حردان رئيساً… وقرار المؤسسات يُعلي مصلحة الحزب
هتاف دهام
يندفع الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى المشاركة في استحقاقات الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان وفي الانتخابات النيابية في الشام، وينجز استحقاقاته الداخلية بعقد مؤتمره العام وإنجاز الانتخابات الحزبية. يقارب كلّ المسائل بمسؤولية. يبادر دون الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاستثنائية والتحديات. قيادته تملك الرؤية، يرسم حزب سعاده بكامل مؤسساته دوره ويؤدّيه. يلبّي القوميون الاجتماعيون واجباتهم. يقدّمون أغلى ما يملكون تنفيذاً لقرارات المؤسسات. التضحيات في صفوف القوميين في عمليات الصراع والميدان هي قرار مؤسساتي. يعتزّ القوميون بمؤسّسات حزبهم يفتخرون بقراراتها. يسارعون الى تنفيذها.
لم يضعف «القومي» أمام النصائح الأمنية بتأجيل استحقاق مؤتمره في 11 و12 حزيران الماضي. عقد مؤتمره الذي حضره المئات من الأمناء والرفقاء المنتخبين، قدِموا من دول الاغتراب… أستراليا، أميركا الجنوبية، أميركا الشمالية، أوروبا والدول العربية، فضلاً عن لبنان والشام والعراق والأردن وفلسطين المحتلة. شارك هؤلاء إيماناً منهم بالشعار الذي رفعه الحزب: «لحزب أقوى ودور أفعل في مواجهة الاحتلال والإرهاب». كان الاعتزاز بعقد المؤتمر السمة الأبرز. تمخض عن المؤتمر انتخاب مجلس أعلى. عقد الأخير جلسة أمس بحسب الأصول الدستورية، خصّصت لانتخاب رئيس للحزب، وتمّ انتخاب النائب أسعد حردان رئيساً للحزب بأكثرية الثلثين.
رغبة القوميين الاجتماعيين بمزيد من الاستقرار الحزبي الذي يعني استقرار مؤسساته وكادراته واستمرارهم في تحمّل مسؤولياتهم، هذه الرغبة تجلّت في الميل الواضح إلى أن يكون الأمين أسعد حردان على رأس السلطة، لأنّ هناك ظروفاً استثنائية تتطلب وتستوجب بقاءه في سدة الرئاسة.
المؤسسات الحزبية سيدة نفسها، ما من أحد يملي عليها قراراتها. رئيس الحزب مؤمن بما تقرّره المؤسسات وهو لا يتهرّب من مسؤولياته، وهو يؤكد لـ«البناء» أنه من أكثر المقتنعين بتداول السلطة، لكن في النهاية القرار للموسسات، ومصلحة الحزب تعلو على كلّ اعتبار آخر.
جرى تعديل الفقرة 1 من المادة الخامسة من القانون الدستوري رقم 10 لسنة 2001 وتعديلاته، وذلك أثناء الجلسة الأولى للمجلس الأعلى المنتخب برئاسة الأمين محمود عبد الخالق. يشدّد حردان على «أنّ فلسفة الدستور التي لها علاقة بالعقيدة لا أحد يمسّها. ما حصل هو عمل إجرائي. خطوة التعديل أتت من الحريصين على الدستور وصيانته وهم أعضاء مجلس أعلى. السلطة مناطة بهم، لا يمكن أن يرتكب هؤلاء خطأ دستورياً.
قبل الثمانينات كانت ولاية الرئيس سنتين لا يكاد يستقبل المهنئين حتى يودّعهم من دون أن يضع برنامجاً. أتت الإدارة الحزبية ومدّدت الولاية الى ثلاث سنوات ثم أصبحت الولاية أربع سنوات لإعطاء مدى زمني للقيادات الحزبية لتعزيز الاستقرار وتوفير إنتاجية حزبية وتنفيذ البرنامج. التعديل ليس مسألة طارئة أو غير موجودة. هو جزء من حركة الحزب الطبيعية ورؤية مؤسساته الحزبية بما يخدم الحزب.
تحدّث حردان عن انتخابات المجلس القومي المندوبون الذين يُنتخَبون من الفروع وعن المؤتمرات الفرعية، التي يتمّ فيها طرح أفكار وآراء متنوّعة وتقديم الاقتراحات بما يغني هذه المؤتمرات والتي ترفع الى المؤتمر العام. وفي المؤتمر العام تمّت مناقشة كلّ الآراء وتمّت صياغة مقرّرات وتوصيات، وجرت عملية انتخاب أعضاء المجلس الأعلى فشكلت نوعاً من الاستفتاء حول صوابية النهج والرؤية المستقبلية.
يلفت حردان إلى أنّ الحزب ليس مقفلاً على أحد، وقد سبقت المؤتمر لقاءات مع أمناء ورفقاء لكي يكونوا ضمن حركة الحزب بغية تحقيق إضافات جديدة، لأنّ الحزب من خلال حجم المواجهة التي يخوضها يحتاج الى كلّ القوميين الاجتماعيين. وتمخض عن هذا الاتجاه انخراط عدد من الأمناء في العملية الانتخابية ترشحاً واقتراعاً.
تتفاوت المتطلبات عند بعض القوميين كما يقول حردان. لا يمكن تحقيق كلّ المتطلبات. هذا واقع انتخابي، وهناك عدد محدّد لعضوية المجلس الأعلى. لكن الاتجاه العام كان سليماً. والقوميون أظهروا أداء راقياً إنْ من خلال المناقشات في المؤتمر العام، أو من خلال الانتخابات الحزبية.
النتيجة لم ترض بعض القوميين. يعترف رئيس الحزب بهذا الواقع، فكلّ عملية انتخابية سواء في الحزب أو في أحزاب ودول أخرى، تفضي الى وجود حالات عدم رضا من البعض. وهذا أمر طبيعي يحضر بقوة من خلال الممارسة الدميقراطية.
كلّ قومي له وجهة نظر أو رأي معيّن في أيّ مسألة له الحق برفع رأيه ووجهة نظره إلى القيادة الحزبية عبر المؤسسات. بحسب حردان يحق لـ«الرفقاء» و«الأمناء» أن يقدّموا ملاحظاتهم خطياً الى المؤسسات المعنية. وواجب الاخيرة أن تحسم في أمر الملاحظات وتبلغ صاحبها إذا كان محقاً أو العكس.
وحول تسجيل بعض القوميين لملاحظاتهم عبر وسائل الاعلام لكسب رأي عام على حزبهم؟ يقول حردان ما يجري ليس سليماً ولا يخدم الحزب. الحرص على مصلحة الحزب وعلى استقرار مؤسساته وسير العمل يتطلب اللجوء الى المؤسسات الحزبية.
رغم كلّ ذلك، يصرّ حردان على أنّ مركز الحزب مفتوح أمام الجميع من دون استثناء للانخراط في العمل الحزبي وتحمّل المسؤوليات ضمن المؤسسات وليس خارجها. فالعاصفة التي تضرب بلادنا والعدوان الذي تتعرّض له يستنهض كلّ قومي اجتماعي لديه نبض حيوي والتزام تجاه قضيته. والقوميون حكماً يدركون مسؤولياتهم ويدركون التحديات التي تواجه أمتنا.
ويرى حردان أنّ الملفات هي ملك المؤسسات، تدرس وتقرّ. المسؤولون يتولون إنجازها. ورئيس الحزب الذي هو رأس السلطة التنفيذية يدير هذه الملفات بموافقة السلطة التشريعية. الحزب عريق في عمله المؤسساتي. العاملون يحترمون مؤسساتهم. والمؤسسات هي التي تقرّر مصلحة الحزب.
ويشير رئيس الحزب الى «أنّ القيادة الحزبية شرحت في مؤتمر ضهور الشوير رؤية الحزب ودوره وتضحياته وإنجازاته، خاصة في ما يتعلق بمواجهة الإرهاب. العاصفة التي تضرب الأمة وتستهدف إضعاف مكامن قوّتنا على مستوى البنية والوحدة الاجتماعية، هي بحسب حردان هجمة مذهبية طائفية يقودها الإرهاب الصهيوني اليهودي. وأولى واجبات القومي الاجتماعي مواجهة هذة العاصفة. القوميون يواجهون الإرهاب في الشام على أوسع مدى وأيضاً في العراق. وفي فلسطين المحتلة لنا حضور وموقف ثابت وراسخ. وفي لبنان يتمتع الحزب بدور سياسي وازن، ودعوتنا مستمرة لتحصين الاستقرار والسلم الأهلي وتقويض النظام الطائفي والسعي الى قانون انتخابي على أساس الدائرة الواحدة والنسبية… وفي موازاة ذلك دعوتنا مستمرّة لقيام جبهة شعبية لمواجهة الإرهاب ينخرط فيها الجميع. ويدعو حردان الى تعزيز الجيش ودعمه للقيام بدوره على أكمل وجه لحماية لبنان وترسيخ معادلة الجيش والشعب والمقاومة. ويتمنّى على كلّ القوى الحية الانخراط في معركة مواجهة الإرهاب والمشاركة بإيجابية في الحوار على مستوى طاولة الحوار بما يعزز فكرة التلاقي الجماعي لتحقيق هذه الغاية والتخفيف من حدّة الانقسام وما نتج عنه من فراغ في رئاسة الجمهورية ومن تعطيل لعمل الحكومة والمجلس النيابي.
وحول ما طرح مؤخراً حول الوحدة، فإنّ الاتصالات مع الدكتور علي حيدر قائمة ومستمرة. يقول حردان. تمّ الإعلان عن النوايا الإيجابية. وننتظر نتيجة اللقاءات. المجلس الأعلى ومجلس العمد في الحزب عقدا جلسة مشتركة تمّ خلالها الموافقة بالإجماع على الوحدة، وتمّ تفويض رئيس الحزب بمتابعة هذا الموضوع. وأجواء الدكتور حيدر إيجابية. المهمّ أننا نحن لدينا القرار وكلّ الاستعداد وكلّ الإرادة لتحقيق ذلك.
مؤسسات الحزب تضع خطة حزبية، كي يؤدّي الحزب دوراً أقوى وأفعل. يعد القومي ويطّور نفسه بشكل كبير على مستوى التحديات والأحداث. هذا الأمر ليس كافياً كما يشير حردان. يجب أن نعمل أكثر. ان نستثمر كامل طاقات القوميين والتيار الملتفّ حول الحزب. الحزب ينمو بشكل كبير. نسبة الشباب تتجاوز 65 ، وهذا ناتج عن تطوّر وحركة إقبال على فكر حيّ وجسم حيّ. المطلوب الآن ورش عمل مستمرة لكلّ المصالح الحزبية لكي يُستفاد من طاقات وأفكار الجيل الجديد. يجب ان يكون ذلك على طاولة النقاش والحوار والخروج بتوصيات لإدارات الحزب، تدفع به إلى الأمام وتستثمر فيه طاقات جديدة.
وأمام الهجمة الإرهابية يستحضر حردان قولاً للأديب القومي سعيد تقي الدين « ّ ا خفير»، ويوم أطلق هذا القول كان الهدف كشف الجواسيس، واليوم ما أكثر الجواسيس المعلن منهم والمستتر، ومن البديهي ان يكون هناك جهوزية في مجتمعنا، وفي لبنان يجب تحمّل المسؤولية ومؤازرة الجيش والقوى الأمنية في محاربة الارهاب. لا تحلّ المؤازرة، وفق حردان مكان الجيش. الجيش والمؤسسات الأمنية يكثفون جهودهم لتأمين الاستقرار والدفاع عن أمن لبنان واللبنانيين. المواطنون ملتفون حول المؤسسة العسكرية بصورة أو بأخرى حسب ما تقتضيه المصلحة المباشرة للمساعدة وليس بمعنى الأمن الذاتي. يتناقض واقع المتحد الاجتماعي في القاع وفي المناطق المحيطة مع منطق الأمن الذاتي. لا شك انّ جزءاً من المؤازرة هو وعي المجتمع وإدراكه للمخاطر وللبيئة الحاضنة للإرهابيين الذين يضربون وحدة المجتمع واستقرار البلد من خلال استهداف المدنيين الأبرياء كما حصل في الضاحية والهرمل والقاع.
انّ الحدث الذي وقع في القاع يبعد عن التلال التي يتمركز فيها داعش والإرهابيون مئات الأمتار. لكن هناك، بحسب حردان من يبرّر لهؤلاء أعمالهم. بعض القوى اعتبرت القاع غير مستهدفة ثم تراجعت عن ذلك عقب تفجيرات الليل. الواقعة الأمنية حصلت في القاع سواء كانت مستهدفة او غير مستهدفة، والهدف زرع الخوف في كلّ بيت في البلدة وفي محيطها، الهدف ضرب استقرار لبنان. هذا اسمه إرهاب علينا أن لا نمكّنه من ضرب هذا الاستقرار. وهذا يتطلب تماسك الجميع والوقوف الى جانب الجيش والمؤسسات العسكرية واتخاذ كوقف واضح لا لبس فيه، بدل الاستثمار في الإرهاب والنازحين والخجل من إعلان الرفض الصريح للإرهاب.
ينظر حردان إلى أزمة النازحين بأنها مأساة ولبنان معني بالتعاطي معها بطريقة إيجابية. ويؤكد أنّ أبسط الأمور لحلّ هذه الأزمة هو في تواصل الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية والتنسيق المشترك لمعالجة هذا الملف. على المستوى السياسي والإنساني والاجتماعي والأخلاقي والأمني.
يتابع حردان: الدولة السورية تعلم أين أبناءها. ويستغرب كيف يذهب لبنان عبر ممثليه الى أقاصي الدنيا للبحث في أزمة النازحين»، في حين انّ سورية المعنية الأولى لا تبعد كيلومترات، وهناك من يرفض البحث معها. هذا شيء معيب. وسياسة قليلة البصر والبصيرة. من المفروض أن يكون هناك بصيرة واسعة ورؤية واضحة في كيفية معالجة هذا الملف الإنساني مشدّداً على ضرورة أن تتخذ الحكومة قراراً جريئاً وتتحمّل مسؤولياتها.
يرفض رئيس الحزب اعتبار خلوة آب الحوارية الخرطوشة الأخيرة. يرى أنّ الرئيس نبيه بري أرادها وسيلة ضغط تحفيزية ليتحمّل الجميع مسؤولياته. الحوار ضرورة وطنية. الهدف منه إنتاج توافق على استحقاقات عالقة. عدم الحوار يعني أنّ البلد ذاهب الى المجهول. الظروف صعبة. القوى السياسية متمترسة في خنادقها. الحوار يحتاج، وفق حردان، الى جهد لإخراج هذه القوى من خنادقها. وظيفة الحوار البحث عن خرق ما. يعتبر أنّ قانون الانتخاب على أساس النسبية خارج القيد الطائفي أساس ويدعو كلّ القوى المتحاورة ان تجد حلولاً لا سيما انّ الرئيس بري حريص على الوصول إلى اتفاق وهو يدوّر الزوايا من خلال مبادرته البناءة.