لن تنجح في مسعاها…

عبد الحكيم مرزوق

هل صحيح أنّ الولايات المتحدة الأميركية تحارب الإرهاب، وهل صحيح أنها تضع كلّ جهودها في سبيل تجفيف منابع الإرهاب، أم أنها هي صانعة الإرهاب في العالم، وهي الداعمة وهي الراعي الأول والأخير له.

إذا أخذنا على سبيل المثال لا الحصر الحرب الكونية التي تقودها على سورية منذ أكثر من خمس سنوات، هل يمكن القول إنها ساعدت الإرهابيين في كلّ دول العالم للقدوم إلى سورية لتدميرها وإسقاط الدولة السورية؟ أم أنها كانت كالحمل الوديع الذي يريد السلام ليس إلا؟

مَن يتتبّع سياسة الإدارة الأميركية في المنطقة العربية يدرك أنّ للولايات المتحدة أطماعها في المنطقة العربية وهي تعمل على الدوام لجعلها تحت سيطرتها وخضوعها لإملاءاتها التي تبدأ ولا تنتهي، وخاصة بعد فشل الكيان «الإسرائيلي» في الحفاظ على هيبته التي أسقطتها المقاومة الباسلة أكثر من مرة، وجعلته عارياً إلا من ورقة التوت التي لم تعد تستر عوراته المكشوفة أمام العالم أجمع.

هل نتذكّر الدور الذي قامت به المقاومة اللبنانية بطرد جنود الكيان «الإسرائيلي» من الجنوب اللبناني في عام 2000، والانتصارات المتتالية في الحروب التي جاءت بعد ذلك، وخاصة حرب تموز 2006 التي أظهرت ذلك الكيان الذي يمتلك بقوته ترتيب ثالث جيش في العالم وقد انهار أمام صمود رجال الله المقاومين، والذين ألحقوا به الهزيمة الفضيحة التي جعلت أركانه تهتزّ بضربات المقاومين الأبطال، باعتراف لجنة فونوغراد التي وصفت الأمر بقولها: مجموعة من المقاومين لا تتجاوز الآلاف تلحق الهزيمة بثالث أكبر جيش.

هذا الأمر استدعى تدخل الإدارة الأميركية التي ترى أنّ أمن «إسرائيل» من الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها وتوصلت إلى ضرورة تفتيت المنطقة العربية وإضعافها من خلال إضعاف الدول العربية الداعمة للمقاومة التي أضعفت الكيان «الإسرائيلي» وكادت أن تجعله لقمة سائغة سيصبح بعدها في خبر كان… فكانت ما قيل إنها «ثورات الربيع العربي» في دول عربية عدة تمهيداً لتصل إلى سورية التي تمثل رأس حربة في دعم المقاومة وفي معاداة الكيان «الإسرائيلي» ومنذ نحو ست سنوات لم تستطع الإدارة الأميركية بقوّتها وجبروتها ومؤامراتها كلّها أن تسقط الدولة في سورية، وكلّ الأعمال التي قامت بها لصناعة الإرهاب وإرساله إلى سورية عبر كلّ الدول المتآمرة والخائنة التي سارت تحت إمرتها لم تستطع إذلال سورية وإسقاطها…

الحرب على سورية لم تكن أبداً لإحلال الديمقراطية، بل لإسقاط وإضعاف الدولة التي كانت الأكثر صموداً بوجه المخططات الأميركية وفي المطالبة بتحرير فلسطين وإعادة الأراضي المغتصبة والمحتلة من الكيان «الإسرائيلي» الغاصب.

كلّ السيناريوات سقطت في سورية ولم توفر الإدارة الأميركية أية وسيلة لإسقاط الدولة إلا واستخدمتها، فقد صنعت داعش والنصرة، وموّلت الإرهابيين بالسلاح والعتاد والأموال، وكلّ ذلك سقط أمام صمود الجيش السوري… كلّ الحدود كانت مباحة ومتاحة لتوريد الإرهابيين وإدخالهم إلى سورية لارتكاب المجازر وتدمير البنى التحتية عبر السنوات الست الماضية… وكلها لم تنفع ولم تستطع الإدارة الأميركية النجاح في مسعاها…

ما الذي لم تستعمله الإدارة الأميركية في سورية… كلّ السيناريوات سقطت، لكنها لم تستسلم وما زالت تسعى وتسعى، وآخر أوراقها ستسقط في الرقة التي ستسحب البساط من تحت الإدارة الأميركية التي راهنت عليها وعلى أوراق أخرى في الريف الحلبي.

كلّ ذلك الإرهاب الذي شهدناه في سورية لم يكن إلا صناعة أميركية بامتياز، وهو ما يؤكد أنها لا تحارب الإرهاب، ولم تسعَ يوماً لمحاربته، بل أنتجته ودعمته ورعته لتنفيذ سياساتها العدوانية في العالم… لكنها قطعاً لن تنجح في مسعاها…

كاتب وصحافي سوري

Marzok.ab gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى