بوتين: سورية ستقرِّر مصير المنطقة والعالم … والجيش الروسي يحقِّق أهدافه واشنطن تُعلن عن مسودة اتفاق مع موسكو لا يتطرّق للأسد وأولويته الإرهاب

كتب المحرّر السياسي

شهدت المواقف الروسية والأميركية اتجاهات تنسجم مع موعد الثلاثين من حزيران المنصوص عليه في القرار 2254، حيث ذكَر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اللقاء الذي يعقد كل سنتين للسلك الديبلوماسي الذي يمثل بلاده في أنحاء العالم، بمكانة سورية في المنطقة والعالم وكيف أن الحرب فيها ستقرر مصيرهما، مشدداً على دور الجيش الروسي في الحرب على الإرهاب، ورسم مسار العملية السياسية التي تخدم مسار هذه الحرب، مجدداً الدعوة لجبهة عالمية مناهضة للإرهاب كطريق لتقصير عمر الحرب، بينما كان رئيس المخابرات الأميركية جو برينان يعلن أن مسودة اتفاق روسي أميركي للتعاون العسكري في الحرب على الإرهاب في طريقه للتوقيع، على قاعدة هذه الأولوية وتفادي أي خلافات أخرى، في إشارة للموقفين المتباينين لواشنطن وموسكو من مستقبل الرئاسة السورية. وقال برينان إن هذا التعاون يُلزم واشنطن بالطلب من المعارضة المسلحة الخروج من أي تعاون أو تشابك مع الإرهاب، مقابل التزام موسكو بضمان وقف قواتها وقوات الجيش السوري لاستهداف الجماعات المعارضة المتعاونة مع واشنطن وفق هذا المفهوم للحرب.

يأتي الموقف الأميركي الذي نشرت تفاصيل إضافية عنه صحيفة واشنطن بوست بقولها إن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا تلقى دعوة لمناقشة أفكار جديدة مع خبراء الأمن القومي الأميركي تمهيداً للبحث في استئناف محادثات جنيف بين الحكومة والمعارضة في سورية، وما تتضمّنه الأفكار من تأجيل البحث في مصير الرئاسة السورية والتشارك في حكومة موحّدة تتولى البحث في دستور جديد، من ضمن شراكتها في الحرب على الإرهاب بدعم القوى العالمية الكبرى.

يأتي التموضع الأميركي على إيقاع تحولات رسمت إطارها الواشنطن بوست بتزعزع الاتحاد الأوروبي مع خروج بريطانيا وانشغاله بأحواله الداخلية من جهة، والتسارع التركي نحو موسكو في ضوء القلق من الخصوصية الكردية على حدودها، خصوصاً أن الأميركيين اختبروا محدودية قدرات الجماعات التي موّلوها ودرّبوها وسلّحوها في إحداث فرق كبير في الحرب على داعش.

شهر تموز سيكون اختباراً لحدود التحولات الأميركية وملاقاتها لروسيا في مكان مناسب لعقد تسوية، يمكن تسويقها لدى الحليفين السوري والإيراني.

في هذه الأثناء يعيش اللبنانيون قلقاً متزايداً مع تكشف المزيد من المعلومات عن خطط تنظيم داعش للتهجير والتفجير، بينما قرر حزب الله اقتصار إحيائه ليوم القدس العالمي على كلمة متلفزة للسيد حسن نصرالله، وإلغاء الاحتفال الجماهيري التقليدي بالمناسبة.

الأمن يفرض نفسه

فرض الهاجس الأمني نفسه على الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية والوسط الشعبي كأولوية على الملفات الخلافية الساخنة، مع ارتفاع منسوب خطر الإرهاب واحتمالات ضرب أهداف جديدة تجارية ومدنية لم يعتد عليها اللبنانيون، بعد أن تأكد لدى الجهات الأمنية المعنية بأن المجموعات الإرهابية أدخلت لبنان في دائرة الاستهداف على مستوى القيادة العليا في سورية مع تعدّد المهمات الإجرامية وأهدافها التي يمكن أن تُحدّد بثلاثة أهداف رئيسية: الأول تفجيري كما حصل في القاع، والثاني قتل تدميري كما حصل في الضاحية الجنوبية والثالث ترويضي بهدف ضرب الاستقرار القائم على السياحة والخدمات، ولهذا السبب استنفرت الأجهزة الأمنية الرسمية وغير الرسمية مؤخراً، واتخذت وضعية الاستنفار الأقصى لمواجهة الأخطار الدائمة، أما السؤال الكبير الذي يطرحه كثيرون في الوقت الحاضر: هو هل الجهات الدولية التي تدّعي بأنها تؤمّن الغطاء للحفاظ على الاستقرار الأمني في لبنان ودعم أجهزته الأمنية بمواجهة الإرهاب سحبت يدها منه؟ وبمعزل عن الإجابة، فإن الواقع اللبناني يمكن أن يُقال فيه أمران: الأول، إن لبنان مستهدف بعمق من الإرهاب والثاني توفر يقظة أمنية رسمية وشعبية تبقي الأمور تحت السيطرة.

الجيش: إحباط عمليتين إرهابيتين خطيرتين

وفي آخر المستجدات الأمنية، وقبل أن تنفض القاع عنها غبار التفجيرات الإرهابية، تمكنت استخبارات الجيش من إحباط عمليتين إرهابيتين على درجة عالية من الخطورة، كان تنظيم «داعش» قد خطّط لتنفيذهما ويقضيان باستهداف مرفق سياحي كبير ومنطقة مكتظة بالسكان»، وأعلنت قيادة الجيش في بيان صدر عن توقيف خمسة إرهابيين وعلى رأسهم المخطّط. وقد اعترف الموقوفون بتنفيذهم أعمالاً ارهابية ضدّ الجيش في أوقات سابقة.

وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة أن المرفق السياحي الكبير المستهدف خلال هذه العملية هو كازينو لبنان الذي كان سيُستهدَف الشهر الحالي، أما المنطقة السكنية فهي الأسواق التجارية في المتن والهدف ضرب الاقتصاد»، واستبعدت المصادر تمكن الإرهابيين من الوصول الى الضاحية الجنوبية وتنفيذ أعمال إرهابية فيها، بسبب التدابير الأمنية المتخذة فضلاً عن تدمير معظم معابر الموت في الجرود الحدودية لا سيما في يبرود والقلمون».

..والأمن العام داهم في عرسال

وفي سياق متصل، داهمت قوة من الأمن العام بمؤازرة من الجيش، أحد أوكار الإرهابيين في وادي عطا – خراج بلدة عرسال، وذلك في إطار عملية استباقية، حيث عثرت على حزام ناسف وأسلحة وأعتدة حربية مختلفة. وتم ضبط الموجودات، ولا تزال المتابعة مستمرة لتوقيف باقي أعضاء الخلية الإرهابية.

وفي إطار تصدي حزب الله للمجموعات الإرهابية استهدف عناصره مقار لتنظيم «داعش» في جرود القاع وجرود رأس بعلبك وادي زويتيني في البقاع الشمالي بقذائف المدفعية الثقيلة وحققوا إصابات مؤكدة في صفوف مسلحي التنظيم.

.. ويونيفيل: ننفذ أنشطتنا العادية

إلى ذلك، ورداً على بعض التقارير الإعلامية التي تحدثت عن تخفيف اليونيفيل للدوريات في منطقة عملياتها في جنوب لبنان، أكد المكتب الاعلامي لليونيفيل، أن «اليونيفيل تنفذ أنشطتها العادية، بما في ذلك تسيير الدوريات في منطقة عملياتها، بالتنسيق الوثيق مع القوات المسلحة اللبنانية، ووفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701».

ترقب لكلمة نصرالله اليوم

وفي غضون ذلك، تترقب الأوساط السياسية والشعبية خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمناسبة يوم القدس العالمي، عبر كلمة متلفزة عند الساعة الخامسة والنصف مساء اليوم الجمعة.

وأصدر حزب الله بياناً قال فيه «نظراً للأوضاع الأمنية قرر حزب الله إلغاء الاحتفال الجماهيري لمناسبة يوم القدس العالمي، والذي كانت مقررة إقامته في مجمع سيد الشهداء ع ـ الرويس غداً الجمعة».

وسيكون موضوع القدس الطاغي على خطاب السيد نصرالله، بحسب ما أبلغت مصادر مطلعة «البناء» في ضوء المستجدات الأمنية والسياسية على الساحة الفلسطينية في ظل جرائم الاحتلال الصهيوني ومشاريع حكومة نتنياهو المشبوهة بالتآمر مع أنظمة خليجية وعربية في تهديد مقدسات المسلمين والمسيحيين في القدس والمسجد الأقصى والسيطرة عليها، تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية في ظل انشغال العالم بأزماته والإدارة الأميركية بانتخاباتها الرئاسية. كما سيتطرق السيد نصرالله، بحسب المصادر، إلى التفجيرات الإرهابية في القاع والتي أدت إلى إلغاء الاحتفال بيوم القدس العالمي، كما سيستعرض الوضع الإقليمي في المنطقة والإرهاب المتنقل من عاصمة إلى أخرى والوضع في شمال سورية وتطورات معركة حلب وسيتطرق في الوقت المتبقي إلى بعض الملفات الداخلية، لكن من دون الغوص في تفاصيلها، بسبب ضيق الوقت.

واستغربت المصادر نفسها بعض الإشاعات عن عجز حزب الله عن حماية المربع الأمني في الضاحية الجنوبية من الهجمات الإرهابية ما أدى إلى تأجيل الاحتفال الذي كان مقرراً، متسائلة: «هل استطاع أردوغان وحكومته حماية مطار أتاتورك من ضربات الإرهابيين؟ لافتة الى أن الإرهاب ضرب في برج البراجنة والرويس سابقاً، وبالتالي هذا النوع من الإرهاب لا يمكن منع حصوله مئة في المئة». ولفتت إلى أن «الهدف من إلغاء الاحتفال هو حفظ دماء الأبرياء ومنع سقوط ضحايا، لكن حزب الله لديه القدرة اللوجستية والأمنية على تنظيم الاحتفال إلا أنه نظراً لدقة وحساسية الوضع الإقليمي العام في البلد قررت قيادة الحزب التصرف بحكمة وعقل وإلغاء الاحتفال المقرر لتفويت الفرصة على الإرهابيين للنيل من المقاومة وجمهورها وتحقيق انتصار من دون مبرر».

.. وجلسة حكومية على وقع التطورات

وعلى وقع التطورات الأمنية المتسارعة عقد مجلس الوزراء جلسة عادية في السراي الحكومي، استعرض خلالها الوضع الأمني والسياسي في أجواء هادئة، قبل أن يتطرق إلى بنود جدول الأعمال، حيث اتخذ عدداً من القرارات وأرجأ بنوداً أخرى. كما استعرض المجلس للخطط التي اتخذتها الأجهزة الأمنية لا سيما الجيش اللبناني بعد تفجيرات القاع الانتحارية. وأطلع رئيس الحكومة تمام سلام خلال الجلسة مجلس الوزراء على مضمون الاجتماع الأمني الذي ترأسه عقب تفجيرات القاع وكرر ثقة الوزراء بالجيش وإعطاءه كل الدعم الذي يحتاجه والصلاحيات ليتمكن من مواجهة الإرهاب على الحدود وفي الداخل. وكان تأكيد من الأطراف كلها على أن الإرهاب خطر كبير على لبنان كما على دول أوروبا وكل العالم، وكان تشديد على اتخاذ التدابير الاحتياطية والابتعاد عن الخطاب التحريضي والمذهبي والطائفي والذي يؤدي الى التفرقة واعتماد الخطاب الجامع.

وطالب وزراء تكتل التغيير والإصلاح مجلس الوزراء، بحسب ما علمت «البناء» باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة كل الأراضي اللبنانية الحدودية مع سورية، والتي يحتلها «داعش». ووعد سلام بأن يتم درس الموضوع، كما طالب وزراء التكتل بأن يقوم الجيش بالخطة العسكرية اللازمة لبسط سيطرته على جرود القاع وألا تتحول الى عرسال ثانية».

كما طرح وزيرا حزب الله محمد فنيش وحسين الحاج حسن على مجلس الوزراء «عملية عسكرية وقائية يقوم بها الجيش اللبناني بمساندة القوى الشعبية في الخواصر الرخوة على الحدود مع سورية لضرب الإرهابيين ومنعهم من اتخاذ أي مناطق أو جرود قاعدة لشن هجمات على القرى الحدودية». وسئل وزير الدفاع سمير مقبل عن صلاحيات الجيش المعطاة من مجلس الوزراء وحدود تدخله على الحدود، وأكد مقبل أن «الجيش على أهبة الاستعداد وعلى جهوزية كاملة للتصدي للاعتداءات والهجمات الإرهابية، ولم يتم التطرق الى التفاصيل الأمنية لا سيما الجهة التي دخل منها انتحاريو القاع بسبب تغيب وزير الداخلية عن الجلسة».

وقالت مصادر وزارية لـ «البناء» إن لا ضمانات مئة في المئة بعدم حصول تفجيرات أو أعمال إرهابية في ظل الخلايا والشبكات النائمة التي وقع العدد الأكبر منها في قبضة الأجهزة وبقي عدد آخر»، مشددة في الوقت نفسه على «رفض بعض الوزراء الأمن الذاتي في القاع أو في مناطق أخرى»، مؤكدة أن «الجيش نفذ انتشاراً واسعاً في القاع ومحيطها واتخذ خطوات استثنائية لمواجهة أي أخطار». مشيرة الى أن «المهم هو الالتفاف حول الدولة ومؤسساتها وتضامن جميع الأطراف السياسية لمنع اي انهيار تام للوضع الأمني».

درباس لـ «البناء»: لا لتحميل اللاجئين المسؤولية

وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «البناء» إن «الوضع الأمني عرضة للاختراق وتفجيرات القاع الانتحارية والشبكة التي ألقى الجيش القبض عليها أمس تُعدّ أساليب خطيرة وجديدة لا سيما وأن المستهدف هي قرية حدودية مسيحية ما يؤشر إلى مخطط لاستهداف مناطق مسيحية لحرمان الشرق الأوسط من تلاوينه ومكوناته»، داعياً «جميع القوى والأطراف إلى أقصى درجات التضامن مع سكان واهالي القرى الحدودية، لا سيما المسيحية، وتثبيتهم في أرضهم وأن لا يكون أي طرف حليفا أو متماهيا أو ظهيرا في خطابه ومواقفه لهذه المجموعات المتوحشة».

وأشار درباس إلى «وجود جهات خارجية تستورد الانتحاريين من الرقة والحسكة وغيرها من المناطق السورية الى لبنان، لكن لا يجوز اتخاذ أي مواقف تحفز على الكراهية للنازحين السوريين، لأن ذلك يسهل على الانتحاريين أن يجدوا في المخيمات بيئة حاضنة ومن يمد لهم اليد لمساعدتهم على تنفيذ عملياتهم الإرهابية، لذلك يجب أن لا نحمل اللجوء السوري مسؤولية تلك الأعمال الارهابية».

جعجع في سحور بيت الوسط

سياسياً، تستمر جهود تيار المستقبل لرأب الصدع مع حلفائه في 14 آذار بعد التصدع الذي ضربها لا سيما بين المستقبل وحزب «القوات» اللبنانية بعد اهتزاز العلاقة بينهما في مفاصل ومحطات متعددة وصلت حد القطيعة والتضارب في مشاريع الطرفين، ولهذا الغرض، لبى رئيس «القوات» سمير جعجع، دعوة الرئيس سعد الحريري الى سحور يوم أمس في بيت الوسط، في حضور مستشار الحريري الدكتور غطاس خوري ورئيس جهاز التواصل والإعلام في «القوات» ملحم الرياشي. وقد تم التأكيد خلاله بحسب المكتب الإعلامي للحريري على «رفض مبدأ الامن الذاتي في القاع وفتح المجال للمزيد من التشاور مع كل القوى السياسية لإنهاء الشغور الرئاسي، والتأكيد على قانون الانتخاب المقدم من الطرفين مع الحزب الاشتراكي والتشاور مع القوى الاخرى بغية الاتفاق على قانون جديد». وتم الاتفاق بحسب المعلومات خلال اللقاء، على تشكيل لجنة تنسيق عملانية من أجل متابعة الأمور اليومية بين الطرفين، ويذكر أن هذا اللقاء يأتي بعد تراجع شعبية المستقبل في الانتخابات البلدية وأزمات الحريري المالية والخلافات داخل البيت المستقبلي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى