يوم القدس العالمي… بين الفكرة وتداعيات الوضع!
طلال مرتضى
لعلّنا نستبصر في ظل الوضع الراهن، حيث مآل الأمور نحو المجهول، لنقول ونسلّم بالسؤال، كم تمتلك شخصية إشكالية ثورية بحجم الإمام الخميني هالة فكرية استشرافية وقراءة مكينة لما هو آت من دأب الكيان الصهيوني الغاصب لطمس هوية القدس، وجعل طابعها صهيونيّاً بحت، عبر تهويد الحجر وعبرنة التراث تفصيلاً ليلائم هذا الكيان، وسلخ المدينة عن جلدتها.
من هنا، أتى اختيار الإمام الخميني يومَ الجمعة الأخير من شهر رمضان، وإعلانه يوم القدس العالمي، ليضيف حافزاً جديداً لشدّ وحدة المسلمين من جانب، ومن جانب آخر ليستفيد من قوّة المسلمين في وحدتهم الرمضانية لصالح القضية الأهم، القضية الفلسطينية. وهو ما شكّل طعنة الخنجر في خاصرة الاحتلال والتي لن تشفى مع تواتر الأيام.
وما يزيد من حنق الكيان المغتصب، أن يوم القدس لم يكن يوماً عربياً أو إسلامياً. بل خرج عن طوره ليتّسم بالعالمية. حيث مَدّته الشعوب الحيّة بالشرعية ليكون ـ يوم القدس العالمي ـ يوماً دولياً يستنكر فيه المشاركون تهويد القدس والاستيطان فيها وفي ما حولها.
إنه يوم الاحتجاج على المؤسسات الدولية التي تتبع الأمم المتحدة التي فشلت في إيجاد حل للقضية.
وهنا لا بدّ من التوضيح أن الفكرة لم تكن عبثية، بل أتت متناغمة مع حواملها وأبعادها من خلال ما تمثله القدس بالنسبة إلى المسلمين كواحدة من أهم مقدّساتهم… «أولى القبلتين، ومسرى الرسول حيث صلّى في مسجدها بالأنبياء. ومصلّى الأنبياء والملائكة: وقد نقل عن النبي محمد: إن بيت المقدس بَناه الأنبياء، وعمّره الأنبياء، وما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبيّ وقام عليه ملك».
إضافة إلى ذلك، فإن ليوم القدس دلالة وبعداً سياسياً مهماً، وتجلّى ذلك في مقال
الإمام الخميني: «يوم القدس هو يوم إنذار القوى العظمى أنّ الإسلام لن يعود يرضخ لسيطرتها أو لسيطرة الخبثاء من عملائها».
وهنا، أخلص إلى الأمنية التي تستدعي بالقول: ما أحوجنا اليوم إلى حالة نهضوية، ما أحوجنا إلى أن يكون يوم القدس العالمي، يوماً يومياً لشحن هِمم المسلمين والعرب لخلع عباءة الذلّة، وكي لا تتوه بوصلتنا بعدما حاول البعض حَرف مسارها.
كاتب سوري مقيم في النمسا