صمتكم يقتلكم يا أهل السعودية وتركيا…

هشام الهبيشان

في البداية، أعزّي أهالي ضحايا التفجيرات الانتحارية التي ضربت في الفترة الأخيرة أكثر من دولة عربية، بالحدث الجلل الذي ألمّ بهم، فما أصابهم قد أصابنا جميعاً، وندعو بالرحمة للشهداء والشفاء العاجل للمصابين، وهنا أودّ أن أوجّه هذه الرسالة للشعوب العربية المتأثرة بهذه التفجيرات ولباقي الشعوب التي ضربها الإرهاب.

هنا سأتحدّث بصراحة ومكاشفة وبرسالة واضحة للجميع، وأقول: ألم يسمع الشعب السعودي والتونسي والأردني والكويتي وووالخ… عن آلاف الإرهابيين الذين خرجوا من بلادهم وتوجّهوا إلى سورية لذبح أهلها، ألم يسمعوا عن عشرات المموّلين السعوديين الذين كانوا يشرفون وبدعم من بعض الأنظمة الخليجية على تدريب وتسليح الآلاف من المقاتلين الإرهابيين في حلب وغيرها، وهؤلاء الآن بمعظمهم هم جزء من هذه القوى الإرهابية التي بدأت تتمدّد في العالم، بعد أن أكملت مهمتها بتدمير مساحة واسعة من شمال سورية وقتل وذبح وتشريد أهلها؟

هناك اليوم مئات من التقارير التي كانت تنشر وتتحدّث عن وجود مئات بل آلاف المقاتلين السعوديين، الذين يذهبون لذبح الشعب السوري بحجة الجهاد، وللأسف كانت هذه العمليات تتمّ بدعم من بعض القوى الشعبية السعودية، فكم حملة نظمت بالداخل السعودي لدعم هؤلاء المتطرفين مالياً ولوجستياً! وكم حملة تمّت في الداخل السعودي وسط صمت رسمي، تدعو الشباب السعودي إلى التطرف والذهاب للقتال في سورية!

للأسف لقد صمتت غالبية الشعب السعودي على هذه الممارسات التي كانت تمارسها هذه القوى في السعودية، وتستهدف سورية، وها هو الإرهاب الذي صمتت عنه هذه القوى الشعبية يرتدّ اليوم وللأسف على الشعب السعودي، وهذا ما كانت تحذر منه الدولة السورية، فلطالما حذرت سورية دول الإقليم تحديداً والعالم بشكل عام، وكلّ الداعمين للحركات «الراديكالية»، من خطورة الإرهاب، ومن آثاره المستقبلية ليس على سورية فحسب، بل على كلّ مَن دعم وساهم بتمدّد هذا الإرهاب، ولطالما تحدّثت الدولة السورية من المنابر الدولية والعالمية ومن منبر الأمم المتحدة بالتحديد، من خطورة دعم الفكر المتطرف، ومن خطورة تطوّر هذا التطرف وارتداده على صانعيه، وهو ما حصل بالفعل ويحصل هذه الأيام ويضرب السعودية وتركيا وفرنسا ووإلخ…، والمقبل من الأيام ينذر بمزيد من هذه الحوادث ليس فقط بهذه الدول، بل بكلّ دولة دعمت وساندت هذا الفكر الراديكالي.

اليوم من الطبيعي أن يعيش بعض الأنظمة والشعوب الخليجية وبعض الشعوب العربية في هذه المرحلة بين مطرقة أخطائها التاريخية وسندان سماحها وتساهلها أو حتى دعمها لمموّلي قوى التطرف في سورية. وهذا الأمر ينسحب كذلك على تركيا التي ما زالت عواصف الإرهاب تعصف بها، وللأسف فقد كان لجزء من الشعب التركي والنظام التركي، دور رئيسي بتمدّد الفوضى والخراب والدمار بسورية، وقد صدّرت تركيا عشرات آلاف المقاتلين إلى سورية، وما صرف على السعودية ينسحب كذلك على تركيا، مع الجزم بأنّ تركيا الرسمية ساهمت بقدر أكبر بمسار دعم التطرف بسورية، وها هي اليوم بضاعتهم تردّ إليهم، عشرات بل مئات المقاتلين يعودون من سورية إلى تركيا وغيرها مشبعين بأفكار التطرف، وينفذون بين فترة وأخرى هجمات دامية تستهدف الداخل التركي.

وهنا وبقراءة موضوعية، لمعظم ما جرى أخيراً في السعودية وتركيا وغيرها، نستطيع أن نستنتج أنّ المسؤول الرئيسي عما جرى في هذه الدول هو شعوبها، التي صمتت على القوى الراديكالية ببلادها والتي كانت تدعم الإرهاب في سورية، وعلى هذه الشعوب أن تعترف وتقرّ بتقصيرها بالتصدّي للقوى الراديكالية في بلادها وأنها سمحت وتساهلت مع هذه القوى التي كانت تدعم التطرف بسورية بما ساهم بتمدّد التطرف داخل بلدانها، اليوم مطلوب من هذه الشعوب، أن تتعامل بنهج مختلف مع كلّ القوى المتطرفة والأحزاب والشخصيات السياسية والدينية الداعمة للتطرف والموجودة على أراضي الدولتين تحديداً، فهم المسؤولون الرئيسيون عن هذه التفجيرات، فحقدهم الطائفي والمذهبي والفكري الأعمى، سيجرّ بلدانهم مستقبلاً إلى دوامة الفوضى.

ختاماً، يبدو أنّ نداءات الدولة السورية سابقاً لم تجد مَن يصغي لها، عندما كانت تحذّر من تمدّد الإرهاب على أراضيها المدعوم خارجياً، وحذّرت في أكثر من مناسبة من أن هذا الإرهاب سيرتد يوماً على صانعيه، وها هي أكثر من ساحة على امتداد الوطن العربي تعيش اليوم على وقع ارتداد الإرهاب على صانعيه، ومن هنا يبدو أنّ بعض هذه الدول المستهدفة بعواصف الإرهاب الذي يرتدّ عليها ستكون مضطرة اليوم وتحت وقع الإرهاب العائد إليها، لتصحيح أخطائها السابقة، والإنصات جيداً لنداءات سورية، بعد أن ذاقوا قليلاً مما ذاقه الشعب السوري جراء هذا الإرهاب المدعوم خارجياً. والسؤال هنا هل ستجد نداءات سورية صدى عربياً وإقليمياً ودولياً، لإنتاج منظومة واستراتيجية دولية واضحة المعالم لمحاربة هذا الإرهاب؟ الجواب ببساطة سنجده هنا بطريقة تعاطي كلتا الدولتين السعودية والتركية تحديداً مع ما جرى أخيراً ببلديهما، ومع ذلك سننتظر الأيام القليلة المقبلة، لاستيضاح طريقة تعاطي دول المنطقة والعالم ككل مع ملف الإرهاب العالمي، وعن دور سورية والجيش العربي السوري في مكافحة هذا الإرهاب.

كاتب وناشط سياسي الأردن

hesham.habeshan yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى