للقطاعين وصل إلى حوالى 86 مليار دولار نهاية 2015
التأمت الجمعية العمومية العادية السنوية الـ54 لجمعية مصارف لبنان، وألقى رئيس الجمعية الدكتور جوزف طربيه كلمة، في مستهلّ الجلسة، لخص فيها «أهم منجزات مجلس الإدارة الحالي». ثم ناقشت الجمعية التقرير السنوي للمجلس للعام 2015 ووافقت عليه. وبعد الاطلاع والموافقة على تقرير مفوضي المراقبة حول حسابات الجمعية لسنة 2015، أبرأت ذمة مجلس الإدارة الحالي ثم ناقشت وأقرت الموازنة التقديرية لسنة 2017.
وأشار طربيه إلى أنّ جمعية مصارف لبنان «ظلت منذ تأسيسها عام 1959 أمينة على تحقيق أهدافها، إن على صعيد خدمة وتعزيز المهنة المصرفية والدفاع عن قضاياها أو على صعيد خدمة الإقتصاد الوطني وتطويره، أو أخيراً على صعيد خدمة لبنان بلدنا الذي نعتز بانتمائنا إليه وباحتضانه لمصارفنا الأم وللعديد من المصارف العربية والأجنبية دونما أي تمييز».
وقال: «إنّ تقرير مجلس الإدارة الموزع عليكم يعرض لأداء الجمعية ونشاطها بشكل واف منذ انعقاد الجمعية العمومية الأخيرة في حزيران 2015. لذا، لن أخوض في تفاصيل محتوياته، بل سأكتفي بإيجاز أبرز التطورات التي رافقت عملنا، وما أنجزته جمعيتنا خلال السنة الأولى من ولاية مجلس إدارتنا الحالي.
في العام 2015، ظلّ الاقتصاد اللبناني على ضعفه المستمر منذ مطلع العقد الحالي بحيث تراجع معدل نموه إلى نحو 1 في المئة بسبب مجموعة تطورات، بعضها داخلي، وأبرزها استمرار الفراغ الرئاسي وتعطل عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبعضها خارجي، يتعلق بالأحداث في المنطقة العربية وبخاصة في سورية. وقد انعكست هذه التطورات سلباً على الاستثمارات الداخلية والخارجية كما على حركة الاستهلاك. بيد أنّ استمرار تحويلات العاملين في الخارج والتسليفات المصرفية، على رغم التراجع الطفيف للأولى وتباطؤ نمو الثانية، ظلتا تساهمان، كما هي الحال دائماً، في دعم الحركة الاقتصادية.
في موازاة ذلك، تراجع وضع المالية العامة في العام 2015 قياساً على العام 2014. وقد وازى العجز العام ما نسبته 7,8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وانخفض الفائض الأولي المحقق من 2,6 في المئة من الناتج في العام 2014 إلى 1,4 في المئة في العام 2015. ومن جراء ذلك، زادت المديونية العامة بحيث وصل حجم الدين العام في نهاية العام 2015 إلى 70,3 مليار دولار أميركي، ما استتبع ارتفاع نسبة الدين العام الإجمالي إلى 138 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في مقابل 134 في المئة في نهاية العام 2014.
غير أنّ الوضع النقدي في العام 2015 بقي مستقراً، مظهراً متانة لافتة رغم دقة الأوضاع العامة في البلاد. ويعود ذلك، من جهة، إلى الإمكانات الكبيرة المتوافرة لدى الجهاز المصرفي مصرف لبنان والمصارف وإلى الإجراءات والهندسات المالية التي اتخذها البنك المركزي، بالتعاون الوثيق مع المصارف.
وبالإضافة إلى مساهمتنا الفاعلة في الاستقرار النقدي، فقد استمرت مصارفنا في توفير التمويل للاقتصاد الوطني بحجم كاف وبكلفة متدنية قياساً على ما هو سائد في دول تتمتع بتصنيف أفضل بكثير لمخاطرها السيادية. فقد زاد حجم القروض للقطاع الخاص بما يقارب 3,3 مليارات دولار، أي بنسبة 6,5 في المئة وزاد تمويلنا للدولة بقيمة 448 مليون دولار، وأودعنا المصرف المركزي ما يوازي 7 مليارات دولار، بما قوى احتياطاته، ولا سيما بالعملات الأجنبية، وبما انعكس استقراراً في سوق القطع. هذه الزيادة في التوظيفات البالغة 10,3 مليارت دولار خلال السنة الماضية إنما تمّ تمويلها من خلال نمو ودائعنا بما يزيد عن 7 مليارات دولار وزيادة رساميلنا بما يقارب المليار دولار، مع بقاء توظيفاتنا الخارجية عند مستوى 24 مليار دولار».
ولفت إلى «أنّ حجم التسليفات للقطاعين وصل إلى ما يقارب 86 مليار دولار في نهاية العام 2015 موزعة بنسبة 44 في المئة للقطاع العام و56 في المئة للقطاع الخاص. وقد ساهم البرنامج التحفيزي الذي أطلقه مصرف لبنان في تعزيز النشاط الاقراضي، وهو شمل رزمة من السيولة للمصارف بكلفة متدنية، أفاد منها خصوصا قطاعا السكن والتكنولوجيا، إضافة إلى حوافز معطاة لتسليف اقتصاد المعرفة بضمانة من المصرف المركزي».
وأضاف: «أما على صعيد المهنة المصرفية، فقد تعاونا مع مصرف لبنان لتطبيق مندرجات اتفاقات لجنة بازل للرقابة المصرفية، عبر تحقيق إلتزام المصارف العاملة في لبنان بمستوى من الملاءة يتخطى المعدل المطلوب عالمياً، وقد بلغ 15,1 في المئة في نهاية العام 2015. وتبرر المخاطر العديدة والعالية المحيطة بنا الجهد الترسملي الإضافي الذي ارتضيناه. كما تبرر هذه المخاطر معدلات السيولة العالية التي نحتفظ بها قياساً على المعايير الدولية، مع كامل إدراكنا لانعكاس هذه السيولة العالية على معدل ربحية توظيفاتنا. لكنّ سلامة أموال مودعينا ومساهمينا تتقدم على أي اعتبار آخر، بما فيه الربحية».
وتابع: «أبعد من ذلك، غطى تعاوننا مع السلطات النقدية والرقابية جوانب مصرفية متعددة في مجال الرقابة الداخلية والمؤونات الإجمالية، بما فيها تلك العائدة إلى محفظة قروض التجزئة. وغطى كذلك التوظيفات الخارجية لمصارفنا بالإضافـة إلى العمليات لحسابها الخاص في الأدوات المشتقة والمركبة. واستكمالاً للإطار النظامي للجنة بازل، يجري العمل مع السلطات النقدية والرقابية على تعزيز الإدارة الرشيدة في مصارفنا كما على تقوية السياسات والإجراءات التي من شأنها تعزيز حمايـة المستهلك، ولاسيما تثقيف العملاء وتوضيح حقوقهم عبر برامج للتوعية وآليات واضحة للمراجعات مع إدارات المصارف.
على الصعيد المهني أيضاً، نتابع النقاش الجدي والمعمق مع اتحاد موظفينا، وهم جزء كريم من أسرتنا المصرفية حول تجديد عقد العمل الجماعي، بعدما وافق مجلس إدارة الجمعية على إنشاء صندوق التقاعد. وينصب الجهد حالياً، بتوافق الجانبين وبشكل حصري، على آلية تطبيق النظام الأساسي للصندوق وعلى توفير الإدارة الرشيدة له ضمانا لفاعليته واستمراره، ونأمل إنجاز موضوع الصندوق وتجديد العقد في أقرب فرصة استناداً إلى التعاون الإيجابي القائم بين الطرفين».
وأوضح أنّ «المصارف تؤدي دور الوسيط بين المودعين والمقترضين. وهي تؤدي هذا الدور باحتراز كبير، من جهة، حفاظاً على المدخرات التي نحن مؤتمنون عليها، ومن جهة ثانية، حفاظا على مصلحة الطرف الآخر في المعادلة، عنينا به الأسر والمؤسسات وخزينة الدولة».
ولفت إلى «أنّ السلطات النقدية والرقابية، وهي الناظم لعملنا والمراقب له، تشهد على حسن أداء هذه الوظيفة ضمن أفضل المعايير الدولية. ودور الوساطة هذا نؤديه كذلك بين الداخل والخارج عبر المصارف العالمية المراسلة».
وقال: «لمزيد من الحرص على السمعة الإقليمية والدولية للقطاع وعلى انتظام وديمومة تعامل مصارفنا مع النظام المالي العالمي، واصل مجلس الإدارة تطبيق خطة التحرك الداخلي والخارجي التي وضعها والتي تقوم على ثلاث ركائز متزامنة ومتكاملة هي:
أولاً، حركة اتصالات محلية بسفراء الدول الكبرى والمؤثرة المعتمدين في لبنان.
وثانياً، حركة اتصالات دولية عبر زيارات مباشرة واجتماعات كثيفة مع شخصيات ذات نفوذ وتأثير في مواقع القرار داخل السلطات التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، لا سيما فرنسا وبريطانيا، كما في البنك الدولي وصندوق النقد وكبريات المصارف العالمية والمراسلة لمصارفنا.
وثالثاً، حملة إعلامية وإرشادية متمثلة خصوصاً بإصدار نشرة دورية إلكترونية متخصِّصة على موقع الجمعية بهدف إبراز نشاطات القطاع المصرفي اللبناني على صعيد التزام مستجدات قواعد العمل المصرفي وبالمعايير الدولية في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وإصدار سلسلة أدلة حول السياسات والإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع، وبتطبيق قانون الإمتثال الضريبي الأميركي فاتكا وبالعقوبات الدولية، وحول أخلاقيات العمل وحماية الزبائن، بالتعاون مع شركة «ديلويت» ولجنة التحقق في الجمعية».
وأعلن أنّ الجمعية «واصلت تأكيد التزامها الشأن الوطني العام، مع إبداء حرصها على تكثيف حضورها وتعزيز موقعها المرجعي كإحدى الهيئات الاقتصادية الأساسية في لبنان، وتعزيز مشاركتها في المؤتمرات والمحافل الإقليمية والدولية واستضافتها العديد من رؤساء البعثات الديبلوماسية المعتمدة في لبنان ومن الوفود المصرفية العربية والأجنبية، وتوزيع منشوراتها ونتائج دراساتها، وإغناء محتويات مكتبتها وموقعها على شبكة الإنترنت، ومتابعة الدورات التدريبية الكثيفة للموارد البشرية المصرفية، وتطوير برامج التدريس في المعهد العالي للدراسات المصرفية وتقويتها، بالشراكة مع جامعة القديس يوسف».
وعلى صعيد التشاور الداخلي، أكد طربيه «حرصنا كرئاسة وكمجلس إدارة، على انتظام أعمال الجمعية بحيث عقد مجلس الإدارة الحالي 14 جلسة عادية واستثنائية منذ آخر جمعية عمومية، وعلى تكثيف التشاور الدائم مع إدارات المصارف، لا سيما عبر اللجان الإثنتي عشرة التي تضم 160 عضوا من مختلف المصارف يؤدون دورا مهما ومشكورا في بلورة العديد من المواقف حيال مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تعني القطاع».
وقال: «إننا نشاطر اللبنانيين عموماً وسائر الهيئات الاقتصادية خصوصاً الدعوة إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية من أجل استقامة الحياة السياسية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، وإلى متابعة الحوار الوطني حول القضايا الجوهرية العالقة بين مختلف القوى السياسية ومكونات النسيج المجتمعي اللبناني، درءا لمزيد من الأخطار وحرصاً على السلم الأهلي والاستقرار الأمني وتفعيل أداء مؤسسات الدولة وتنشيط الحركة الإقتصادية وتزخيم النمو المتوازن والمستدام في البلاد».
وختم: «نود أن نشكر مجدداً اللبنانيين جميعاً لمشاطرتهم إيانا في إدانة واستنكار عملية التفجير التي تعرض لها أخيراً بنك لبنان والمهجر، والتي اعتبرها مجلس إدارتنا في حينه اعتداء على القطاع المصرفي بأكمله. وإننا نهيب، على هذا الصعيد بالسلطات والأجهزة القضائية والأمنية كشف الفاعلين وإحالتهم إلى العدالة».