لافروف: موسكو وأنقرة ستستأنفان العمل لحلّ الأزمة السورية
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن موسكو وأنقرة ستستأنفان العمل لحلّ الأزمة السورية، وذلك بعد أن قدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاعتذار لنظيره الروسي فلاديمير بوتين على إسقاط طائرة حربية روسية في سماء سورية في تشرين الثاني الماضي.
وأردف قائلاً «كما تعرفون، يتعلق العديد من الأمور بالموقف التركي، وتتضمن قرارات الأمم المتحدة دعوة موجهة إلى جميع الدول إلى مساعدة الدول الإقليمية وعدم السماح باستخدام أراضيها من قبل الإرهابيين أو أولئك الذين يقومون بـ «تغذية» الإرهابيين في سورية والعراق ودول أخرى».
واعتبر لافروف خلال اللقاء مع نظيره الفرنسي في باريس جان ماري ايرولت، إنّ القضاء على بؤر الإرهاب في سورية مهمتنا المشتركة، معتبراً أنّ الصعوبات في إيصال المساعدات في سورية تعود إلى فشل القوى الغربية في إقناع الفصائل التي تدعمها بذلك.
الوزير الروسي أضاف، إنّ بعض فصائل المعارضة المعتدلة في سورية ترفض ترك المواقع التي تتشاركها مع «جبهة النصرة»، قائلاً أنه يجب أن يطبق وقف إطلاق النار على كل الأراضي السورية باستثناء مناطق سيطرة «داعش».
لافروف قال إن بلاده تامل ألاّ يصبح المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا رهينة لأهواء أحدى المجموعات المشاركة في محادثات جنيف، موضحاً «آمل في أن شركاءنا الأمريكيين يبعثون بدورهم إشارات مماثلة إلى ستيفان دي ميستورا وفريقه، لكي لا يصبح المبعوث الدولي رهينة لمزاج فصيل معين من المعارضة السورية».
وتابع أن دي ميستورا وأفراد فريقه وجدوا أنفسهم في وضع صعب. واستطرد قائلاً «لكننا ننصحهم بإلحاح بأنّ يستفيدوا من الصلاحيات التي منحها لهم مجلس الأمن الدولي، لدعوة جميع الأطراف السورية إلى جنيف بصورة منتظمة لإجراء المشاورات. وإذا قال بعضهم إنّه لا يمكنهم المشاركة لأن لهم رؤية خاصة بهم مختلفة عما سجل في قرارات مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن، فدعوهم لا يشاركون».
وإذّ اعتبر لافورف أنّ اللجنة العليا للمفاوضات السورية تتخذ موقفاً غير بنّاء على الإطلاق في المفاوضات السورية، وذكر بأنّ فصائل المعارضة التي تعمل معها روسيا قد قدمت اقتراحاتها بشأن الإصلاحات السياسية المستقبلية في سورية. لكن الهيئة العليا للمفاوضات لم تقدم أيّ اقتراحات بل ترفض الجلوس إلى طاولة التفاوض مع الأطراف السورية الأخرى، وتتحدث فقط عن ضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، على الرغم من أنّ استقالة الأسد غير مذكورة في أيّ من الوثائق الدولية حول التسوية السورية.
الوزير الروسي استغرب من الحديث عن أنّ 1 آب هو «موعد مقدس» في إشارة إلى الأطر الزمنية التي سبق لمجلس الأمن أن حددها للمرحلة الأولى من العملية السياسية بسورية، وموعد انطلاق مرحلة الانتقال السياسي. وذكر بأنّ مجلس الأمن تحدث عن ضرورة أن تستغرق المرحلة الأولى من العملية والتي من شأنها أن تؤدي إلى تشكيل هيئة إدارة مشتركة من قبل الحكومة والمعارضة، نحو 6 أشهر.
وفي رده على سؤال حول سبل إحلال نظام وقف إطلاق النار في سورية ووقف الخروقات للهدنة، أكّد لافروف أنّ مفتاح فعالية نظام الهدنة موجود في أيدي شركاء روسيا الذين يتمتعون بالنفوذ على المعارضة المسلحة «الوطنية».
وأعاد إلى الأذهان أنّ القرارات الدولية تنص على إحلال الهدنة في كامل أراضي سورية باستثناء المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، لكن بعد العمل المشترك على تطبيق الاتفاق الروسي – الأميركي الخاص بوقف الأعمال القتالية في سورية اتضح أنّ مواقع العديد من فصائل «المعارضة الوطنية» موجودة في عمق المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيمين الإرهابيين.
بدوره أكّد أيرولت أنّ على باريس وموسكو تنسيق جهودهما في محاربة الإرهاب. وشدد على عدم وجود أيّ بديل للحل السياسي في سورية، مضيفاً أنّه أكّد ذلك خلال مشاوراته الأخيرة مع الإيرانيين والسعوديين.
في غضون ذلك، نفّت وزارة الدفاع الروسية الاتهامات الأميركية الأخيرة الموجهة إلى سلاح الجو الروسي بـ«خرق» نظام وقف إطلاق النار في سورية.
وقال اللواء إيغور كوناشينكوف الناطق الصحفي وزارة الدفاع الروسية، في معرض تعليقه على إفادة بريت ماكغورك المبعوث الخاص للرئيس الأميركي باراك أوباما، لشؤون مكافحة تنظيم «داعش» أمام الكونغرس «يصعب علينا أن نحدد من أيّ دوافع سياسية داخلية انطلق هذا المسؤول الأميركي لدى إفادته في مجلس الشيوخ».
وكان ماكغورك قد اتهّم القوات الجويّة والفضائيّّة الروسية باستهداف فصائل من «المعارضة المعتدلة» في ريف حلب شمالي سورية.
وذكّر كوناشينكوف أنّ التصريحات الأخيرة لماكغورك لا تتضمن أيّ إشارة إلى توقيت الغارات المزعومة على «المعارضة المعتدلة» أو المواقع التي استهدفتها تلك الغارات، أو «أيّ معلومات يمكننا أن نحللها ونرد عليها بتقديم الوقائع».
ونصّح المسؤول العسكري الروسي المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، بأن يحاول قبل كل شيء أن يدرك مستجدات الوضع في سورية والإطلاع على الوقائع قبل أن «يسحر آذان السيناتور جون ماكين ورفاقه بمثل هذه الاتهامات الرنانة».
وذكر كوناشينكوف لـ ماكغورك بأنّه يمكنه أن يحصل على المعلومات الموثوقة بهذا الشأن من المركز الروسي – الأميركي المشترك للرد على خروقات نظام وقف إطلاق النار في سورية ومقره في جنيف، معيداً إلى الأذهان أنّ المركز أنشئ لهذا الغرض خصيصاً.
إلى ذلك، قال زعيم «تيار الغد السوري»، أحمد الجربا، بعدم وجود إمكانية لمشاركة المعارضة في الحكومة السورية الجديدة، داعياً إلى إيجاد حل حقيقي وواضح حسب بيان جنيف وقرارات الأمم المتحدة ومخرجات فيينا.
وقال الجربا الزائر لروسيا حالياً، إنّ «الموضوع ليس موضوع مناصب»، وتابع قائلاً «لا بد أن تكون هناك مفاوضات، وإذا فشلت المفاوضات القادمة، برأيي لا بد أن نبحث عن حلول أخرى».
وأضاف «نحن نشدد على أنّه، إذا حدثت المباحثات هذه المرة، فيجب أن تكون جديّة وجوهريّة، وليس كالمرة السابقة. المرة السابقة والمرتين أو ثلاثة، جلسوا مع بعضهم البعض، وكانت هناك مباحثات، ولكن مباحثات فاشلة، وإذا كانت في هذا الصيف مباحثات فاشلة أيضاً، فسيصبح في الحقيقة عند الناس إحباط. السوريون يريدون الحل».
الجربا قال رداً على سؤال حول كيفية تطبيق إعلان التيار مؤخراً، حول استعداده للتعاون مع موسكو «نحن نعتقد أنّ روسيا متضررة من الإرهاب بشكل كبير، هناك آلاف من الروس والناطقين بالروسية موجودين في الأرض السورية، منضمين لـ «داعش» و«النصرة» ويقاتلون في صفوفهم. نحن أيضاً أرضنا يوجد عليها «داعش»، وقتلت من أهلنا الكثير، وشردتهم. وهناك مصلحة مشتركة كبيرة بيننا بهذا».
وأضاف «لدينا قوة موجودة على الأرض في مناطق «داعش»، وخاصة في شرق سورية، باعتقادي أنّ أهل المنطقة هم الذين يستطيعون أن يحرروا مناطقهم، ولديهم خبرة في القتال مع «داعش»، فهذه كلها عوامل مهمة»، مضيفاً «نحن نحتاج لإسناد جويّ روسي للتقدم إلى الأمام».
ولفّت الجربا في هذا الصدد إلى أنّ التنسيق الروسي الأميركي في سورية، لم يرق بعد، إلى مستوى الطموحات المرجوة.
جاء ذلك في وقت أعلن مسلحو «جيش سورية الجديد» المدعومون من الولايات المتحدة الأميركية أمس، أنّه تراجع من مطار حمدان العسكري الذي يقع على مشارف مدينة البوكمال قرب الحدود مع العراق.
وتراجع المسلحون نتيجة هجوم مضاد شنّه «داعش» بعد أن كان «جيش سورية الجديد» شن هجوماً أول من أمس، بهدف السيطرة على بلدة البوكمال.
و أكّد مزاحم السلوم المتحدث باسم «الجيش» التقهقر وقال إنّ قواته انسحبت إلى الصحراء وإنّ المرحلة الأولى من الحملة انتهت.
وقال النشطاء إنّ العملية شملّت إنزال مظليين أجانب من طائرات هليكوبتر فجر أمس، مشيرين إلى اشتباكات عنيفة وقعت مع عناصر تنظيم «داعش» المتحصنين داخل المطار الذي يبعد 5 كيلومترات غرب البوكمال.
وبدأ الهجوم في الجانب السوري بعد ساعات على بدء هجوم مماثل في محافظة الأنبار، حيث «يتم التنسيق مع مقاتلي عشائر الأنبار وقوات مكافحة الإرهاب التابعة للحكومة العراقية، مع غطاء جوي بشكل كامل من القيادة الأمريكية للتحالف الدولي»، وفق السلوم.
إلى ذلك، تواصلت الاشتباكات العنيفة لليوم الثاني على التوالي في ريف اللاذقية الشمالي إثر هجوم شنّه المسلحون على محاور جبل القلعة جبل، أبو علي، نحشبا، وكنسبا.
وحدات الجيش السوري المتمركزة في المنطقة تمكنت من امتصاص الهجوم على محوري القلعة وجبل أبو علي، بينما استطاع المسلحون خرق خطوط دفاع الجيش في محور كنسبا بسيطرته على مناطق رويسة الملك وتلة رشا وتلة أبو أسعد وقرية أرض الوطى وعين القنطرة.
الجيش نفذ هجوماً مضاداً أمس، تمكن من خلاله من استعادة السيطرة على قرية عين القنطرة، وطورعملياته باتجاه تلة رشا وأرض الوطى التي شهدت تراجع خلال اليومين الماضيين.
وفي حلب، صد الجيش السوري هجوماً للمجموعات المسلحة باتجاه نقاطه في مزارع الملاح الشمالية في الريف الشمالي، في حين تقدمت وحدات الجيش بمساندة الطيران السوري – الروسي، نحو حي جمعية الزهراء وصالات الليرمون الصناعية والطريق الواصل بين ريف حلب الغربي وحي جمعية الزهراء ومحيط بلدتي قبتان الجبل ودارة عزة.
وأكد مصدر عسكري أنّ الجيش السوري وصل للخطوط الأولى لمحور جمعية الزهراء غرب حلب خلف نقاط تواجد الجماعات المسلحة وجامع الرسول الأعظم، لافتاً إلى أنّ المنطقة تعتبر هدفاً أساسياً لعناصر الجماعات المسلحة، كونها بوابة حلب من الجهة الغربية، فالمحاولات كثيرة كانت لهذه المجاميع للسيطرة والتقدم من هذا المحور لما يشكله من أهمية استراتيجية.