تقرير
مع اقتراب الاستفتاء البريطاني حول الخروج من الاتحاد الأوروبي أو الاستمرار فيه، نشرت صحف أميركية تقارير عن توقعات نتيجة الاستفتاء والآثار المتوقعة لخروج بريطانيا التي وصفها بعض الخبراء بأنها كارثية.
وقال تقرير في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن البريطانيين عموماً لا يعتبرون أنفسهم أوروبيين، إذ إن واحداً منهم فقط يعتبر نفسه أوروبياً مقابل كل سبعة، مقارنة بثلاثة من الألمان يعتبرون أنفسهم أوروبيين مقابل واحد. وإذا فاز خيار البقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي يُجرى الخميس المقبل، فإن ذلك سيعزى إلى حسابات السياسة والاقتصاد فحسب، لا إلى مشاعر الهوية الواحدة مع أوروبا.
وأشار التقرير إلى أن صورة أوروبا في أذهان البريطانيين حتى اليوم هي أنها البلاد التي تحاك فيها المؤامرات على غزو بريطانيا، وتعتمل فيها الأزمات، كما أنها الأرض التي ولدت فيها البيروقراطية. وأوضحت أن هذه الصورة تفسر التأييد الكبير للخروج من الاتحاد على رغم قول كثيرين من الخبراء إن الخروج ستكون له نتائج كارثية على الصعد السياسية والاقتصادية والاستراتيجية.
وأضافت الصحيفة أن الاستطلاعات أظهرت أن خيار الخروج شهد صعوداً الأسبوع الماضي وتجاوز خيار البقاء بنسبة ضئيلة لينحسر بداية الأسبوع الجاري أيضاً بشكل طفيف لتظل المنافسة بين الخيارين محتدمة وكلا الاحتمالين وارد الوقوع. ولم تورد الصحيفة أرقاماً لحركتي الصعود والهبوط.
ووصف تقرير الصحيفة العوامل التي تقف وراء الرغبة الواسعة في الخروج بأن مشاعر الغضب والخوف من الغرباء وسط البريطانيين قوية ويغذيها سياسيون يشيطنون أوروبا، وصحف «التابلويد» التي تلهب مشاعر الوطنية بعناوينها المخيفة التي تحذّر من «غزو» المهاجرين واللاجئين.
أما صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية فقد نشرت تقريراً هي الأخرى قالت فيه إن دول الاتحاد الأوروبي حذّرت بريطانيا من أنها إذا خرجت فستدفع الثمن، مضيفة أن دول الاتحاد الأخرى تنظر إلى خروج بريطانيا بعدم تصديق حتى الآن وبخوف وغضب، لكنها في الوقت نفسه تستعدّ للردّ إذا قرّر البريطانيون الخروج.
ونقلت عن مسؤولين ومحليين أوروبيين قولهم إن دول الاتحاد ستردّ على البريطانيين بشكل قاس للغاية حتى تردع كلّ من يفكر في اقتفاء أثر بريطانيا، مضيفة أنه مع ضغوط مشاكل الديون اليونانية وأزمة اللاجئين و«الإرهاب» فإن دول الاتحاد الكبيرة والقوية مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ترغب في حسم الأمور مع لندن بسرعة إذا اختارت الخروج حتى يكون كل شيء واضحاً للتفرغ لمواجهة المشاكل المذكورة.
وأشارت إلى أن هذه الدول سترفض على سبيل المثال أيّ اقتراح بريطاني، بعد الخروج، لبقاء لندن في السوق الأوروبية الواحدة حتى لغرض الخدمات المالية، وأنها ستتّخذ إجراء ضدّ بريطانيا حتى تجعل الخروج من الاتحاد أمراً منفراً، خصوصاً أن مناصري الخروج من أحزاب اليمين المتطرّف في القارة في مرحلة صعود وإذا لم يكن لخروج بريطانيا عواقب ضارة على لندن، فإن الدعاية اليمينية المتطرّفة ستكسب المزيد من الشعبية.
وقالت الصحيفة إن بعض المسؤولين الأوروبيين مثل رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك يتحدّثون عن خروج بريطانيا بلغة تناسب التحدّث عن نهاية العالم، إذ قال توسك لصحيفة «بيلد» الألمانية إن جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي سيعانون، وإن البنية الأوروبية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية وحفظت السلام للقارة ستين سنة ستعاني هي الأخرى. «لا أحد يستطيع التنبؤ بالنتائج على المدى البعيد، لكنني كمؤرخ أخشى أن يكون خروج بريطانيا هو بداية القضاء ليس على الاتحاد فقط بل على الحضارة السياسية للغرب».