هل ينجح نتنياهو بإطالة أمد المفاوضات وتجنب تقديم التنازلات والعودة لحرب الاستنزاف؟
حسن حردان
إذا لم تحصل مفاجأة فإنّ المفاوضات غير المباشرة بين الوفدين الفلسطيني الموحد، و«الإسرائيلي» في القاهرة لا يتوقع لها أن تصل إلى اتفاق على وقف نار دائم، لأنّ حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو اتخذت قراراً مسبقاً بإفشال المفاوضات وإعادة الأمور إلى ما دون الصفر.
ويبدو من الواضح أنّ السبب في هذا القرار «الإسرائيلي» إنما يعود إلى أنّ نتنياهو واقع في مأزق:
من ناحية لا يريد منح حركات المقاومة الفلسطينية مكاسب سياسية، غير مستعدّ لتقديمها حتى الآن لا وزراء حكومته، ولا الرأي العام «الإسرائيلي» المؤيد لسياساته.
لكنه في الوقت نفسه لا يريد العودة إلى حرب الاستنزاف التي تشلّ الاقتصاد «الإسرائيلي» وتجعل المستوطنين ينقلبون عليه، ما سيؤدي إلى تراجع شعبيته التي لا تزال مرتفعة حتى الآن حسبما تؤشر استطلاعات الرأي.
ولهذا فإنّ نتنياهو يريد مخرجاً ثالثاً بتجنّب الوقوع في واحد من الخيارين المذكورين.
فما هو هذا المخرج، أو الخيار الثالث؟
الظاهر من خلال المواقف «الإسرائيلية» وتحليلات الصحافة العبرية، أنّ هناك توجّهاً لدى نتنياهو يرتكز إلى خطين:
الخط الأول: السعي إلى إطالة أمد المفاوضات، بتمديد الهدنة، مع انتهاج طريق المماطلة والتسويف والمناورة المعروفة عن المفاوض «الإسرائيلي» بقصد إنهاك المفاوض الفلسطيني وإدخاله في مأزق مع جمهوره الفلسطيني، وصولاً إلى محاولة التوصل إلى اتفاق، يقضي بتخفيف الحصار والسماح بإعمار القطاع مقابل هدنة مديدة تحت رقابة دولية ومصرية.
الخط الثاني: إذا ما فشل في المسار الأول وأصرّ الجانب الفلسطيني على مطالبه وعدم تمديد الهدنة، يجري العمل على محاولة دفعه إلى تفجير المفاوضات حتى لا تتحمّل «إسرائيل» المسوؤلية وتواجه مزيداً من الضغوط الدولية عليها لإنجاح المفاوضات، والسيناريو «الإسرائيلي» لتحقيق ذلك، يكمن في طرح نزع سلاح المقاومة، مقابل رفع الحصار وإعمار قطاع غزة بقصد استفزاز المفاوض الفلسطيني ودفعه إلى تفجير المفاوضات.
غير أنّ هذا المخطط «الإسرائيلي» لإجهاض المفاوضات وحرمان المقاومة من تحقيق انتصار سياسي، يعزز رصيدها الشعبي ويزيد من حضورها وقوّتها. الطريق أمام نتنياهو ليس معبّداً لأنّ المفاوض الفلسطيني مدرك له كما تظهر تصريحات أعضاء الوفد وهو لن يتخلى عن حقوق شعبه، ولن يقبل بتمديد الهدنة للمرة الثالثة إذا كان الهدف منها تكريس مفاوضات من أجل المفاوضات، وصولاً إلى فرض معادلة نتنياهو «الهدوء مقابل الهدوء» كأمر واقع، ولهذا فإنّ «إسرائيل» اتخذت قراراً بوقف حركة القطارات بين عسقلان وسديروت في جنوب فلسطين المحتلة من مساء أمس خوفاً من تعرّضها لصواريخ وقذائف المقاومة مع انتهاء الهدنة ليلاً.
في ظلّ هذه التطورات التي تؤشر إلى المأزق الذي غرقت فيه «إسرائيل»، بسبب فشل عدوانها على قطاع غزة، فإنّ «إسرائيل» أيضاً بدأت تدفع ثمن تدخل نتنياهو الفظ في الانتخابات الأميركية ووقوفه ضدّ الرئيس الأميركي باراك أوباما فالبيت الأبيض ينظر إلى نتنياهو على أنه جندي في خدمة الجناح اليميني المتطرف في الحزب الجمهوري وقد تحوّل إلى عدو سياسي داخلي للرئيس أوباما وحزبه الديمقراطي.