الأردن يدفع ثمن غضّ النظر عن الإرهاب
حميدي العبدالله
تعرّض الأردن في الأيام والأسابيع القليلة الماضية لسلسلة من الهجمات الإرهابية، كانت أولى الهجمات استهداف مركز المخابرات العامة في مخيم البقعة، وتكرّر الهجوم في استهداف الإرهابيين قوات حرس الحدود، حيث كانت الحصيلة ثقيلة جداً، أكثر من ستة قتلى وحوالي 15 جريحاً، ربما هو الهجوم الأكثر دموية.
الأردن يتحمّل قسطاً من المسؤولية عن هذه الهجمات التي تنذر بتكرارها، وربما اتساع نطاقها في ضوء حقيقة أنّ مناطق واسعة من الأردن تتعاطف مع التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم «داعش»، إضافة إلى انخراط المئات من الأردنيين في تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» وتشكيلات مسلحة سلفية أخرى تقاتل في سورية.
مسؤولية الأردن تكمن في غضّ النظر، أولاً عن نشاط التنظيمات الإرهابية داخل الأردن من أجل تجنيد المزيد من الأردنيّين للقتال في سورية، وثانياً لأنه سمح للإرهابيين في تحويل الحدود الأردنية – السورية المشتركة إلى معاقل يتحركون بها بحرية، وساهم في تمكين المسلحين من إرغام الجيش السوري على الانكفاء عن الحدود، حيث بات الحفاظ على الأمن في الحدود مهمة حصرية أمام القوات الأمنية والعسكرية الأردنية.
قد يكون الأردن، والمقصود هنا النظام، مغلوب على أمره، بمعنى أنّ السلطات الأردنية كانت تدرك أنّ من غير مصلحتها أن تمكّن الإرهابيين من الانتشار داخل سورية قرب حدودها، وهي تدرك أنّ هذا الانتشار، سوف تكون له نتائج وتداعيات سلبية على الأمن والاستقرار في الأردن، لأنّ الجماعات السلفية والإرهابية وجماعة الإخوان المسلمين تطالب بإحداث تغيير كبير في الأردن، ومثل هذه المطالب تقلق السلطات الأردنية. لكن عمّان كانت عاجزة بسبب ارتباطاتها التاريخية مع الولايات المتحدة ومع دول الخليج العربي، وقلقها من العبث بأمنها من قبل هذه الدول، رفض طلباتها الداعية إلى تدريب وتسليح وتسهيل تحرك المسلحين من الأردن إلى داخل سورية.
اليوم الأردن يواجه هذا الواقع، وهو أمام مفترق طرق: إما أن يكون قادراً على إقناع حلفائه الأميركيين والخليجيين بالسماح له التصرف من وحي مصالحه الوطنية، وبالتالي التعاون مع الدولة السورية للسيطرة على منطقة الحدود التي لم يعد خطرها على سورية وحدها، بل بات يهدّد الأردن بقوة كبيرة، وإما الاستمرار بالسياسة السابقة، وتحمّل تبعات ذلك مزيداً من الهجمات التي سوف تهدّد أمن واستقرار الأردن.