نصرالله وبرنامج النقاط الثماني
غالب قنديل
خصص السيد حسن نصرالله القسم الأخير من خطابه الهام في ذكرى انتصار تموز 2006 لعرض برنامج حماية لبنان والدفاع عن وجوده في مجابهة الخطر التكفيري الداهم الذي يجتاح المنطقة وقد تضمن هذا البرنامج ثماني نقاط أساسية تستوجب الاهتمام والنقاش على الصعيدين الشعبي والسياسي في سياق العمل لاستنهاض وبلورة إرادة وطنية في مستوى التحديات الراهنة.
أولاً: إدراك الخطر الوجودي الذي يمثله الإرهاب التكفيري وخصوصاً مع غزوات داعش وانفلاشها على الأرض السورية والعراقية واعتبار التصدي لهذا الخطر أولوية وطنية لبنانية تستدعي توحيد الجهود والقدرات وتنحية الحسابات الفئوية وهذا يعني بداهة قيام شراكة وطنية سياسية شاملة لجميع الأطراف والجهات اللبنانية في التصدي للخطر الذي يهدد الجميع من دون استثناء وهو أمر ينطلق من قراءة واقعية لطبيعة الخطر الذي يمثله زحف الجماعات التكفيرية بمجازرها الجماعية وبنمط سيطرتها الإرهابية الإلغائية المناقضة لجميع القيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية.
ثانياً: وضع خطة وطنية للمجابهة تقوم على تجميع عناصر القوة وتحشيدها في صد الخطر التكفيري وهذا يعني دعم مؤسسة الجيش والمؤسسات الأمنية الوطنية ومضاعفة قدراتها على مستوى العديد والسلاح وهو ما يستوجب توفير أوسع أشكال الدعم الشعبي والمعنوي للجيش اللبناني ورفض توجيه الاتهامات إلى المؤسسة العسكرية والحزم في محاسبة المسيئين.
ثالثاً: الحفاظ على حكومة الرئيس تمام سلام ومنع انفراطها لأنها السلطة الإجرائية القائمة في البلاد والقادرة على حمل مسؤولية اتخاذ القرارات في أي خطة للمواجهة ولمتابعة تنفيذها عملياً وفي هذا المجال فتح السيد نصرالله باب الحوار والتلاقي بين مختلف الأطراف اللبنانية بأي صيغة كانت ثنائية أم ثلاثية أم خماسية فالمهم هو توحيد الرؤية والتوجهات السياسية والعملية المطلوبة لحماية لبنان والعمل ضمن حدود التفاهمات الممكنة من داخل الحكومة القائمة.
رابعاً: وقف التحريض الطائفي والمذهبي وهذا أمر يفترض تحركاً على صعيد جميع مؤسسات الدولة المعنية وخصوصاً وزارة الإعلام والنيابات العامة والمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع والمؤسسات الصحافية والإذاعية والتلفزيونية بحيث تتم محاصرة جميع الأصوات والتعبيرات التي تمارس التحريض الطائفي والمذهبي والتي تولد بيئة تغطية وتسويق للإرهاب التكفيري ولا بد من المحاسبة بحيث تقدم العبرة الرادعة للمتورطين.
خامساً: المصالحات المناطقية التي ركز السيد نصرالله على الإسراع في تحضيرها وتنظيمها تمثل إحدى خطوط التحصين الوطني في وجه الخطر التكفيري وخصوصاً بالنسبة للبلدات والمناطق المتجاورة كعرسال وسائر بلدات بعلبك الهرمل في البقاع وجبل محسن والتبانة في طرابلس والضاحية الجنوبية والشويفات وغيرها في سائر المناطق.
سادساً: التعاون مع الدولة الوطنية السورية في ملف النازحين ولاحقاً في ملف الحدود فتصميم بعض الأطراف على منع قيام أي اتصال أو تنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية ينطوي على تعطيل متعمد لمحور لا غنى عنه في محاصرة المخطط التخريبي الإرهابي عبر التنسيق بين الحكومتين وقيادتي الجيشين بفعل التشابك الجغرافي والسكاني وبالنظر لأهمية الملفات المشتركة الناتجة من الأحداث الأخيرة ولا سيما قضية النازحين بما فيها من أبعاد أمنية وإنسانية.
سابعاً: التحرك لمعالجة القضايا الاجتماعية الملحة انطلاقاً من قضية السلسلة وغيرها مما يسهم في تحصين الوضع الداخلي ويحد من الفجوات والثغرات التي تضعف التماسك الوطني والشعبي المطلوب في مواجهة عصابات التكفير وتهديدها الراهن.
ثامناً: السعي المستمر لإنضاج التفاهمات الوطنية التي تفتح طريق الاستحقاق الرئاسي وتعيد العافية إلى المؤسسات الدستورية.
هذا البرنامج الذي تقدم به السيد حسن نصرالله هو خطة مواجهة للخطر التكفيري ولحماية لبنان من التهديد الذي يطاول جميع أبنائه من دون أي استثناء والطبيعي أن يتحول إلى مادة للحوار بين سائر الأطراف اللبنانية فالصحيح أن تنظيم داعش وغيره ومعه القوى الدولية والإقليمية التي تقف وراء استعمال الإرهاب التكفيري أي الحلف الاستعماري الصهيوني في المنطقة يمكن إلحاق الهزيمة بها وبخططها والصحيح أيضاً أن المقاومة التي انتصرت على الكيان الصهيوني قادرة على التصدي لهذا التهديد وهي مصممة على القيام بواجبها الوطني والتاريخي لكن ضم الجهود والتعاون في إطار هذه الخطة الوطنية يمكن أن يخفض الكلفة المتوجبة للدفاع عن لبنان وشعبه وهذا هو النداء مرة أخرى بثلاثية الشعب والجيش والمقاومة.