نصرالله في يوم القدس: نحتاج إلى استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «أنّ المقاومة هي الطريق الوحيد المتاح أمام الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة التي تعتدي عليها إسرائيل» وتحتل جزءاً من أراضيها وتطمع بخيراتها».
وأشار السيد نصر الله في كلمة متلفزة بمناسية «يوم القدس العالمي» إلى «أنّ المفاوضات مع العدو الإسرائيلي أدت إلى إعطاء أغلب الأرض للمحتل وإلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل لتطويق المقاومين»، مشدّداً على «أنّ طريق المقاومة والصمود هو طريق واضح ولا يحتاج إلى كثير من الاستدلال المنطقي والتاريخ والتجارب تؤكد هذا المعنى».
وقال السيد نصر الله: «منذ عقود تشكل محور المقاومة في لبنان وفلسطين وعماده إيران وسورية وبدأ هذا المحور يحقق ويصنع إنجازات حقيقية في لبنان وفلسطين وعلى مستوى المنطقة والأمة، وفي أوج هذا التأييد في الأمة لهذا المحور نجد أنّ هناك من دخل ليحبط هذا المحور وهذا لمشروع».
وأضاف: «إنّ محاولة عرقلة محور المقاومة تمت عبر طريقين: الطريق الأول: أخذ المنطقة كلها إلى حروب وفتن تحت عناوين كاذبة عبر الحديث عن الحرية والحقوق ودفع بقدرات عسكرية وأمنية هائلة لهذه الحرب لضرب حركات المقاومة وثقافة المقاومة وفكرها، والهدف أن تنسى الأمة القضية الفلسطينية، واليوم ما زال هذا المشروع يسير بالزخم نفسه، من سورية إلى العراق واليمن والبحرين وليبيا ومصر وصولاً إلى باكستان وأفغانستان وغيرها من الدول». والطريق الثاني هو فتح الأبواب أمام إسرائيل وتقديمها كصديق وكجزء من معسكر ما يسمى محاربة الإرهاب أي المقاومة ومحورها ».
وتابع السيد نصر الله: «اللافت هو أنّ الأنظمة نفسها، بل العائلات نفسها التي عملت على فتح الطرق لبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية لإقامة الكيان الإسرائيلي هم أنفسهم يقاتلون اليوم لفتح الطريق أمام إسرائيل ومحاربة حركات المقاومة لكي تبقى لهم عروشهم… التاريخ يعيد نفسه فهم أنفسهم قبل عقود لم يقاتلوا ولم يسمحوا بمقاتلة إسرائيل بل تآمروا على من حاربها».
وبمناسبة يوم القدس، قال السيد نصر الله: «منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران وسقوط الشاه حليف إسرائيل وشرطي الخليج سقطت السفارة الإسرائيلية وحوّلها الإمام الخميني إلى سفارة لفلسطين وقطع العلاقات مع الكيان الغاصب واعترف بوجود سفارة لفلسطين ومن ثم أعلن آخر يوم جمعة في شهر رمضان يوماً عالمياً للقدس بما يحمل هذا اليوم من بركة وروحانية عالية لدى المسلمين».
وأشار السيد نصر الله إلى «أنّ الإمام الخميني أعلن عن هذا اليوم كي تبقى قضية فلسطين في الذاكرة وكي يسلط الضوء في العالم والأمة على قضية فلسطين وشعبها وعلى الأسرى العرب والفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وعلى ما يعانيه شعب فلسطين في الضفة وغزة الـ48 وفي دول الشتات». وقال: «هذا اليوم هو يوم للإضاءة على هذه المأساة ولرسم الطريق وتحديد المسؤوليات بوضوح من دون مجاملات ديبلوماسية أو سياسية».
وشدّد السيد نصر الله على «أنّ الحق الواضح بقوة في هذا اليوم هو أنّ فلسطين من البحر إلى النهر أرض مغتصبة ومسروقة من أهلها الشرعيين وأنّ تقادم الزمان لا يحول المسروق إلى ملك شرعي للناهب والسارق ولو اعترف به كلّ العالم»، مؤكداً «أنّ كيان إسرائيل الغاصب هو كيان ناهب سارق ولا يحقّ له ملكية أي شيء في فلسطين ولا يجوز الاعتراف به أو الاعتراف بشرعيته».
وأضاف: «في أسوأ الظروف وفي بعض الحالات قد يشعر شعب ما أو دولة ما أو حكومات ما بالضعف وهذا الضعف قد يسوغ عدم الذهاب إلى الحرب، لكنه لا يسوغ القبول بالعدو الإسرائيلي والتسليم له وإقامة علاقات التطبيع أو التواطؤ معه ضدّ المقاومين والمجاهدين أو الرافضين للاستسلام والخضوع وهذا ما يحصل مع بعض الأنظمة العربية، حتى وصل الأمر بالبعض أن يصوِّت لإسرائيل في إحدى لجان الأمم المتحدة». وسأل نصرالله: «لماذا تدافع عن إسرائيل بأي دين أو أخلاق»؟
وجدّد السيد نصر الله الدعوة «لبعض الأنظمة لعدم الاعتراف بإسرائيل وإعطائها الشرعية»، وتوجه إلى تلك الأنظمة قائلاً: «إذا كنتم غير أهل للمعركة المصيرية ضدّ العدو اتركوا هذا الأمر لأجيال ولأناس سيرسلها الله لكي تقوم بهذا الواجب الكبير لأنّ الله لن يترك عباده المظلومين والمستضعفين في هذه المنطقة أو أي منطقة ولن يترك مقدساته للتدنيس والاعتداءات بل سيرسل من هو جاهز ومستعد للتضحية».
وأسف السيد نصر الله «لأنّ الشعوب التي تدافع عن فلسطين المحتلة في يوم القدس نجد على ظهورها آثار سياط العائلات الحاكمة في السعودية والبحرين»، مشيراً إلى «أنّ هناك من يصرُّ على مواصلة الحروب في المنطقة ودعم الجماعات التكفيرية». وقال: «لو أنفقت بعض الأنظمة جهدها البشري والمادي الذي بذلته في سورية واليمن لتحرَّرت فلسطين عشر مرات».
ولفت السيد نصرالله إلى «أنّ إسرائيل اعترفت في مؤتمر هرتسيليا بأنّ حزب الله قوة لا يستهان بها وتهدّد أمن الكيان، فالتصريحات الإسرائيلية في هرتسيليا عكست الرعب الإسرائيلي من هزيمة داعش في سورية». وأضاف: «إنّ مشاركة ممثل المعارضة السورية في مؤتمر هرتسيليا تظهر الشكل الذي تريده المعارضة السورية».
وأشار السيد نصر الله إلى «أن لا جديد في الكلام الإسرائيلي حول معرفته الكثير عن المقاومة لأننا في السابق كنا نسمع الكلام نفسه. ما الجديد في الكلام الإسرائيلي؟ هل أنكم سوف تدمرون؟ أنتم تدمِّرون منذ عقود ولا شيء جديداً في ما قاله المسؤولون الإسرائيليون سوى أنهم يكثرون من الكلام في هذه الأيام. المهم ما تعرفه المقاومة من المعلومات عن الكمّ الهائل من نقاط ضعف وقوة العدو وكيفية إلحاق الهزيمة به».
وحول العلاقة بين فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، قال السيد نصرالله: «اختلفنا في الرأي في موضوع سورية مع بعض الفصائل الفلسطينية لكن في موضوع فلسطين لا خلاف، وليس صحيحاً ما تردّد عن وقف الدعم الإيراني لبعض حركات المقاومة الفلسطينية بسبب موقفها في سورية».
وحول الاعتداءات الإرهابية في بلدة القاع، اعتبر السيد نصرالله «أنّ هذه الهجمات الإرهابية شكلت تطوراً خطيراً وسيكتشف البعض من هو المدير والمشغل الذي أرسلهم إلى القاع عن سابق إصرار وتصميم». ولفت إلى «أنّ كلّ المعطيات والمعلومات تؤكد أنهم لم يأتوا من سورية ولا من مخيمات مشاريع القاع، إنما جاؤوا من جرود عرسال». وسأل: «القاع بلدة مسيحية ولم تقاتل في سورية وليست بيئة حاضنة للإرهاب، ومنتمية إلى خط سياسي معارض للحزب ويؤيد الثوار في سورية فلماذا هاجموها؟ هذا السؤال برسم كلّ من يبرّر للإرهاب بالتفجير والقتل في بيئة ومجتمع المقاومة».
وسأل السيد نصر الله «الفريق اللبناني الآخر لماذا استهدف داعش مطار اسطنبول؟ في السياسة لا يفترض أن ينفذ داعش عمليات في تركيا لأنها تساعده، لكنّ عقيدة التكفير هي السبب وبحسب داعش أردوغان كافر والشعب التركي كافر لأنه يشارك في الانتخابات، وشهر الرحمة عند التكفيريين هو شهر القتل»، موضحاً «أنّ داعش يكفِّر كلّ من لا يعتنق فكره وهذا هو نفس المنهج المتبع في السعودية، وانطلاقاً من هذا شهدنا الجرائم وذبح الأبناء للآباء فقط لأنهم كفروهم فهناك من يفتي بالسعودية بتكفير من يعتقد بدوران الأرض حول الشمس».
وتابع السيد نصر الله: «لو استكملت الحرب الاستبقاية ضدّ الإرهاب في باقي الجرود وتم تطهير كلّ المنطقة، وصولاً إلى الحدود وبقاء الجيش هناك ووعي الناس ويقظتهم، لما جرى كلّ ما جرى في القاع أو حتى بقاء التهديد، ولكن كلنا يعرف كيف تتم مقاربة الأمور في البلد وبأي عقلية، ولو لم تذهب المقاومة لقتال الإرهاب لكنا سنجد في كلّ يوم السيارات المفخخة والانتحاريين ينفذون اعتداءاتهم في مختلف المناطق».
وشدّد على «ضرورة وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب في لبنان وبعد ذلك يمكن الحديث في كلّ الأمور والتفاصيل الأخرى». وقال: «من موقع المسؤولية أؤكد أنّ الوضع الأمني ممسوك وتحت السيطرة، ولا تدعوا أحداً يخيفكم بأنّ الوضع الأمني في لبنان سينهار».
وتوجه السيد نصر الله إلى أهل القاع، حيث أكد أنّ القاع بالنسبة لحزب الله وحركة أمل هي كما الهرمل وأهل القاع كما أهل الهرمل وكلّ القرى المحيطة بها، ونحن جيران وأهل ولن نسمح بأن يمسّ أحد أهل القاع بسوء ولن نسمح بحصول تهجير».
وأوضح «أنّ الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية هم أصحاب المسؤولية في هذا المجال ونحن خلفهم ولكن نحن سنحمي هذه البلدات وأهلها برموش عيوننا وبقلوبنا فهذه مبادئ ديننا وتعاليم الإمام المغيب السيد موسى الصدر ووصية سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي، والمطلوب اليوم أن نبقى وأن نثبت ونحن قادرون على إلحاق الهزائم بالتكفيريين لكنّ المهم التعاون والتضامن والوحدة الوطنية وأن تتحمل الدولة المسؤولية ونحن معها وحتى لو لم تتحمل المسؤولية فنحن جاهزون لتحمل المسؤولية من دون أي تردُّد أو تمييز».
وختم السيد نصر الله: «نأمل في يوم القدس العالمي بالصبر والثبات والتضحيات على مستوى المنطقة وأن تلحق الهزيمة بالموجة الإرهابية التكفيرية ويستعيد محور المقاومة عافيته لتعيد إسرائيل البحث في خطر وجودها».