«دير شبيغل»: استفتاء بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي… حسناته وسيّئاته للبريطانيين

نشرت صحيفة «دير شبيغل» الألمانية مؤخراً، تقريراً أعدّه كل من: ماركوس بيكر، ديفيد بوكينغ، لإلموت سايتشينجر، فيرا كامبر، كلوديا نيسين، وكارستن فولكيري. وتناول التقرير الذي ترجمه أحمد الخطيب لـ«ساسة بوست»، الاستفتاء الذي سيجرى اليوم في بريطانيا، حول البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه.

وجاء في التقرير: في يوم 23 حزيران الجاري، يدخل البريطانيون في استفتاءٍ بسؤالٍ بسيطٍ، لكنه غاية في الأهمية والتأثير على الأوضاع: السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية في بريطانيا نفسها، ويمتدّ أثره إلى الدول الأوروبية كافة: «هل أنت موافق على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟».

وفي هذا السياق، عرضت مجلة «دير شبيغل» الألمانية تقريراً يجمع 13 سؤالاً وإجابة هي كل ما قد تحتاج إلى معرفته في شأن الاستفتاء، وخلفياته، والسيناريوات المتوقعة لكلا الإجابتين على السؤال السابق.

ما هو استفتاء بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي؟

– يُقرر الشعب البريطاني في هذا الاستفتاء ما إذا كان يرغب في الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يُعرَف إعلامياً بـ«Brexit» بجمع الكلمتين «Britain» بريطانيا و«exit» خروج . وتُظهِر استطلاعات الرأي أنَّ معسكري الموافقة والرفض متساويان تقريباً حتى الآن ما يجعل التنبؤ بنتيجة الاستفتاء أمراً صعباً.

لكن كيف وصلت بريطانيا إلى هذا الموقف؟ قبل الانتخابات البرلمانية في عام 2015، أعلن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أنَّه سيعقد الاستفتاء إذا ما فاز حزبه، حزب المحافظين، ووصل إلى مكتب رئيس الوزراء وهو عهدٌ يُلبِّي المطالب التي رفعها معارضو الاتحاد الأوروبي في الحزب لسنواتٍ طويلةٍ.

أمّا كاميرون نفسه فيتمنّى أن يقرّر البريطانيون البقاء في الاتحاد الأوروبي وهو ما دفعه إلى الدخول في جولات طويلة من المفاوضات مع القادة الأوروبيين ليقدّموا تنازلات تُغري بريطانيا بالبقاء في الاتحاد الذي تأسّس في عام 1993، مثل: تقليص المساعدات الواجب على بريطانيا تقديمها للأوروبيين غير البريطانيين المقيمين فيها وحريات أكبر للبنوك البريطانية.

يشن حزب العمّال المعارض حملة انتقادات ضد كاميرون لأنه، في رأيهم، «يعرّض مستقبل بريطانيا للخطر، أما حزب المحافظين نفسه فمنقسمٌ في هذا الشأن، وكاميرون لم يفرض على أعضاء الحزب ووزرائه الالتزام بموقفه الرافض للخروج ما دفع عدداً من الوزراء والنواب المحافظين إلى التعبير عن قرارهم تأييد الخروج من الاتحاد.

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إذا ما تمّ قد يسبب كارثةً لا يعرف أحد عواقبها وهو ما يجعل الحكومات الأوروبية تشعر بقلقٍ شديدٍ من نتيجة الاستفتاء.

ما الذي يُزعج بريطانيا إلى هذا الحدّ؟

– يقول تقرير «دير شبيغل» إنه لا إجابة وافية على هذا السؤال، لكن تاريخ بريطانيا مع دول الاتحاد الأوروبي قد يجعلنا نفهم دوافع البريطانيين.

لم يكن طريق بريطانيا إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي ممهداً فيبدو أنها لم تكن تنظر إلى نفسها في أيّ وقتٍ مضى باعتبارها جزءاً من كيان يجمعها بالدول الأوروبية.

ومع أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل قد طالب بـ«نوع من الولايات المتحدة الأوروبية»، إلّا أنّ بلاده لم تكن متحمسة للانضمام إلى أي كيان أوروبي موحّد فلم تشارك في مفاوضات «الجماعة الأوروبية للفحم والصلب» في عام 1951، ولا في ما تلاها من مباحثات تأسيس «الجماعة الاقتصادية الأوروبية» التي كانت تمهيداً لتأسيسي الاتحاد الأوروبي، بل أسَّست كياناً معارضاً لها حمل اسم «اتحاد التجارة الحرة الأوروبي» في عام 1960 مع ستّ دول أخرى، ولم تنضمّ إلى «الجماعة الاقتصادية» إلّا بعد أن تدهور الاقتصاد البريطاني وبعد أن ثبت تفوّق «الجماعة» على الاتحاد الذي أسّسته بريطانيا.

لم تستمر الصداقة طويلاً فقد بدأت حملة معارضة للانضمام إلى «الجماعة» وأُجريَ الاستفتاء الشعبي الأول في تاريخ بريطانيا في عام 1975 على الاستمرار فيها أو الخروج منها انتهى بغالبية 67 في المئة من الأصوات لصالح الاستمرار.

لم تنضمّ بريطانيا أيضاً إلى اتفاقية «شنغن» والسفر بين الدول الأوروبية من دون تأشيرة في عام 1985 ولم تُغيّر عملتها إلى اليورو.

قضية الهجرة أيضاً من القضايا التي تزعج بريطانيا في شأن سياسات الاتحاد الأوروبي فقد زاد تدفُّق المهاجرين من دول أوروبا الشرقية المنضمة حديثاً إلى الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا من الأصوات المعارضة للاتحاد وهو ما انتهى بتأسيس حزب سياسي يحمل اسم «حزب استقلال المملكة المتحدة» الذي تزايدت شعبيته ليحصد 13 في المئة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة.

هل سيصوّت البريطانيون بالاستمرار في الاتحاد أم الخروج منه؟

– تبدو أرقام المعسكرين في استطلاعات الرأي متقاربةً جداً فالقليل فقط من الاستطلاعات قد أشارت إلى أفضلية معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي بنسبٍ ضئيلةٍ.

ومع أن هذه الاستطلاعات يُنظَر إليها في بريطانيا نظرةً متشككةً عموماً نظراً إلى تاريخها السيّئ في تضارب النتائج، إلّا أن مراقبين يتوقّعون أن الاعتبارات الاقتصادية قد تجعل المواطنين الذين لم يحسموا آراءهم يميلون لصالح الاستمرار في الاتحاد الأوروبي.

تتمتّع بريطانيا بحقوق مميزة في الاتحاد الأوروبي… فما هي؟

– وتلخيصاً للوضع الاستثنائي الذي تتمتّع به المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، جمع تقرير «دير شبيغل» الحقوق المميزة التي حصلت عليها بريطانيا دون غيرها من دول الاتحاد:

ـ بعض قوانين الاتحاد الأوروبي لا تُفرَض بالضرورة في المملكة المتحدة، بل تختار هي ما ترغب في إقراره من قوانين الاتحاد.

يحق لبريطانيا ألّا تُقدِّم مساعدات اجتماعية كاملة للمهاجرين إليها من دول الاتحاد الأوروبي.

لا تتعامل بريطانيا بالعملة الأوروبية الموحّدة اليورو .

تتمتّع بريطانيا بسياسات مالية ومصرفية متحرّرة من قيود البنك المركزي الأوروبي.

بريطانيا ليست جزءاً من منطقة «شنغن».

تستعيد بريطانيا ثلثَي المساهمات التي تقدّمها للاتحاد الأوروبي لأنها لا تستفيد من الدعم الذي يقدّمه الاتحاد للزراعة مثل الدول الأخرى.

مَن يوافق على الخروج من الاتحاد ومَن يعارض؟

تضمّ قائمة المعارضين كلّاً من:

– ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا، الذي يتوقَّف مستقبله السياسي على نتيجة الاستفتاء بعد مفاوضاته مع الاتحاد الأوروبي التي يرى أنَّها «أسفرت عن نتائج إيجابية لصالح بريطانيا».

ـ جورج أوزبورن، وزير المالية في حكومة كاميرون منذ 2010، وهو يُعَدّ حليفه السياسي الأبرز ويأمل في خلافته في قيادة الحزب.

ـ جيرمي كوربن، رئيس حزب العمال البريطاني، الذي التزم الصمت في شأن هذه القضية لمدة طويلة، لكنه تحدّث قريباً عن أهمية البقاء في الاتحاد الأوروبي ضماناً لحقوق العُمَّال واعتبارات حماية البيئة.

نيكولا سترجيون، رئيسة الحزب الوطني الاسكتلندي، التي تدعم كاميرون في دعوات البقاء في الاتحاد. تنوي نيكولا أن تُجري استفتاءً آخر على الاستقلال عن بريطانيا إذا قرّر البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعد أن صوَّت الاسكتلنديون لصالح الاستمرار في المملكة المتحدة في استفتاء عام 2014.

بينما تضمّ قائمة الموافقين على الخروج من الاتحاد:

ـ بوريس جونسون، عمدة لندن السابق، الذي يُعدّ سياسياً لامعاً ومؤثراً في حزب المحافظين.

ـ نايجل فاراج، رئيس حزب استقلال المملكة المتحدة اليميني، وهو أبرز الداعين إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ـ مايكل جوف، أحد الوزراء السبعة الذين أيّدوا الخروج.

جيزلا ستيوارت، عضوة مجلس العموم منذ عام 1997 وأحد أعضاء حزب العمال المعدودين الذين يؤيدون الخروج.

ـ إيان دنكان سميث، أحد قادة حزب المحافظين، والذي استقال من حكومة كاميرون معترضاً على سياسة التقشف التي اتبعها في ميزانيته.

حجج الطرفين!

– ربَّما تدلّنا حقيقة واحدة على قدر الارتباك الذي يُغلّف قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهي إنّ ديفيد كاميرون هو الرجل الذي تولّى القضية حتى دفعها إلى الاستفتاء الشعبي، وهو الآن أشد المعارضين للخروج من الاتحاد.

يدفع كاميرون بأنّ المفاوضات التي أجريت في بروكسل بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي قد أسفرت عن مميزات تُغري بريطانيا بالبقاء في الاتحاد، لكن المعسكر المؤيد للخروج يقول إنّ القيود التي تفرضها القوانين الأوروبية على بريطانيا شديدة للغاية في مقابل مكاسب ضئيلة تجنيها لقاء المساهمات التي تقدمها بريطانيا للاتحاد.

هل الجزر البريطانية كلّها مؤيدة للخروج من الاتحاد الأوروبي؟

– تستفيد اسكتلندا، وويلز، وإيرلندا الشمالية من الدعم المالي الذي يقدّمه الاتحاد الأوروبي بدرجةٍ أكبر ممّا تستفيد منه إنكلترا ما يجعل هذه الدول تميل إلى البقاء في الاتحاد الأوروبي. ويلز وحدها ستستقبل ملياري يورو من المساعدات بين عامي 2014 و2020.

أما اسكتلندا فسيكون وضعها أكثر سوءاً إذا ما قرّرت بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي فستضطر حينذاك إلى إجراء استفتاء شعبي على الاستقلال عن بريطانيا، ثمّ إذا وافق الاسكتلنديون على الاستقلال فستقدّم طلباً منفصلاً لعضوية الاتحاد الأوروبي. كانت الحكومة الاسكتلندية قد طالبت بألّا تمُرّ نتيجة الاستفتاء المقرر عقده اليوم 23 الجاري إلّا إذا حصلت الموافقة على الخروج من الاتحاد الأوروبي على غالبية الأصوات في كلٍ من إنكلترا، واسكتلندا، وويلز، وإيرلندا على حدة، وهو طلبٌ قوبل بالرفض من الحكومة البريطانية.

إيرلندا، من جانبها، تتمتّع بعلاقات اقتصادية قوية مع بريطانيا، لكن التجارة بين البلدين ستتدهور بنسبة قد تصل إلى 20 في المئة، كما تشير توقعات، إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ما آثار الخروج من الاتحاد الأوروبي على بريطانيا؟

– يجادل الداعون إلى الخروج بأنه سيكون في صالح الاقتصاد البريطاني مستندين إلى حجة تقول بأنّ القواعد التنظيمية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي تُصيب اقتصاد بلادهم بالشلل. لكن بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقول إنّ الاقتصاد البريطاني هو من أقل الاقتصادات التي تُفرَض عليها قواعد تنظيمية في العالم.

ما يتجاهله المعسكر المؤيد للخروج، أنه سيحرم بريطانيا من ميزة كبرى: القدرة على الدخول إلى السوق الداخلي الأوروبي. إذا ما خرجت بريطانيا من الاتحاد فسيتوجب عليها أن تنسحب من الأسواق الأوروبية في غضون سنتين، بعدئذ ستكون عودتها أمراً مشكوكاً فيه لأنّ دول الاتحاد ستخشى تنامي دعوات الخروج منه في دول أخرى إذا ما حصلت بريطانيا على امتيازات اقتصادية على رغم الانسحاب من الاتحاد.

سيتوجب على بريطانيا أيضاً أن تدخل في مفاوضات منفصلة مع دولٍ أخرى لتوقيع اتفاقيات للتجارة الحرة وهو الأمر الذي قد يكون من الصعوبة بمكان.

أما على المستوى السياسي فستتأثر مكانة بريطانيا بشدّة على الساحة الدولية فدول العالم، ومنها الولايات المتحدة الأميركية، تنظر إلى بريطانيا باعتبارها دولة لها صوت قويّ داخل الاتحاد.

ماذا يحدث إذا قرّرت دولة الخروج من الاتحاد الأوروبي؟

– تُنظّم إجراءات خروج دولة بعينها من الاتحاد الأوروبي معاهدة لشبونة، التي تنصّ على أن للدول الأعضاء الحق في الخروج من الاتحاد الأوروبي في أيّ وقت وفقاً لدستورها.

إذا قرّرت بريطانيا الخروج من الاتحاد فستُبلغ المجلس الأوروبي الذي يتكوّن من الدول الأوروبية الكبرى ، وستتفق الدول الأوروبية على من سيقود مفاوضات الخروج مع بريطانيا لتحديد إجراءات الانسحاب وشروطه، والاتفاق مع بريطانيا على مستقبل العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي.

أهمّ القضايا التي سيجب على بريطانيا حسمها مع الاتحاد هي الانضمام إلى المنطقة الاقتصادية الأوروبية، التي تضمّ دولاً غير أعضاء في الاتحاد مثل أيسلندا، ولختنشتاين، والنرويج. لكن إذا ما قرّرت بريطانيا الانضمام إلى هذه المنطقة فستواجه معضلتين أساسيتين: الأولى أن الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لا تشارك في تحديد القوانين المنظمة لعمل المنطقة الاقتصادية، والثانية أنّ هذه القواعد المنظمة تمثل حوالى 80 في المئة من القواعد المفروضة على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني أنّ حجّة الخروج من الاتحاد نفسها واهية إذ سيكون ثمن الانسحاب من الاتحاد باهظاً من دون فوائد واضحة تجنيها بريطانيا على المستوى العملي بعد تنظيم علاقتها بالاتحاد الأوروبي، خصوصاً على المستوى الاقتصادي.

ما عواقب انسحاب بريطانيا على الاتحاد الأوروبي؟

– لم تعُد بريطانيا قوةً عالميةً عظمى كما كانت من قبل، لكنها تبقى دولة مؤثرة قوية في الثقافة، والاقتصاد، والمجالات العسكرية. سيكون الاتحاد الأوروبي أضعف وأصغر من دون بريطانيا، وسيضطرب التوازن السياسي الذي كان يضمنه وجودها مع ألمانيا وفرنسا.

لكن قضية أخرى مؤكدة تجعل انسحاب بريطانيا نذير خطر لكافة دول الاتحاد فستنمو الأصوات الداعية إلى الخروج من الاتحاد في دولٍ أخرى غير بريطانيا في وقتٍ حرجٍ بالنسبة إلى أوروبا، تواجه فيه أزمة اليورو، وأزمة اليونان وديونها، وقضايا الهجرة واللاجئين.

ما أثر انسحاب بريطانيا على لندن؟

– تعدّ العاصمة البريطانية أكبر مقدّم للخدمات المالية في الاتحاد الأوروبي، لكن هذا سيتأثّر كثيراً إذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لأنّ بنوكاً ومؤسسات مصرفية عالمية كثيرة تدير جزءاً من أعمالها من بريطانيا لضمان ما يُعرَف بـ«حقوق جواز السفر» passporting rights ، أي أن تُنشئ فرعاً في لندن يسمح لها بالدخول إلى السوق الأوروبية كلها.

إذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد فستضطر هذه المؤسسات إلى إنشاء فروع لها في دول أوروبية أخرى الأمر الذي قد يؤدّي إلى هبوط بنسبة 50 في المئة في الخدمات المالية المقدَّمة من لندن إلى الاتحاد الأوروبي، أي خسارة حوالى 10 مليارات جنيه استرليني سنوياً.

وماذا عن مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بريطانيا؟

– في هذه اللحظة، يعيش ثلاثة ملايين شخص من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، متمتعين بكافة الحقوق التي يضمنها الاتحاد الأوروبي لمواطنيه، لكن أوضاعهم ستحتاج إلى مراجعة إذا قررت بريطانيا الخروج من الاتحاد.

الحلّ المثالي هو أن تُجري بريطانيا اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي يتمتّع بموجبه مواطنو بريطانيا بحقوق المعيشة والعمل في الدول الأوروبية، مقابل أن تعطي الحق نفسه بشروط معينة لمواطني دول الاتحاد، مثل أن يكون لديهم موارد مالية كافية للمعيشة أو عقد عمل لدى مؤسسة بريطانية.

على الجانب الآخر، قضية الهجرة هي محور اعتراضات الكثير من المؤيدين للانسحاب على قوانين الاتحاد الأوروبي لذا، في حالة ظهور نتيجة الاستفتاء بغالبية مؤيدة للانسحاب، سيكون هناك صوتٌ داعٍ إلى إجبار الأجانب الثلاثة ملايين هؤلاء إلى مغادرة بريطانيا وهو الأمر الذي قد يحرم البريطانيين أنفسهم من حق المعيشة والعمل في دول الاتحاد بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل.

كيف ستتأثر ألمانيا بخروج بريطانيا؟

– وتختم المجلة الألمانية تقريرها باستعراض أثر انسحاب بريطانيا على جارتها ألمانيا، وهما الدولتان اللتان تتمتعان بعلاقات ثنائية مميزة تقود دفة الاتحاد الأوروبي خصوصاً في السياسات الاقتصادية. تدرك ألمانيا أن الاتحاد الأوروبي سيكون أضعف من دون بريطانيا لذا تحاول المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل إثناء البريطانيين عن الخروج من الاتحاد.

على مستوى الأرقام، أكثر من 2500 شركة ألمانية تملك شركات وفروعاً في بريطانيا، يعمل فيها 370 ألف شخص، وفي المقابل تملك 3000 شركة بريطانية شركات تابعة وفروعاً في ألمانيا. روّاد الأعمال في البلدين يعترضون على انسحاب بريطانيا بنسبة 83 في المئة في ألمانيا و76 في المئة في بريطانيا لأنه سيؤثر في أعمالهم بصورةٍ مباشرة.

لكنّ خروج بريطانيا من الاتحاد لن يكون بلا فوائد لألمانيا فالأخيرة ستكون بعد ذلك صاحبة النصيب الأكبر من التأثير والزعامة في أوروبا، وستتّجه إليها الولايات المتحدة الأميركية، مثلاً، في أيّ مفاوضات. بريطانيا دولة قوية ومؤثرة بكل تأكيد، لكن حقيقة أنّها لن تملك صوتاً في الاتحاد الأوروبي تجعل أهميتها ثانوية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى