بغال.. هرتسيليا وميونيخ
نظام مارديني
لطالما تذكرتُ «جحوش»، الصفة التي كان يُطلقها البرزانيون على الأكراد الذين كانوا يقاتلون مع صدام حسين ضد قوات الملا مصطفى البرزاني الذي كان يهدف للحصول على امتيازات لأكراد العراق.
أقول لطالما تذكرتُ هؤلاء «الجحوش» وأنا أتابع «بغال» الكيان الصهيوني من رياض حجاب، الذي شارك في «مؤتمر ميونيخ» وألقى كلمة أمام وزير حرب العدو موشي يعلون والتقاه بعد ذلك، وإلى حضور ممثل «الجيش الحر» عصام زيتون في مؤتمر «هرتسيليا 16» في فلسطين المحتلة، وزيارة ممثل الأخوان كمال اللبواني للقدس المحتلة، حيث حل ضيفاً على الكنيست الصهيوني، والتقى نائب وزير الشؤون الاقليمية في حكومة العدو أيوب قرا، شاكراً له ما يقدمه كيانه لـ «المعارضة».
اجتهد الكيان الصهيوني منذ تأسيسه في العام 1948 في «اصطياد» عملاء في المحيط القومي لفلسطين المحتلة، مستخدماً أساليب مختلفة في جمع المعلومات والأسرار في شتى المجالات العسكرية والاقتصادية والثقافية، وجاء تأسيس «لجنة كل مواطن خفير» من قبل الأديب الكبير سعيد تقي الدين في 1954 رداً طبيعياً على محاولات العدو اختراق مجتمعنا، ولكشف جواسيسه وفضح المتعاملين معه من رجال سياسة وأعمال ومهن حرة، وغيرها. وقد حققت اللجنة الكثير في هذا المجال حينذاك على تواضع إمكاناتها.
منذ بداية الأزمة في سورية، راهنت «تل أبيب» بشكلٍ أساسي، على قدرة الجماعات الإرهابية بتوجّهاتها الدولية والإقليمية المختلفة، كما بتنوعها الايديولوجي وإن كانت تصب جميعها في وعاء الوهابية، كما في لعب دور يبعد الخطر عنها، على أقل تقدير وكانت العلاقات تنمو بوتيرة سريعة بين هذه الجماعات والعدو حتى أن زيارات بعض «ثوار» المعارضة لفلسطين المحتلة يكاد يصبح أمراً طبيعياً.
وعلى مدى سنوات العدوان المستمر على سورية، كان رصد تطور العلاقات بين المعارضة وكيان العدو يتمحور حول أسئلة مركزية شاملة لكل مفردات الصراع، ألا وهي: «كيف يمكن ردع الخونة؟ ماذا اكتسب العدو من عملائه؟ كيف يمكن مواجهة هذه الحالة وإنهاء وجودها؟».
مستشار لستيفان دي ميستورا قال علناً إن اعضاء في الوفد المعارض يتحدثون عن النظام البديل بلغة أهل المريخ لا بلغة أهل الارض! فيما تنفي مراكز أبحاث لمعاهد متخصصة غربية، أن تكون هناك معارضة، بالمعايير الأخلاقية والفلسفية والرؤيوية للمعارضة.. ولطالما تحدثت التقارير عن قطاع الطرق، وعن الذين «يقرأون النصوص المقدّسة بعيون الثيران».
هوذا رياض حجاب، كإحساس شخصي، يثير التقزز وهو يتكلم.. يبتسم، يعد ويتوعّد كما لو أنه مونتغمري غداة معركة العلمين، وليس واحداً من الأخشاب البالية التي ترعرعت في مستودعات آل سعود، ولم يخطئ أصدقاؤه القدامى بالقول هذا الرجل «بالكاد يمتلك خيال دجاجة».
يدرك حجاب أن لا قائد لـ ما يُسمّى بـ «الثورة» ولا مشروع، بل قصاصات طائفية وقبلية وعرقية واستخباراتية تدار بالخيوط، بعضهم يدار بالأحذية، من دون أن نبالغ في التعبير لأننا نعرفهم.. هؤلاء الذين صوملوا المسرح العسكري، يسعون الآن الى صوملة المسرح التفاوضي.
ناظم حكمت سأل «يا إلهي، الى اين يمضي بنا هذا القارب الذي بمئة شراع؟». حقاً، إلى أين تمضي هذه «الثورة» التي بمئة راية سوداء؟