خلوة آب.. تلاعبٌ على الصيغ

هتاف دهام

لن تأتي خلوة الثاني والثالث والرابع من آب المقبل لهيئة الحوار الوطني، بأيّ جديد. هدف رئيس المجلس النيابي نبيه بري من وراء هذا الطرح إلى محاولة ضخ حيوية جديدة تتجاوز اللحظة المستهلكة التي وصلت إليها الهيئة الموسعة. لا مؤتمر تأسيسي قريب يبنى عليه. جُلّ ما في الأمر أنّ الحوار في عجز أمام الحائط المسدود. هناك محاولة للتلاعب على الصيغ علّها تربح وقتاً بانتظار توفر ظروف ومعطيات إقليمية تؤدّي فعلياً إلى حلّ جدّي. مسمّيات الخلوة أو غيرها لا تتجاوز التطوير في الشكل مع عدم القدرة فعلياً على إحداث اختراق في المضمون. خرجت نقاشات الرئاسة الأولى والقوانين الانتخابية على مدى 20 جولة من حوار الوقت المستقطع خالية الوفاض. حوار طرشان. كلٌّ يغني على قياسه الانتخابي.

لم يطرح رئيس المجلس النيابي مشروع وزير الداخلية السابق مروان شربل الانتخابي القائم على أساس النسبية مع 13 دائرة. أقفل رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة الباب على أيّ نقاش في قانون الانتخاب. انتقد كلّ الاقتراحات والمشاريع المقدّمة من مشروع حكومة الرئيس ميقاتي إلى اقتراح المختلط المقدّم من الرئيس بري. وتمسك بالصيغة الثلاثية القائمة على أساس انتخاب 68 نائباً على أساس الأكثري و60 نائباً على أساس النسبي. من هذا المنطلق غمز بري من قناة «المستقبل» لا تفكّروا بعد اليوم بالتمديد. ونبّه من «أنّ الناس ستنزل إلى الشوارع إذا أجريت الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين». لكن منطق السنيورة في هيئة الحوار يثبت أنّ تياره لا زال على موقفه من قانون الانتخاب. لا يريد أيّ كلمة نسبية في القانون المنتظر. لا يدافع رئيس الكتلة الزرقاء عن الصيغة الثلاثية المختلطة، بقدر ما يدافع عن القانون الأكثري النافذ الذي يبقي قانون الستين حتى إشعار آخر. يقفل موقف «بلس» الطريق على أية محاولة جدية لإحداث نقلة نوعية في النقاش حول قانون الانتخاب. أمر العمليات الحالي المعتمد من قبل بيت الوسط، هو العرقلة ووضع العصي في الدواليب، وإقفال الطريق على أية صيغة قانون، حتى لو كانت للنقاش.

يقف كلُّ مكوِّن من مكونات الحوار خلف متراسه. جوجلة عين التينة الانتخابية أمس لم ولن تحمل إلى ساحة النجمة أيّ تطور يبنى عليه في اجتماع اللجان المشتركة اليوم. كرة نار قانون الانتخاب يجري تقاذفها بين الحوار واللجان. من غير الواضح كيف سيتعاطى النواب الأعضاء مع الموضوعات المتشابكة. اللجنة في أسوأ ظروفها. الخوض في النقاش سيكون على الأساس التقني وليس التفاهم السياسي.

استهلّ الرئيس نبيه بري الجلسة بالقول: الأمور تزداد تعقيداً وأنا أنتظر الأجوبة التي طرحتها في الجلسة السابقة، إما قانون انتخاب جديد، إما قانون الستين وإما دوحة جديدة.

الرئيس نجيب ميقاتي: أين أصبحنا في قانون الانتخاب.

نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري: لم نستطع أن نصل إلى نتيجة.

الرئيس فؤاد السنيورة: بعد يومين تنعقد الجلسة 41 لانتخاب الرئيس. نحن نخشى أن يمتدّ التعطيل إلى كلّ مناحي الحياة السياسية. هذا يؤشر على جوهر الأزمة ويؤشر على جوهر الحلّ. عندما ناقشنا مواصفات الرئيس قلنا إنه رمز وحدة الوطن. ويجب أن يتمتع بالتأييد في بيئته. ثم جرى حصر المرشحين بأربعة وجرى التعهّد بأن من يتمّ اختياره، يتمّ تأييده من قبل الآخرين. لكن هذا لم يحصل. عندما بادر تيار المستقبل إلى ترشيح النائب سليمان فرنجية، قامت الدنيا ولم تقعد رغم أنها خطوة غير مسبوقة ومليئة بالتضحية. رغم ذلك لم نتقدّم. هذا هو المفتاح الأساسي. ما يحزننا أنّ بقية الأطراف لم تتزحزح عن مواقفها. وهذا يطرح أسئلة حول هذا الموقف. موقفنا كان أولوية انتخاب الرئيس وليس تعيين رئيس والعناد لا يزال قائماً. ونشهد تخلياً عن انتخاب رئيس لمصلحة إقرار قانون انتخاب. نحن لسنا في وارد إعطاء جوائز ترضية لمن يعطل انتخاب الرئيس. وحول تقصير مهلة المجلس وقانون جديد، تابع السنيورة: نحن نسمع كلاماً حول صلاحيات الرئيس. مَن يسعَ إلى إقرار قانون انتخاب من دون موافقة رئيس الجمهورية فهو انتقاص من صلاحيات الرئيس. عندما شكلنا لجنة فؤاد بطرس التي أقرّت قانوناً مختلطاً كنا نتجه إلى أهمية التدرّج في تطبيق النسبية. للأسف لم يحصل هذا الاقتراح على الاهتمام الكافي. طرحت حكومة الرئيس ميقاتي مشروعاً يفتقد العدالة ويقوم على الكيدية. لقد طُرحت فكرة الخمسين دائرة في وقت من الأوقات، أبدينا تجاوباً. ثم طرحنا 37 دائرة. طرح الرئيس الشهيد رفيق الحريري مشروعاً يقوم على تأسيس مجلس شيوخ مع 37 دائرة أكثري واعتماد اللامركزية الإدارية.

بري: «شو يعني أنو معكم حق»، هل هناك طائف أم لا؟

السنيورة: نعم، نحن متمسكون بالطائف.

بري: أكمل اذاً.

السنيورة: إنّ طرح اقتراح المختلط القائم على انتخاب 68 نائباً على أساس الأكثري و60 نائباً على أساس النسبي يحظى بالأكثرية في مجلس النواب. وهو أقصى ما يمكن بلوغه من قبلنا. البعض يعطّل ويتهم الناس بالتعطيل. قدّم حزب الله فكرة نسبية كاملة مع لبنان دائرة واحدة ولم يبد أيّ استعداد للتنازل.

مكاري مقاطعاً: لكنه أبدى استعداداً لمناقشة الدوائر وتصغيرها.

السنيورة: إنّ مشروع بري غير عادل. هناك مشروعان مختلطان نحن متمسكون بمشروعنا القائم على أساس 68 60. وهذا أقصى ما يمكن أن نقدّمه. وحول تقصير مهلة المجلس، هناك مخاطر لهذا الأمر في ظلّ غياب الرئيس. نحن لدينا تخوّف فيما لو حصلت انتخابات نيابية جديدة، انه لا قيمة لأيّ ضمانات في النزول إلى المجلس. لأنه في السنوات الأخيرة قدّمت ضمانات عديدة ولم يتمّ الالتزام بها. لذلك أؤكد أهمية المسارعة في انتخاب رئيس والحاجة إلى تحريك المجلس النيابي.

بري للسنيورة: أفهم منك أننا نحتاج إلى دوحة جديدة، بمعنى أن نبدأ بانتخاب رئيس وصولاً إلى البنود الأخرى.

السنيورة: «دولة الرئيس ما تقوّلني شي ما قلتو».

بري: أنت اعتبرت أنّ صيغة فؤاد بطرس عادلة؟ هل يعني ذلك أنكم تقبلون بها؟

السنيورة مربكاً بلا جواب: أنا موافق على مبادئ بطرس.

بري: قانون بطرس استند إلى قواعد. الآن نائب رئيس المجلس موجود، حتى لو انتخبنا رئيساً، فستبقى العقدة الأصعب قانون الانتخاب.

مكاري: أنا طرحت في الإعلام منذ نحو أربعة أيام صيغة بطرس.

بري: كمبادئ. أنا لا أعطي موقفاً الآن. وفي الأصل يجب أن نعود إلى الطائف الذي يقول إنه بعد أول مجلس نيابي لا طائفي يستحدث مجلس الشيوخ. سبق أن اتفقنا على هذا الموضوع مع الرئيس ميقاتي بحضور البطريرك الراعي في روما، لكن عندما عدنا إلى بيروت جرى تمييع الوقت.

رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل: لماذا لا ندخل بعمق في هذا الموضوع ونلغي الطائفية السياسية ونؤسّس مجلس شيوخ على أساس «الأرثوذكسي»، ومجلس نيابي غير طائفي وفق الدوائر الفردية، لأنّ هذه الدائرة تحمي التنوّع الطائفي على أن يتمّ ذلك على أساس دورتين في المرحلة الأولى يترشح الجميع. وفي المرحلة الثانية ينحصر الترشيح بأقوى اثنين.

السنيورة: أنا أحيّي الشيخ سامي. هذه أول لمعة وطنية نسمع بها هذه الأيام. لكن تصغير الدائرة يؤدّي إلى شحن طائفي. فلماذا لا تكون الدائرة في ثلاثة مقاعد بدلاً من مقعد واحد. إنّ ذلك أفضل لأنه يشذّب الخطاب الطائفي.

بري: هل تعتبرون أننا بحاجة إلى خلوة لنصل إلى اتفاق، بحيث نبدأ برئيس جمهورية وقانون انتخاب وحكومة والبنود الأخرى.

السنيورة: لا.

بري: تهيّأوا لمواجهة الناس.

رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل: لكي نفهم صحّ، هل تقصدون مجلس شيوخ مع صلاحيات مستقلة.

بري يتلو البنود الـ14 في الدستور التي تحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء المجلس النيابي.

رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان: يبدو أنّ الرئيس فؤاد السنيورة طرح كلّ شيء إيجابي لنفسه ورمى السلبيات على الآخرين. لفت نظري ما قاله مكاري بأنّ الأمور أقفلت في ما يتعلق بقانون الانتخاب. أريد أن أسأل: «هل لا يزال الطائف معياراً أم لا؟ هل نحن ملتزمون به أم لا؟ هذا الأمر كان أحد أسباب الحرب الأهلية في لبنان ولهذا الأمر جرى الحديث عن مجلس نيابي غير طائفي ومجلس شيوخ لم تحدّد صلاحياته. أقول إذا كان الطائف معياراً، فلنذهب إلى قانون إصلاحي لأنّ روحية الطائف هي الخروج من المذهبية. نعم هناك حاجة إلى السلة الواحدة. إذا كانت هناك إرادة حلّ لدى الجميع فنحن معنيون أن نذهب جميعاً إلى خلوة، إلى دوحة شبيهة، على أن نخرج بحلّ نهائي. لا مانع لدينا إذا كانت الأولوية لقانون الانتخاب أو لرئاسة الجمهورية. الأمور مثل بعضها في ما يتعلق بقانون انتخاب، نحن نريد ما يجمع بين اللبنانيين أيّ لبنان دائرة واحدة أو خمس محافظات، لكننا ضدّ القوانين المركبة.

الجميّل: نحن في نظام نسبي لأنّ توزيع المقاعد على النسبية. فكيف نعتمد النسبية على النسبية؟ أعتقد أنّ اللامركزية مسألة ضرورية للإصلاح.

ميقاتي: إنّ خارطة الطريق هي اتفاق على قانون انتخاب وانتخاب الرئيس. إقرار قانون انتخاب مثل إجراء الانتخابات النيابية. أرى نوراً صغيراً من خلال طرح مجلس الشيوخ، لكن أتحفظ على إلغاء الطائفية السياسية من دون أن تكون مرتبطة بتشكيل هيئة إلغاء الطائفية السياسية.

باسيل: السؤال الذي يجب أن نفكر فيه يتعلق باللامركزية الإدارية التي يجب أن تكون جزءاً من الحلّ. لكن أيّ لامركزية إدارية؟ هل تيار المستقبل موافق على هذه الصيغة السلة الكاملة ، لأنّ ما فهمته من كلام الرئيس السنيورة أنه لن يسير بها. جميعنا متفقون على احترام الطائف. ونستطيع من خلاله أن نعتمد آلية تطور.

وزير الاتصالات بطرس حرب: يجب أن نأخذ مواقف المسيحيين بعقلانية. المنطقة تتجه نحو التطرف الإسلامي، وفي لبنان هناك سلاح حزب الله خارج الدولة. تقوم النسبية على الأحزاب وبغياب الأحزاب تكون النسبية «طق حنك» والأحزاب القائمة هي أحزاب طائفية، ونحن نحتاج إلى تدرّج في تأهيل الناس. كان الهدف من طرح مجلس الشيوخ تطمين الطوائف في حالة إلغاء الطائفية السياسية.

إنّ الدائرة الفردية جديرة بالبحث وتوفر صحة التمثيل. وأعرف لماذا الأحزاب الكبرى لا توافق عليها. أنا أعتبر أنّ إقرار قانون انتخاب في ظلّ غياب الرئيس مرفوض أما إجراء الانتخابات في ظلّ غياب الرئيس فهو جريمة كبرى. كلّ عملية تؤدّي إلى تدمير النظام هي أذية للمسيحيين.

وزير السياحة ميشال فرعون: أريد أن أثني على التعاون الأمني وأندّد بالإشاعات حول الأوضاع الأمنية. لدينا اقتراحان: اقتراح قائم على أساس انتخاب 64 نائباً على أساس النسبي و64 نائباً على أساس الأكثري، واقتراح قائم على أساس انتخاب 60 نائباً على أساس النسبي و68 نائباً على أساس الأكثري. أتمنى أن نصل إلى نتيجة ويتمّ التوفيق بين المشروعين. ويبقى قانون الستين، ما هي عيوبه؟ قد يكون فرض نائب على بيئته ولهذا طرحت أن يكون مؤيداً من بيئته بـ 25 من الأصوات. وهذا ما اعتبره الرئيس السنيورة بحاجة إلى تعديل دستوري. لم نتقدّم في الموضوع الرئاسي، لكن نستطيع أن ننتخب رئيساً على ثلاث سنوات ونضع ساعتئذ هذا الجدول للنقاش. لكن أن ندخل لمناقشة هذا الجدول في خلوة بمعزل عن رئيس الجمهورية فهذا أمر مرفوض. نحن نسعى في الخلوة إلى التفاهم على قضايا لكن على أن نبدأ بانتخاب الرئيس.

الجميّل: عندما طرح السيد حسن نصرالله فكرة المؤتمر التأسيسي كنا أقلّ الناس انزعاجاً. النظام السياسي فشل فشلاً ذريعاً ولا أدري كم بات مؤاتياً الحديث عن الطائف الذي لم يطبّق. هناك حاجة إلى مؤتمر تأسيسي لكن بعد انتخاب الرئيس. كما أني لا أستطيع أن أعطي جواباً حول مناقشة هذه الأمور في غياب الرئيس.

بري للجميّل: أي متى تستطيع إذن؟ ويكرّر رئيس المجلس: نتفق على أن لا نبدأ إلا بانتخاب الرئيس. أنا لم أزعم ولا أستطيع أن أزعم أنّ هذه الطاولة هي مؤتمر تأسيسي. كنت طرحت ثلاثة مخارج. بدا معنا أنّ اثنين منها مقفلان من غير أن نوقف عمل اللجان المشتركة وغيرها. لم يبق أمامنا سوى الخلوة على مدى يومين على الأقلّ كي لا يقع الناس في يأس. الخلوة ليست مؤتمراً تأسيسياً.

السنيورة: يجب أن لا نوحي بأيّ شكل من الأشكال بأنّ هذه الخلوة هي تمهيد لمؤتمر تأسيسي بعقد اجتماعين أو ثلاثة تحت سقف الطائف.

وبعيداً عن قانون الانتخاب ورئاسة الجمهورية، طرح النائب غازي العريضي موضوع النفط والواقع الاقتصادي والاجتماعي والمالي.

بري: رئيس الحكومة سيدعو لجنة النفط إلى الاجتماع قريباً ووزير الطاقة أرثور نظريان أبلغني أنّ «إسرائيل» لم تسمح للبواخر أن تستكشف في البلوكات 8 – 9 – 10 في الجنوب، بمن فيها شركة سبكتروم الإنكليزية. لقد حصلت وزارة الطاقة على خريطة تفيد أنّ أغزر كمية للغاز موجودة في البلوك 8 والمشتركات في البلوك 9 . لا يمكن الاستمرار بإهمال هذا الملف والتفريط بالثروة الوطنية.

باسيل: لبنان تأخر بإقرار مراسيم النفط. إقرارها اليوم أفضل من الغد. والخوف من أن تمدّ «إسرائيل» يدها على نفطنا وعلى حقل كاريش. لكن هذا ليس وارداً لأنّ معادلة القوة التي تمثلها المقاومة هي التي تحمي حقولنا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى