من طفل لبنانيّ إلى بان كي مون
د. مهى شومان جباعي
عزيزي السيّد بان كي مون،
لك سيّدي وللعالم أجمع، جئت لأشهد وأنا، من ضحايا العدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006.
أشهد اليوم أمامك سيّدي،
أمام العالم، وأمام الضمير الإنساني
أنّ مَن أورثني هذه الإعاقة
هو نفسه يصنع إعاقات جديدة في غزّة
مَن سرق منّي فرح طفولتي
هو نفسه يسرق أحلام الأطفال في غزّة
مَن أحرق منزلي وهدم مدرستي وزرع الألغام في حقل والدي
هو نفسه يحرق ويهدم ويزرع الموت والحقد والدمار في غزّة
أشهد،
بأنّ جلّادي لا يزال يعيث
في الأرض فساداً
وتحت أنظار العالم أجمع
وضحاياه، أطفال فلسطين
يغرقون بدمائهم
يتألمون، يجوعون، يُشردون، ويرتعشون خوفاً،
أشهد بأنّ ما يقوم به الصهاينة الآن
فعل إبادة
جرائم بحقّ الإنسانية، بحقّ الطفولة
فهل مَن يرى أو يسمع؟
عذراً سيدي،
ففي عالم الطفل العربي
طفل لبنان والعراق وغزّة
تُستباح الطفولة
وتُخطف الأحلام
في عالمنا
يقتل الذئب ليلى ويذبح جدّتها
و«رابنزل» تبقى مُحاصَرة في القلعة
وتموت جوعاً
و«سنو وايت» تُسمَّم بالفوسفور الأبيض المميت
و«الأميرة» النائمة تُقتل في نومها
و«سندريلا» تُعرقَل بالألغام والقنابل العنقودية
في عالمنا العربي
يلهو الأطفال
بمخلّفات القذائف
على ركام منازلهم
ويحلمون بوطن لا تدنّسه
أقدام معتدٍ في أيّ لحظة
يحلمون… نعم سيّدي،
ما زالوا يحلمون باللعب والحلوى والكتاب والرغيف
وبأعياد لا يقضونها في مدافن أحبائهم
في عالمنا العربي
يولد الأطفال من رحم التهجير
وقد أَعدَّت لهم مسبقاً
الديمقراطية الأميركية
كنيةً واحدة… تهمةً واحدة
«إرهابيون»!
أشهد… سيّدي،
أنني لم أكن يوماً إرهابيّاً
بل مجرّد طفلٍ آمنٍ بشمس الحرّية، وكذلك أطفال غزّة
سيّدي الرئيس،
علّمت «إسرائيل» أطفالها
أن يرسموا لنا الموت على صواريخهم
وعلّمتنا أوطاننا
أن نرسم حدود أرضنا جيّداً
معادلة عمرها ستّون سنة
سيدي،
هذه شهادتي لك وللعالم
قد يَقتل «الإسرائيليون» أطفال غزّة
ويُقطّعوا أوصالهم
لكن لا ولن يقتلوا الحلم فيهم
في وطن حرّ سيّد مستقلّ
أشهد… سيدي،
بجرحي المعلّق في ذكريات طفولتي
بقلبي الذي أوجعه الألم ولم يكسره
بعزّتي وعنفواني اللذين لم ينل منهما العدو
بإيماني بالله، والعالم العربي
طفل غزّة، كما طفل لبنان
سيبقى يقاوم من أجل الحياة
وسينتصر