريق نحو معركة الموصل وخسارة داعش في العراق بشكل مركزي. فالمدينة تضم معامل يتزود منها المسلحون منطلقين نحو تنفيذ الأهداف وتضم ايضا ابرز المناطق الصناعية التي تكفلت بتصدير سيارات مفخخة نحو بغداد العاصمة ,التخلص من منطقة صناعية بهذا الحجم ستخفف حتماً حضور التنظيم عتاداً وذخيرة في العراق.
تحرير الفلوجة لا يقف عند البعد الأمني الذي يشكل انتكاسة واسعة الأفق للمعولين على تماسك المدينة التي تعتبر خزان داعش العسكري. فالبعد السياسي الذي يطال الدول الممولة بالتحديد السعودية يضاف إلى سلة انتكاسات بات الرأي العام الخليجي واقفاً عندها خصوصاً بقبول الرياض مبدأ التفاوض مع انصار الله في اليمن وهم حلفاء إيران الذين أخضعوها لحتمية الاعتراف بحقوقهم ووجودهم أولاً. ومن جهة التخوف من المد السياسي الإيراني كنفوذ بعد الانتصار في العراق أيضاً والصمود في اليمن ما يؤسس لمشكلة اهتزاز أمني في الخليج وخطر انقياد غير مباشر لفكر تفوّق إيران العسكري في المنطقة. وهو بطبيعة الحال تفوق «شيعي « بالإطار الضيق للحكم السعودي.
تخشى المملكة العربية السعودية من إضفاء زخم على الحركات التحررية الشيعية بالخليج، ويظن حكامها أنه من الضروري الالتفات إلى هذا الأمر قبل أن تفكر القوى المعارضة بالتوجه نحو أي تحرك شعبي بهذا الإطار، لهذا السبب تنزح دوماً نحو التصعيد بتقديم أكثر أنواع التهديد الأمني والسياسي على حياة قادة التحركات هناك، مثل حادثة إعدام الشيخ نمر باقر النمر في السعودية بعد سلسلة انتكاسات باليمن وسوريا بالدخول الروسي الذي كان قد مضى عليه بضعة أشهر في محاولة منها للاستفادة من يقين مسبق مفاده «أن إيران لن ترد على كل ما يوحي بمذهبة الصراع أي أن طهران غير مستعدة للرد على إعدام شيخ شيعي بأي تصعيد يفهم مقابل الحكومات السنية، فتنجح الرياض بحساباتها التي أعادتها مجدداً اليوم وللمرة الثانية بعد تحرير الفلوجة الاستراتيجي».
تم إسقاط الجنسية البحرينية عن الشيخ عيسى أحمد قاسم، بتهمة لعب دور في خلق بيئة طائفية متطرفة، والعمل على تقسيم المجتمع تبعاً للطائفة.
تؤكد سلطات البحرين أنها «ماضية قدماً لمواجهة كافة قوى التطرف والتبعية لمرجعية سياسية دينية خارجية»، وهي تقصد المرجعية لطهران وهي التهمة نفسها التي وجهت للشيخ النمر قبل إعدامه.
تحرير الفلوجة احتاج لنثر الغبار السعودي عليها بتصعيد ضد الشيعة في البحرين، لكنه لن يخفي الخضوع لمشاركة «انتكاسة» مفاوضة الشيعة باليمن – في الكويت!