بريطانيا خارج الاتحاد.. اليمين الأوروبي يرحِّب و موسكو تؤكد: لا مصلحة لنا
أعلن رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون عزمه تقديم استقالته بعد تصويت معظم البريطانيين لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، قائلاً إنّ بريطانيا بحاجة إلى قادة جدد.
وقال كاميرون في مؤتمر صحفي أمس «البريطانيون صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي ويجب احترام إرادتهم»، مشيراً إلى أنه سيتم تعيين رئيس جديد للحكومة قبل عقد المؤتمر السنوي لحزب المحافظين في تشرين الأول، و أن الرئيس الجديد يجب أن يبدأ مفاوضات بشأن شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كاميرون، أكد إنّ المفاوضات يجب أن تشمل سلطات أسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية لمراعاة مصالح جميع أجزاء المملكة المتحدة في هذه العملية.
هذا، وأظهرت النتائج النهائية لاستفتاء بريطانيا، فوز معسكر «الخروج» من الاتحاد الأوروبي، بنسبة 51,9 ، مقابل 48,1 من الأصوات لصالح البقاء.
في غضون ذلك، تباينت ردود الأفعال الأوروبية عقب تصويت البريطانيين لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، ما بين خيبات أمل على الصعيد الرسمي ومباركة من جانب الأحزاب اليمينية.
وأعلن المجلس الأوروبي أنّه سيعقد الأسبوع المقبل أول قمة غير رسمية له بحضور 27 دولة من دون المملكة المتحدة، وفق ما صرّح به رئيس المجلس دونالد توسك قبيل اجتماع مع رؤساء مؤسسات الاتحاد الأوروبي، مخصص لمناقشة خروج بريطانيا.
كما أكد توسك، استمرار العمل بقوانين الاتحاد في بريطانيا حتى خروجها من الاتحاد بشكل رسمي. وقال «أريد أن أؤكد لكم أنّه لن يكون هناك فراغ قانوني. طالما لم تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل رسمي، سيستمر العمل بالقوانين الأوروبية بحق بريطانيا وداخل البلاد، وأٌقصد بذلك الحقوق والواجبات».
هذا و دعّا قادة مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بريطانيا بالبدء بآلية الخروج «بأسرع وقت ممكن»، وكتب رؤساء، المجلس الأوروبي دونالد توسك، والمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، والبرلمان الأوروبي مارتن شولتز، والرئيس الدوري الهولندي للاتحاد مارك روتي، في بيان مشترك «ننتظر الآن من حكومة المملكة المتحدة أن تنفذ قرار الشعب البريطاني هذا بأسرع وقت ممكن»، مضيفين «نحن جاهزين للبدء في المفاوضات».
وفي السياق، اقترح زعيم «حزب الحرية» الهولندي غييرت فيلدرز بإجراء استفتاء لخروج هولندا من الاتحاد الأوروبي، بعد النتائج البريطانية. وقال «أهتف للبريطانيين. والآن جاء دورنا. حان الوقت لإجراء استفتاء في هولندا».
كما أيدت رئيسة حزب «الجبهة الوطنية» الفرنسي مارين لوبان استفتاء خروج بريطانيا. وأكدت على أنّ باريس تملك أسباباً أكثر من بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي.
ودعّت لوبان إلى إجراء تصويت في فرنسا مماثل للاستفتاء الذي أجراه البريطانيون اليوم. وأشارت لوبان إلى أنّ الوقت قد حان الآن إلى نشر الديمقراطية في بلادها، لافتةً إلى أنّ الفرنسيين يملكون الحق في الاختيار.
بدوره، قال رئيس الحزب الحاكم في بولندا ياروسلاف كاتشينسكي، إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى معاهدة جديدة بعد تأييد البريطانيين لخروج بلدهم من الاتحاد.
وأضاف في مؤتمر صحفي «خروج بريطانيا حدث سيء جداً وبولندا مكانها في الاتحاد الأوروبي. الخلاصة واضحة: نحتاج معاهدة جديدة للاتحاد الأوروبي».
من جهته، قال رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي إنّه يتعين إصلاح الاتحاد الأوروبي بعد تأييد البريطانيين لخروج بلدهم منه على أن ينصب التركيز على النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل والاندماج بشكل أكبر في حين وصف نظيره السويدي ستيفان لوفين نتيجة الاستفتاء بأنّها «نداء للاستيقاظ».
وقال راخوي في مؤتمر صحفي «الآن وبعد أن تمكنّا أخيراً من الخروج من الأزمة الاقتصادية علينا أن نحوّل تركيز الاتحاد الأوروبي صوب احتياجات شعوبه الأساسية مع التشديد على النمو والبطالة».
وأضاف أنّ خروج بريطانيا «يجب أن يدفع جميع الدول الأعضاء إلى التفكير في كيفية تعزيز قوتنا أكثر من أي وقت مضى، لاستعادة الروح المعنوية الأصلية التي كانت وراء المشروع الأوروبي، واستعادة اهتمام مواطنينا به وتعاطفهم معه وميلهم إليه».
وفي ستوكهولم قال لوفين في مؤتمر صحفي إن تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد «نداء لاستيقاظ» التكتل الذي بات عليه أن يظهر لدوله الأعضاء أنه قادر على تلبية توقعات شعوبها.
هذا و اعتبر رئيس الوزراء التشيكي بوغوسلاف سوبوتكا، إنّه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتغير بسرعة ليس فقط لأن البريطانيين أيدوا خروج بلادهم منه بل ولتعزيز الدعم لمواطنيه.
وأضاف أنّ التصويت البريطاني لا يعني نهاية الاتحاد الأوروبي وأنّ على التكتل أن يوافق على خروج بريطانيا «بسرعة وتعقل»، مضيفاً أنّه «يتعين على أوروبا أن تكون أكثر استعداداً للعمل وأن تتحلى بالمرونة وتكون أقل بيروقراطية، وأن تبدي حساسية أكبر بكثير للتنوع الذي تمثله الدول الأعضاء السبع والعشرون».
أما رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، فأكد أمس، أنّ تأييد البريطانيين للخروج من الاتحاد يظهر أنّ على بروكسل أن تستمع لصوت الشعوب وتقدم حلولاً ملائمة للقضايا المهمة مثل قضية الهجرة.
وقال أوربان إنّ مسألة الهجرة لعبت دوراً أساسيا في النقاش البريطاني قبل الاستفتاء الذي أجري الخميس، مشيراً أنّ الشعب البريطاني لم يكن راضياً عن سياسات الاتحاد الأوروبي إزاء أزمة الهجرة. وأردف «لماذا توجد المجر داخل الاتحاد الأوروبي؟ توجد المجر داخل الاتحاد الأوروبي لأننا مؤمنون بوجود أوروبا قوية». «لكن أوروبا لن تكون قوية إلا إذا تمكنت من تقديم حلول لقضايا رئيسية، مثل الهجرة مما يقوي أوروبا نفسها ولا يضعفها. والاتحاد الأوروبي أخفق في تقديم هذه الحلول».
وفي شأن متصل، قالت وزارة الخارجية الصينية إنّها تحترم قرار الشعب البريطاني الخروج من الاتحاد الأوروبي، مشيرةً أنّ وجود أوروبا مزدهرة أمر يصب في مصلحة الجميع وإن الصين مستعدة للتعاون مع بريطانيا وعلى ثقة تامة في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.
إلى ذلك، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّه لا أساس لتصريحات رئيس الوزراء البريطاني، وبعض ممثلي الحكومة البريطانية الآخرين حول مصلحة روسيا في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
واعتبر بوتين، أنّ تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حول الموقف المزعوم لروسيا، لا أساس لها على الإطلاق.واستطرد قائلاً «إنني أعتقد أنّها ليس إلا محاولة غير لائقة للتأثير على الرأي العام في بلاده».
وأضاف أنّ هذه المحاولات لم تأت بالنتائج المرجوة. وتابع أنّه لا يحق لأحد طرح أي مزاعم حول موقف روسيا من هذه المسألة بعد الاستفتاء. وشدد قائلاً: «ليس ذلك إلا مظهر من مظاهر المستوى المتدني للثقافة السياسية.
وكان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قد أعلن في وقت سابق، إنّ نتائج الاستفتاء في بريطانيا أسرت على الأرجح الرئيس الروسي بوتين، معرباً عن أمله في أنّها لن تسمح بتخفيف الضغط على موسكو.
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنّ خروج بريطانيا من الاتحاد شأن داخلي وإرادة شعوب بريطانيا، لذلك فلا يمكنه التعليق على مثل هذه الحالات.
وأضاف رداً على تعليق هاموند بأن روسيا تشعر بالرضى لنتائج الاستفتاء: «لم أحصل على تعليم طبي ولا يمكنني التعليق على حالات مرضية».
إلى ذلك، قال جو بايدن نائب الرئيس الأميركي، إنّ الولايات المتحدة كانت تفضل بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، لكنها تحترم نتيجة الاستفتاء الذي انتهى بخروجها من التكتل.
بايدن أضاف في خطاب في دبلن «عليّ أن أقول إننا كنّا نتطلع إلى نتيجة مختلفة. لكن الولايات المتحدة ترتبط بصداقة قديمة العهد بالمملكة المتحدة وهذا الرابط المميز للغاية سيستمر».
وفي شأن متصل، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إنّ مكان بريطانيا في «الناتو» لن يتغير رغم قرار البريطانيين الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
ستولتنبرغ قال «أعرف أنّ وضع المملكة المتحدة في حلف شمال الأطلسي سيظل بلا تغيير. ستظل المملكة المتحدة حليفاً قوياً وملتزماً داخل الحلف وستواصل لعب دورها القيادي في تحالفنا».