زحلة تحتفي بجوزف الصايغ تمثالاً في حديقة الشعراء
ليس غريباً على مدينة عُرفت بعراقتها في لقب موئل الشعراء، أن تحتفي بشعراءٍ لهم بصماتهم في المدى الرحب للكلمة. فالمدينة التي تغنّى بها «أمير الشعراء» أحمد شوقي، وغنّتها السيّدة أمّ كلثوم، تبقى وفيةً للشعراء الذين تألقت قصائدهم كالقلائد. فها هي جارة الوادي، وعروس البقاع، ومدينة «العرايش» تحتفي بشاعرٍ يمتلك إرثاً ثقافياً غزيراً، ويمثّل حقبة مُجلّية في تاريخ الشعر الزحليّ واللبنانيّ، المقيم والمغترب، في القرن الماضي. إنّه الشاعر جوزف الصايغ الذي أبت زحلة إلا أن تكرّمه وهو حيّ يرزق.
احتفلت زحلة باستقبال تمثال الشاعر جوزف الصايغ، وبإزاحة الستارة عن هذا التمثال في حديقة الشعراء، على مقربة من وادي البردوني، ثمّ أعقبه مباشرةً حفل خطابيّ في فندق «القادري الكبير»، وذلك بدعوة من بلدية زحلة ـ المعلقة والكلّية الشرقية ومجلس قضاء زحلة الثقافي وأصدقاء الشاعر.
حضر الاحتفال حشد من الشعراء وأهل الفكر والأدب والفن والإعلام من مختلف المناطق اللبنانية، تقدّمهم النائب الدكتور نقولا فتوش، والدكتور ربيع الدبس عضو القيادة المركزية للحزب السوري القومي الاجتماعي، كما حضر النائب أنطوان أبو خاطر، والوزراء السابقون: المهندس الياس سكاف، محمد يوسف بيضون، جورج سكاف، إدمون رزق وجوزف الهاشم، والأساقفة جورج اسكندر، نيفن صيقلي، بولس سفر، وأسبيريدون خوري ممثلاً بالأرشمندريت تيودور غندور، والمدّعي العام التمييزي في البقاع القاضي فريد كلاس، والقاضيان إيلي معلوف وأحمد سفر، ونقيب المحامين ممثلاً بالمحامي ريمون عازار، ونقيب المحامين السابق ميشال ليان، والسفراء سمير شما، فؤاد الخوري غانم ، سليمان فرح وجو تابت، وحضر أيضاً رئيس بلدية زحلة ـ المعلقة المهندس جوزف دياب المعلوف، وعدد من رؤساء البلديات في قضاء زحلة والمختارين، ورئيس غرفة التجارة إدمون جريصاتي والملحق الثقافي الفرنسي، وضباط وفاعليات ومهتمون.
أبو رحل
استهلّ اللقاء عريف الحفل الزميل أنطوان أبو رحل بكلمة أكّد فيها أنّ التمثال الحقيقي، قبل أن يكون من إزميل وحجر، هو في قلوب الناس، وفي محبتهم، منوّهاً بالصايغ وبحبّه لزحلة وقد تميّز أبو رحل، كالعادة، بتقديمه المُركّز النابع من أرومة أدبية وثقافة واسعة.
المعلوف
ثمّ ألقى المهندس معلوف كلمةً أشار فيها إلى «غزارة الانتاج لدى شاعرنا الزحليّ كما يحلو أن يقال عنه. وبالمختصر إنّ الإرث الثقافي لدى شاعرنا الكبير يمثّل حقبة مُجلّية في تاريخ الشعر الزحليّ واللبناني المقيم والمغترب في القرن الماضي، يمكن الرجوع إليه لمعرفة أدقّ التفاصيل». لافتاً إلى أنّ إزاحة الستارة عن تمثاله ما هي إلا عربون محبة وتقدير لشاعر زحليّ سطّر بقلمه أساس خلوده في عالم الشعر والأدب.
سعد
وأشار رئيس الكلّية الشرقية في زحلة الأب سابا سعد في كلمة ألقاها إلى أنّه «من فوق، من بين حنايا الكلّية الشرقية، وزوايا ملاعبها، ومقاعد صفوفها، ومن بين أبنائها، لمع نجم الشاعر جوزف الصايغ ابن زحلة الأبية، زحلة الكرامة والقداسة، موطن الشعر والأدب».
الدسوقي
ثمّ ألقى الشاعر صالح الدسوقي كلمةً تناول فيها بعضاً من حياة الشاعر المحتفى به، وقصيدة بعنوان «آب الهزار» حيّا فيها زحلة «كعبة الشعر» وجاء فيها:
يا شاعراً أَسكَرَ الدُنيا وأقلقها
ونَضِّرَ العشقَ حتى صارَ مُعتقدا
أبدعتَ «كولين» رمزاً للجمالِ وقُلْ
للفنِّ معجزةً… خلَّدتها أَبَدا
بخاش
وألقى كلمة زحلة ومجلس قضائها الثقافي، صاحب «جريدة زحلة الفتاة» جان بخاش، فنوّه بالشاعر الصايغ، وقال: «لا زحلة ولا وطنك هما من يخلّدانك. بل أنت خلّدت نفسك بنفسك، وفي هذا ذروة العطاء للذات، وفيه ذروة الابداع بين الآخرين. نحن أكيدون أنّ المشوار لن ينتهي معك. هذا الخصب النديّ في الشعر والنثر، في الأدب والحبّ والمجتمع والفلسفة والسياسة».
رزق
وألقى الشاعر جوزف الهاشم قصيدة نوّه فيها بشعر الصايغ «صائغ الماسات».
ثمّ ألقى الوزير السابق إدمون رزق كلمة اعتبر فيها أن لا وطن مستحيلاً لبلد فيه زحلة، مسقط عظماء الكلمة، مُنجبة الأعلام، مقيمين ومنتشرين، وكلّهم يكرم العشية، مع شاعر «آن كولين»، حامل الوحي من وادي العرائش، إلى عاصمة النور.
كلمة العائلة
ثم ألقت باسكال ترزي كلمة بِاسم عائلة المحتفى به، فأتت على جزء من حياة العائلة، خصوصاً والدَيْ الشاعر وزوجته وأولاده الذين تقدّموا بالشكر والتقدير للمحتفلين.
الصايغ
ختاماً، ألقى المحتفى به الدكتور جوزف الصايغ كلمة استهلّها قائلاً: «لا يخلد إلا الخالدون وزحلة مدينة خالدة. لا يُجلّ الكلمة إلا الكلماء وزحلة ربيبة كلمة ومن أربابها، ولا يتعشّق الجمال إلا من اصطفاه الجمال، وزحلة مصطفاة جمال، رائدة من روّاده، وإزميل من أزاميل إبداعه. قلت: زحلة مدينة خالدة، ذاك أنّ من يدخل بيت الكلمة يخلد بخلودها، فالكلمة بيت الله، وزحلة دخلت هذا البيت، دخلته من بابه العريض. دخلته شعراً ونثراً، وأعلت قبابه حيثما حلّت في الدنيا».
ثم أقيمت مأدبة عشاء تكريميّة للشاعر في رحاب فندق «القادري»، شرب فيها الجميع نخب هذه المناسبة.