لمصلحة مَنْ يعملون؟
عبد الحكيم مرزوق
تمتلك الإدارة الأميركية عقولاً وجيوشاً تستثمرها بشكل جيد في إدارة أزماتها بعكس العرب وحكامهم الذين لا يستثمرون أيّ شيء سوى غبائهم في حبك المؤامرات على بعضهم البعض، والدليل الأبرز هو ما يحدث منذ أكثر من خمس سنوات في الحرب على سورية وفي الجهود التي بذلت وتبذل في طمس القضية الفلسطينية وجعلها ثانوية لا تندرج في أولويات بحث الحكام والزعماء العرب في مؤتمراتهم وقممهم التي أصبحت تفوح منها رائحة العفن والتآمر.
الولايات المتحدة الأميركية تتعلّم من أخطائها بفضل الباحثين والدارسين الذين يقدّمون عصارة أدمغتهم لخدمتها ورفعة شأنها فالأخطاء التي ارتكبت في حرب فيتنام ونشر أحداثها جعلتها تخفي جميع الحقائق غير السارّة عن الرأي العام الأميركي حيث لم يعد مسموحاً للجمهور الأميركي أن يرى المجازر الدموية التي ترتكبها الإدارة الأميركية خلال الحروب التي تشنّها حول العالم ومن المحظر نشر صور جنود الأميركيين القتلى في تلك الحروب، وذلك لأنّ تلك الصور تؤثر على الجمهور الأميركي ويمكن أن تؤدّي إلى ردّ فعل غير محمود تجاه الإدارة الأميركية.
أما نحن في المنطقة العربية فكلّ شيء مباح بالنسبة لهم، فهم بإمكانهم نشر صور جثث الشهداء عبر الصحف ووسائل الإعلام والمجازر التي ترتكبها العصابات المدعومة منها، وذلك لإظهار صورة أمام العالم أنّ العرب همج يقتلون بعضهم البعض وهم بعيدون عن الحضارة والإنسانية…
الفكر الأميركي يبيح المحظورات التي يمنعها عندما تقتضي المصلحة ذلك، فالإدارة الأميركية مسموح لها ما تمنعه على غيرها… هل نتذكر مثلاً كيف قامت قيامة الإدارة الأميركية حين بثت بعض وسائل الإعلام العربية صورة الطيار الأميركي الذي تمّ إسقاط طائرته في العراق أثناء الاحتلال الأميركي للعراق، وكيف تمّ إلقاء القبض عليه من قبل راع عراقي، وكيف أصدرت بياناً قالت فيه إنّ هذا مناف لحقوق الإنسان وللمعاهدات والمواثيق الدولية، وهل نتذكر في المقابل آلاف المعتقلين الذين اعتقلهم الجيش الأميركي في العراق والصور المذلة التي كان يظهرها على الشاشات؟ وهل نتذكر المشهد الأقسى في تاريخ البشرية وهو منظر الرئيس العراقي السابق صدام حسين حين تمّ اعتقاله وهو موجود في إحدى غرف الصرف الصحي، والهيئة التي ظهر فيها والتي بدا فيها بلحية طويلة وشعر أشعث أغبر.. هل هذا منظر يريح العرب وحكامهم وملوكهم وأمرائهم النائمين بالعسل والخائفين على عروشهم… هل فهموا الرسالة حقاً بأنّ من لا يكون مطيعاً سيلقى ذات المصير…
ندرك أنّ الإدارة الأميركية تعمل لمصلحتها، ولمصلحة شعبها ولمصلحة الصهيونية، والعرب لمصلحة من يعملون… للأسف نقول إنّ العرب يشبهون إلى حدّ ما حارة «كلّ من إيدو إلو» وذلك لأنّ معظمهم ليس مهتماً بمصلحة شعبه بل بـ كيف يحافظ على كرسيه…! هل نتذكر الامبراطورية الإعلامية التي تمتلكها السعودية.. ولمصلحة من تبث سمومها في الليل والنهار؟ لا شك بأنّ تلك الامبراطورية تبث لمصلحة الصهيونية فليس سواها مستفيد من ذلك التخدير الإعلامي الذي تقوم به…
هل سيصحو العرب في يوم من الأيام..؟ لا أعتقد طالما أنهم لا يضعون في أولوياتهم أن يكون لهم شأن يذكر وسيبقون في المؤخرة على الدوام.
كاتب وصحافي سوري
Marzok.ab gmail.com