باسيل: توطين النازحين ليس خياراً مطروحاً
استقبل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل نظيره الدنماركي كريستين جنسن في حضور سفير الدنمارك في لبنان سفيند وويفر والوفد المرافق، وعن الجانب اللبناني حضر مدير الشؤون السياسية شربل وهبة، مديرة المراسم السفيرة ميرا ضاهر، ومستشار الوزير رامي عدوان.
بعد الاجتماع عقد باسيل وجنسن مؤتمراً صحافياً استهله باسيل بالقول: «إنها فرصة لنا لإعادة النظر بعلاقات الصداقة القائمة بين بلدينا. لقد زرت الدنمارك أخيراً وأود أن أشكر المملكة وشعبها على الضيافة الكريمة للجالية اللبنانية. عبرت عن إدانة لبنان للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة واليومية للسيادة اللبنانية وناقشنا التطورات المحلية والإقليمية، ولفت نظر السيد جنسن إلى المخاطر المشتركة التي تواجه بلدينا وأعني بها التدفق الكثيف للمهاجرين والانتشار السريع للإرهاب. واتفقنا على أنّ المنظمات الإرهابية أصبحت عابرة للحدود وقد أدنا بأشد العبارات نشاطها الإجرامي، إن كان في كوبنهاغن أو في القاع، والاعتداء الأخير في اسطنبول».
أضاف: «اتفقنا أيضاً على أنّ الكلام وحده لا يكفي لمحاربة انتشار ورم الإرهاب الخبيث، كما أنّ البنى الإجرامية يجب أن يتم انتزاعها من جذورها وتجفيف مصادر تمويلها، والتغلب على رعاتها الأيديولوجيين».
وتابع: «ناقشنا خطر النزوح السوري الكثيف إلى لبنان وتأثيره المقلق عليه، وكرّرنا دعوتنا من أجل حلّ سياسي في سورية. وشرحنا للسيد جنسن الحقيقة اللبنانية نتيجة العبء الذي لا يحتمل باستضافة النازحين السوريين رغم إمكاناته المتواضعة والقليلة».
ورأى باسيل «أنّ الحلّ السياسي الدائم لأزمة النازحين هو إعادتهم إلى بلادهم بما في ذلك الأخذ بالاعتبار أنه منذ الآن وإلى حين تحقيق العودة، بأنّ توطينهم ليس خياراً مطروحاً».
وقال: «نتوقع من الدول الصديقة مساعدتنا على الصمود بدلاً من أن ننكسر تحت هذا الضغط الهائل. نحن لا نرى في كلّ نازح سوري إرهابياً محتملاً، ففي هذه الأثناء برهنت الوقائع على الأرض أنّ التنظيمات الإرهابية ناشطة في تجنيد متطوعين في صفوفها ضمن مجتمعات النازحين، مستفيدة من حالة الفقر المدقع واليأس التي تصيب هؤلاء. فضلاً عن أنّ الإرهابيين يتسللون بين أفواج النازحين، مستغلين الهجرة كغطاء من أجل نشاطاتهم المتنقلة عبر الأوطان. إنّ هذا الأمر قد يؤذي أصحاب العقول السليمة، إلا أنها حقيقة لا يمكن نكرانها».
وجدّد وزير الخارجية دعوته إلى «أن تكون المساعدات في المستقبل، من حيث النوعية والكمية، موجّهة للمؤسسات اللبنانية بدلاً من أن تقدم لمنظمات الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية»، لافتاً إلى «أنّ الدمج بين الهجرة الجماعية للمهاجرين والأيديولوجيات الإرهابية المظلمة مع الأفعال قد تصبح متفجرة وتتحول إلى تهديد وجودي للبنان والدنمارك، الأمر الذي يؤدي إلى زعزعة كلّ من الشرق الأوسط وأوروبا. في لبنان إنّ التوازن الدقيق لنظامنا هو في خطر ديموغرافي، اقتصادي، سياسي، وأمني أيضاً».
وأشار باسيل إلى أنه ناقش العلاقات الاقتصادية مع نظيره الدنماركي وتمّ الاتفاق على «زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين. وجرى التشديد على الدور الإيجابي الذي تلعبه الشركات الدنماركية لا سيما في مجال الطاقة وقطاع الأدوية».
وختم بالقول: «تشاركنا مع ضيفنا حاجة لبنان إلى أن يكون لديه قيادة قوية نابعة من الإرادة الحرة للشعب من أي تدخل أجنبي خصوصاً أنّ مثل هذه القيادة الشعبية هي الضامن لاستقرار لبنان الذي هو ضرورة بالتالي للمنطقة ولأوروبا وللعالم. ونحن ندعو إلى الحفاظ على النموذج الفريد للحكم في لبنان والذي هو قائم على المساواة بين المسلمين والمسيحيين. إنّ تعميم هذا النموذج من الإنسانية والتسامح بدلاً من المشاريع التقسيمية الطائفية التي تهدد الشرق الأوسط هي الجواب الأفضل للتهديدات التي تطال اليوم السلم والأمن الدوليين».
وقدم وزير الخارجية الدنماركي، بدوره، تعازي بلاده الحارة بشهداء تفجيرات القاع التي حصلت يوم الاثنين الماضي، وقال: «شهدنا أحداثاً إرهابية أخرى في اسطنبول ودول أوروبية وكوبنهاغن. نحن نرى أنّ الإرهاب يضرب أينما كان، بغض النظر عن الموقع الجغرافي أو الدين أو الإتنيات، إنهم جبناء يضربون الأبرياء، وعلينا القيام بكل ما بوسعنا، وجميعنا لمحاربة الإرهاب مهما كان وأيا يكن خلفه. نحن نعمل معكم لمساعدة لبنان على تحمل هذا العبء الهائل الذي يتحمله الشعب اللبناني جراء استقباله عدداً كبيراً من النازحين من الدول المجاورة، من فلسطين والعراق ومن سورية في السنوات الأخيرة. نحن سنبقى أصدقاء ثابتين للبنان ونستمر في دعمه بأفضل السبل لمساعدته على استضافة هذا العدد الهائل من النازحين».
أضاف: «اتفقنا على أنّ المكان الأفضل للسوريين هو وجودهم في سورية ولذلك علينا الاستمرار في العمل وتوحيد جهودنا من أجل إيجاد حلّ سياسي في سورية ينهي النزاع القائم فيها، لكي يتمكن السوريون من العودة إلى ديارهم في أسرع وقت ممكن. ثمة خطر مشترك يهدد بلدينا هو التطرف إذ أنّ الأشخاص يميلون لأن يكونوا أكثر تطرفاً، ونحن نرى ذلك في أوروبا من خلال المقاتلين الأجانب لدى تنظيم «داعش»، وقد رأينا ذلك في أماكن أخرى في العالم. لقد تحدثنا عن كيفية العمل معا لمحاربة التطرف، وأعتقد أنه من المهم جداً تخفيف حدة النزاعات وليس تصعيدها وتقسيم المواطنين وأن نكون منفتحين على إقامة الحوار مع الجميع».
تابع: «لدى لبنان نظام فريد جداً وقائم على توازن دقيق بين رجالات السياسة والأديان. ونحن نحترم ونثمن هذا النظام المميز جداً، والذي يجب المحافظة عليه في بلدكم، وسنستمر بالقيام بما في وسعنا لدعم المجتمعات المضيفة للحصول على المساعدات المالية والعينية. ونأمل أن تأتي شركات دنماركية أخرى إلى لبنان، وسوف نضاعف عدد العاملين في السفارة الدنماركية لمساعدة الشركات الدنماركية للمجيء إليه لتستثمر أكثر فيه لا سيما في مجال الطاقة، وهكذا نقدم لكم المساعدة على الصعيد الاقتصادي».
وختم جنسن، مؤكداً «أنّ الدنمارك جاهزة ومستعدة دائماً للوقوف إلى جانب لبنان لإرشاده على الصعد كافة».