سورية والقرار 2170: هل تتدخل واشنطن عسكرياً؟
عامر نعيم الياس
أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 2170 الذي يهدف إلى قطع التمويل ومنع تدفّق «الجهاديين» إلى العراق وسورية، وينصّ القرار الذي صاغته بريطانيا على إدراج ستة من المموّلين السعوديين والكويتيين وغيرهم على قائمة العقوبات الخاصة بتنظيم «القاعدة» والتي تشمل حظر السفر وتجميد الأصول المالية. كما يطالب القرار الصادر تحت الفصل السابع «الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمنع تدفق الإرهابيين الأجانب إلى العراق وسورية» مهدّداً «بفرض عقوبات على الجهات التي تسهّل تجنيد وانتقال هؤلاء إلى مناطق النزاع. ويحذّر القرار الحكومات والكيانات التجارية بأنّ التعامل التجاري مع الجهاديّين يعتبر «ضرباً من الدعم المالي» وقد يعرّض هذه الحكومات والكيانات «للعقوبات الدولية».
جاء القرار الدولي الذي يسمح إدراجه تحت الفصل السابع باستخدام العقوبات الاقتصادية أو القوّة المسلحة لفرضه، على خلفية التدخل العسكري الأمريكي الجوي في شمال العراق لحماية الأكراد، متزامناً مع قرار أوروبي بتسليح الأكراد، وهو ما أدى إلى طرح تساؤلات حول إمكانية تجيير واشنطن للقرار الأممي في خدمة استراتيجيتها في سورية، بمعنى استخدام القوة العسكرية في سورية بحجة ملاحقة التنظيمات الجهادية، فهل هذا ممكن؟
اتخذ القرار الدولي بالإجماع وهو يخصّ تحديداً تنظيمي جبهة النصرة والدولة الإسلامية اللذين يعتبران القوة المركزية التي تواجه القوات المسلّحة في سورية، ودونهما من التنظيمات لا يعدو كونه لقمة سائغة بإمكان الجيش السوري القضاء عليها من دون الحاجة إلى خوض حرب الاستنزاف الطويلة هذه وتوزيع القوات المسلّحة على كامل الجغرافيا السورية، فهل تضرب واشنطن «داعش» و»النصرة»؟ هل من المنطقي أن تسحب واشنطن جهدها الحربي في العراق على شمال سورية وتضرب الدولة الإسلامية التي تسيطر بشكل شبه كامل على شمال شرق البلاد، ماذا يبقى لواشنطن من أوراق في مواجهة الجيش السوري والاستمرار في توليد ديناميات الفوضى عبر حرب الاستنزاف؟ هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى يسقط المراقبون من حساباتهم أن تدخل واشنطن ليس في العراق باعتباره وحدة جغرافية متكاملة تحت مسمّى الجمهورية العراقية، بل هو محدّد الأهداف وواضح المعالم، التدخل جاء من البوابة الكردية لحماية تقاطع المصالح الدولية والإقليمية في ما يُسمّى كردستان العراق، الدولة شبه المستقلة وصنو الدولة العنصرية القومية على أرض فلسطين، وهو بهذا المعنى تدخّل دفاعي لمواجهة «داعش» بهدف حماية أربيل والمصالح الأمريكية السياسية والعسكرية والأمنية في هذه الرقعة الجغرافية، وليس تدخلاً هجومياً لسحق «داعش» والتحالف المباشر مع الحكومة المركزية في بغداد لمواجهة هذا التنظيم الإرهابي.
تختلف سورية عن العراق، والدليل على ذلك ما حصل مع المالكي في لحظة تخلّ دولي إقليمي عنه، تختلف حتى بنظرة الساسة الأمريكيين على الرغم من اختلافهم حول الاستراتيجية الواجب اتّباعها في سورية، فالقاسم المشترك بين معظمهم هو عدم دعم الرئيس بشار الأسد أو التعامل معه سواء بقصد أو من دون قصد، هنا تأتي صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية لتقول «بالنسبة إلى الولايات المتحدة فإنّ ضرب المتشدّدين في شمال العراق قرارٌ سياسي واضح لحماية الأقليات من مسيحيين وأيزيديين، لكن في سورية، فإنّ الضربات الأمريكية الجويّة ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية من شأنها أن تساعد من دون قصد نظام الرئيس بشار الأسد عسكرياً وسياسياً، إضافةً إلى إضفاء الشرعية على دمشق وذلك على حساب المعارضة». أما الـ»واشنطن بوست» فإنها تتفق مع زميلتها وتضيف: «يعمل أوباما على حماية الآلاف من الموظفين الأمريكيين في العراق، وخلافاً للأمر مع سورية، تعمل الولايات المتحدة مع الحكومة العراقية لمحاربة تنظيم متطرف موضوع على اللائحة الأمريكية السوداء، ويتم تقديم المساعدة العسكرية الأمريكية للحكومة المركزية في بغداد وللسلطات الكردية شبه المستقلة».
لا تزال عوامل ومقومات الصمود السوري على حالها، كما لا تزال صورة المشهد الدولي والتوازنات التي منعت الحرب على سورية قائمة وبشكل أكثر مباشرةً من ذي قبل، ولا نية أمريكية لضرب سورية أقلّه في المدى المنظور، فالدولة الإسلامية وشقيقاتها تحقق المرجو منها بعيداً عن أيّ تورّط أمريكي غربي مباشر.
كاتب سوري