حرارة بين بوتين وأردوغان… ومناقشة الحرب السورية الأسبوع المقبل لبنان يستعدّ لمواجهة المخاطر… ونصرالله يتحدَّث غداً في يوم القدس
كتب المحرر السياسي
سيطر الحدث التركي المزدوج على المشهدين الدولي والإقليمي، فالتفجير الذي حصد قرابة الثلاثمئة إصابة بين قتيل وجريح في مطار اسطنبول، واحد من أكبر عمليات داعش، وتعبير عن وجهة التنظيم في الرد على خسارته للجغرافيا التي سيطر عليها خلال السنتين الماضيتين، وأن الرد الدموي على الذين كانوا يقدمون التسهيلات بالأمس وتغيروا اليوم سيكون الأشد قسوة، وأن الانطلاق نحو الخارج سيكون هو سمة حركة التنظيم للمرحلة المقبلة، والتفجير الذي طغى على التعليقات الدولية والإقليمية والمواقف الملتقية على ضرورة التسريع بالحسم مع التنظيم، فتح النقاش في الداخل التركي على حجم التسهيلات التي منحتها تركيا للتشكيلات التي تمثل امتداداً لفكر تنظيم القاعدة، وخطر ارتدادها نحو الداخل التركي، فجبهة النصرة قد تشكل غداً تهديداً أمنياً أشد قسوة وخطراً من داعش، بينما تقدم الحكومة التركية لها كل التسهيلات والدعم.
بالمقابل، كان الحدث التركي الأهم هو الإسراع في طي صفحة التأزم مع روسيا، والتي يتضح وفقاً لتقارير ديبلوماسية أوروبية أن محادثات عمرها ثلاثة أشهر بدأت برسم ملامحها، وأن ترحيل رئيس الوزراء السابق داود أوغلو كان أول دفعة مسبقة تركية على طريق المصالحة، وأن توقيت الموقف التركي جاء مع نضج التطبيع مع «إسرائيل» من جهة، لتسهيل تقبل الاعتذار التركي لروسيا مقابل تلقي تركيا اعتذاراً «إسرائيلياً»، ومع بلوغ الرهان على جبهة النصرة، وما سُمّي بعاصفة الشمال مداه، بعد شهور من سقوط الهدنة في سوريا، ووفقاً للمعلومات فإن الحكومة التركية تريد أن تصيغ تغيير سياستها في سورية، منعاً لارتدادات سلبية معنوية على الرئيس التركي رجب أردوغان، بتوسيع دائرة المصالحات من جهة فتشمل مصر، وروسيا و«إسرائيل»، وتحسين المناخات مع إيران، ويمرّ قرار التعديل بالسياسة نحو سورية بصفته من علامات التغيير الذي تنتهجه الحكومة الجديدة، ويتمّ وضع عنوان الأمن القومي التركي بمنع قيام حزام أمني كردي على الحدود، لتسويق الانفتاح على سورية كترجمة لهذا الشعار وتبديل الأولويات. وفي هذا السياق يؤكد إعلاميون روس مقربون من الكرملين أن لدى موسكو ما يكفي للقول إن تغييراً تركياً تجاه سورية لن يتأخر. بينما قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الذي سيلتقي نظيره التركي الأسبوع المقبل، أن مناقشة الوضع في سورية مع تركيا ستبدأ قريباً جداً.
لبنانياً، تركت تفجيرات داعش في القاع بالتزامن مع التفجيرات في تركيا مناخاً من الاستنفار السياسي والأمني، والتحسب لمخاطر لا يبدو أن التطمينات تُجدي في تبديدها، حتى لو جاءت من وزير الداخلية، وفيما يغيب الحوار السياسي في أشد لحظات الحاجة لسقف يحصن اللبنانيين ووحدتهم، تتحكّم الكيديات بحسابات الكثير من الأطراف، رغم استشعار الخطر، بينما يشهد البقاع تشديداً أمنياً يشترك فيه الجيش والأجهزة الأمنية وحزب الله والأحزاب الوطنية وأهالي البلدات الحدودية، ويصير التساؤل مشروعاً عن معنى التهرب من التنسيق مع الحكومة السورية لفتح نقاش مشترك حول حلول ثنائية لقضية النازحين السوريين، يُطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم غد بمناسبة يوم القدس، بعدما أكد حزب الله أن الاحتفال قائم في المكان والزمان، وأن لا صحة لشائعات عن إلغائه.
قرار دولي بتفجير لبنان؟
بعد أن لمست قيادة العدوان على سورية والمنطقة أن كل خططها في لبنان لإسقاط المقاومة قد فشلت، يبدو أن هناك قراراً دولياً وإقليمياً بتفجير الوضع الداخلي اللبناني وأن العمليات الميدانية الإرهابية ليست منعزلة عن تهديدات قادة الإرهابيين بنقل النار الى لبنان. واللافت في هذا الموضوع هو تصعيد الخطاب الإرهابي بشموله بتسمية الطوائف اللبنانية وتوصيفها جميعها مع رموزها السياسية والقيادية. وفي هذا السياق، انتشر فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمجموعة تطلق على نفسها اسم «سرايا الشيخ أحمد الأسير» تهدّد «باستهداف «حزب الله» جواً وبحراً وبراً وباستهداف كل طائرة إيرانية تنقل له السلاح». وظهر في الفيديو 3 أشخاص يحملون السلاح، وفي الخلفية علم «لا إله إلا الله»، باللون الأسود. ولم يتم حتى الآن التحقق من جدية هذا الفيديو ومضمون الرسالة.
ووجه الناطق الرسمي باسم «كتائب عبد الله عزام» سراج الدين زريقات أصابع الاتهام الى حزب الله بالوقوف خلف تفجيرات منطقة القاع في مدينة بعلبك قبل أيام.
وقال زريقات في سلسلة تغريدات على حسابه «تويتر»، إن «تفجيرات منطقة القاع النصرانية كان يجب أن تحمل شعار لبيك يا نصر الله، أو لبيك يا زينب، بذلك يكتمل المشهد!». وادعى ان «الجيش اللبناني العامل بأمر حزب إيران كم هو مستفيد من هذه الأعمال، التي تعد فعلياً مصدر دخله الأساسي، على طريقة السيسي «الرز» !
وتوجه زريقات برسالة الى القيادات اللبنانية، قائلاً: «يا زعماء طوائف لبنان، يا زعماء الدروز جنبلاط وأرسلان ويا زعماء النصارى جعجع وعون والجميل وفرنجية، قراراتكم اليوم ترسم سياستنا معكم غداً!». وختم قائلاً: «كل زعيم طائفة اليوم يختار مستقبل طائفته في لبنان، سفن في البحر وهجرة الديار! أو عيش بسلام! مشروعان: الحياد أو إيران؟.. اقرؤوا التاريخ!»
وأكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن «أي كلام يدعو الى التحقيق في مخاطر الإرهاب في لبنان أو تحييد فئة أو طائفة هو موقف مشبوه، اما دليل السطحية والجهل الأمني او دليل الارتزاق والتبعية للمشاريع الإقليمية».
الانتحاريون ومخيمات النازحين
إلى ذلك لا تزال تداعيات العمليات الانتحارية في القاع وفرضيات تنفيذ عمليات أخرى في مناطق متعدّدة محور الاهتمام، ورجحت مصادر عسكرية مطلعة لـ «البناء» أن يكون الانتحارييون قد خرجوا من تجمّعات النازحين السوريين في مشاريع القاع، مشككة في تصريحات وزير الداخلية نهاد المشنوق بأنهم دخلوا من الأراضي السورية، موضحة أن المنطقة الممتدة من ريف حمص الى القصير حتى شمال القاع تخضع لسيطرة حزب الله والجيش السوري فلا يمكن أن تدخلها اية عناصر إرهابية، لا سيما وأن العناصر الإرهابية التي تدخل من سورية هي عناصر محترفة، وثبت أن انتحاريي القاع ليسوا محترفين بل مبتدئين ومشاريع القاع تبعد أمتاراً قليلة عن مكان حصول التفجيرين، ووضعت المصادر دخول الإرهابيين من جرود عرسال كاحتمال وارد، لكنه ضئيل».
وانتقدت المصادر كلام المشنوق وغيره الذين يتحدثون بكلام لإبعاد الشبهات عن مخيمات النازحين عند كل عملية إرهابية في لبنان، وذلك لأسباب سياسية، مؤكدة أن الانتحاريين تسللوا ليلاً من منطقة قريبة من القاع من زوايا تعتبر خواصر رخوة، كاشفة أن أحد الإرهابيين الخمسة كان ينتظر شروق الشمس ليفجّر نفسه بهدف مدني في القاع، أما الأربعة الآخرون فكان مسيرهم الى مناطق بقاعية أخرى والى بيروت لاستهداف مواقع محددة كحافلات عسكرية أو تجمّعات مدنية».
ووضعت المصادر المعلومات التي قالها المشنوق عن استهداف الإرهابيين لعشرة أهداف في لبنان، في إطار الحرب النفسية والإشاعات لضرب الامن والاستقرار الداخلي وضرب موسم الاصطياف والسياحة لعجزهم عن تنفيذ هذه العمليات ولنشر البلبلة والرعب بين المواطنين، ودعت المصادر الحكومة اللبنانية للإسراع في التنسيق مع السلطات السورية على الصعيد العسكري كحد أدنى لضبط الحدود وحماية القرى الحدودية من هجمات جديدة تزهق مزيداً من أرواح المدنيين الأبرياء، وأبدت استغرابها لخوف الرئيس تمام سلام من غضب السعودية في ما لو تواصلت حكومته أو جيشه مع سورية، رغم وجود اتفاقات تعاون وتنسيق وتبادل ديبلوماسي بين البلدين».
القاع تودّع شهداءها
وودّعت القاع شهداءها الخمسة الذين قضوا جراء التفجيرات الإرهابية التي نفذها انتحاريون اربعة يوم الاثنين الفائت. وادخلت نعوش الشهداء البيضاء الى كنيسة مار الياس في البلدة وقد لفت بالعلم اللبناني، وشارك فيها الى اهالي الشهداء وابناء القاع وفعالياتها عدد من الشخصيات الرسمية فمثل النائب اميل رحمة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما مثل وزير السياحة ميشال فرعون رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، وحضر السفير البابوي غابريال كاتشا بالإضافة الى عدد من الوزراء والنواب وهيئات سياسية وعسكرية وحزبية.
ولأسباب سياسية وأمنية ألغى رئيس التيار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الإفطار السنوي الذي كان سيقيمه اليوم في «بترونيات» – البترون، خوفاً على أمان المشاركين، وحرصاً على عدم إخضاع أعدادهم الكبيرة لإجراءات تفتيش وأمن مضنية». وأكد «وقوفه مع كل القوى الأمنية وأهاليه في القاع»، داعياً الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني إلى «المبادرة فوراً بإمساك كامل للحدود الشرقية كاملة، خصوصاً الجرود المتاخمة لبلدة القاع التي يتم تسرب الإرهابيون منها، وكل المخيمات العشوائية المحيطة بالبلدة، حفاظاً على أمن وأمان اهله في القاع والبقاع والوطن. وألغى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الإفطار الرمضاني السنوي الذي كان من المقرر أن يقام في الوزارة غروب اليوم بعدما بلغ عدد المدعوين الى الإفطار نحو ٢٥٠ شخصية.
.. ومهرجان القدس في موعده
في المقابل، يُصر حزب الله على أن ممارسات الإرهابيين وتهديداتهم لم تهز عزيمته في مهرجان إحياء يوم القدس يوم غد الجمعة عند الخامسة عصراً، في مجمع سيد الشهداء، بعدما ترددت اشاعات عن إلغاء الاحتفال. وسيتناول السيد نصر الله في خطابه بذكرى يوم القدس القضية الفلسطينية، والتفجيرات الإرهابية التي وقعت في القاع، وسيتطرق الى الملفات التي لم يأت عليها في إطلالته الاسبوع الماضي.
بري: نمارس انتحاراً باستمرار الفراغ
الى ذلك، نقل زوار الرئيس نبيه بري عنه لـ «البناء» انزعاجه من «رفض رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة وحزب القوات لطرح السلة المتكاملة». واستغرب «كيف تأخذ الأمور هذه الوجهة، فهو يريد المصلحة العامة لا شيء آخر». وقال «عندما أقفل تيار المستقبل الباب أمام التفاهم على قانون انتخابي ذهبنا باتجاه السلة الشاملة». وشدد بري على أهمية «وحدة الصف اللبناني في مواجهة الخطر الإرهابي التكفيري»، ورأى في لقاء الاربعاء النيابي أن «في مقابل الاستهداف الانتحاري الإرهابي لأمن واستقرار لبنان نحن نمارس انتحاراً منذ أكثر من سنتين ونصف من خلال الشغور الرئاسي وتعطيل المؤسسات». وحذر من «الاستمرار في الدوران في الازمة، لان ذلك سيؤدي بنا الى الفراغ والمجهول».
إيرولت في بيروت الشهر المقبل
يزور وزير الخارجية الفرنسية جان مارك ايرولت لبنان في 11 و12 تموز المقبل «لدفع التوصّل إلى حل سياسي وانتخاب رئيس للبلاد. وتوازياً تصل السفيرة الاميركية الجديدة اليزابيت ريتشارد الى بيروت بعد عيد الفطر وستبدأ مهامها الدبلوماسية بإجراء اتصالات مع القيادات السياسية في اطار الزيارات التعارفية بإيعاز من إدارتها من أجل الحثّ على الاسراع في انتخاب رئيس لما لذلك من انعكاس ايجابي على استقرار لبنان.
من ناحية أخرى، وقع وزير الداخلية نهاد المشنوق مرسوم ترقيات الضباط في قوى الامن الداخلي الذي يستحق بدءاً من أول تموز ومرسوم شطب النقيب محمد رفاعي المساعد الشخصي للوزير أشرف ريفي بسبب ارتباط اسمه بفضيحة المازوت والنقيب وسام الطويلي على خلفية مسألة نسائية وشخصية من جدول الترقيات. على ان يوقع رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء على المرسومين نيابة عن رئيس الجمهورية.