أبو سعيد لـ«لبناء» و«توب نيوز»: بعض العرب يعرقلون عملنا أكثر من الصهاينة لمقاضاة «إسرائيل» على مجازر غزّة
حاورته روزانا رمّال
الحراك الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط، أطلق أدواراً لمنظمّات دولية حكومية وشبه حكومية، ومنها الأهلية والرسمية. من بين هذه المنظّمات التي تصاعدت تحرّكاتها على إيقاع الأزمات وتكاثر الحروب، البرلمان الدولي الذي يضمّ في صفوفه ممثلين عن أكثر من مئة دولة، من نواب سابقين ووزراء ورؤساء من بلدان أوروبية وآسيوية، ومنها لبنان.
نائب وزير الخارجية في البرلمان الدولي الدكتور هيثم أبو سعيد، حلّ ضيفاً على «حوار الفاصلة» الذي تبثّه قناة «توب نيوز»، وتنشره «البناء». وتناول الحوار ما يدور في المنطقة، ودور المنظّمات الأممية، والمساعي الدولية في معالجة قضايا السلم والحرب وأزمات النزوح والمعاناة الإنسانية المتراكمة.
وأكد أبو سعيد أنّ ملف النازحين السوريين الإنساني، تحوّل إلى ملف سياسي فملف أمني، تستخدمه بعض الدول وفي طليعتها «إسرائيل» وبعض الدول العربية للنيل من الأمن في لبنان. وأضاف أنّ لدى البرلمان الدولي وثائق غالبيتها من التحويلات المصرفية تدلّ على الجهات الداعمة للإرهاب. وكشف أن شقيق الرئيس الأميركي باراك أوباما، مالك، قياديّ ناشط في الإخوان المسلمين، وأنّ «إسرائيل» لم تعد كما كانت في السابق بقوّتها على الساحة الدولية في ظلّ المتغيّرات العالمية، على رغم الدعم الأميركي الذي تحظى به. كاشفاً نيّة البرلمان الدولي تحويل ملفات مقاضاة «إسرائيل» وداعمي الإرهاب إلى المحاكم الدولية.
وقال أبو سعيد إن بعض العرب يعرقلون عمل البرلمان الدولي أكثر من «إسرائيل»، خصوصاً في شأن مقاضاة «إسرائيل» على مجازرها في غزّة. وكشف عن تهريب أسلحة وإرهابيين عبر المساعدات الإنسانية أحياناً، مضيفاً أنّ البرلمان الدولي يلعب دوراً بارزاً في عودة النازحين السوريين، بالتنسيق مع الحكومة السورية. وأنّ البرلمان يعتبر نتائج الانتخابات الرئاسية معبّرة عن إرادة الشعب السوري، خاتماً باستغراب دور هيئة العلماء المسلمين التفاوضي في عرسال. وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار.
ما هي معلوماتكم عن اللغط الحاصل حول عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وحول الأوضاع إن كانت تسمح بذلك أم لا؟
من المعروف أنّ عدد النازحين السوريين إلى لبنان هو الأكبر بين باقي الدول ومنها تركيا والأردن والعراق. وهذا الملف أمنيّ قبل أن يكون إنسانياً إذا ما لاحظنا ما حصل في الأونة الأخيرة. فما يحصل في الشمال وفي البقاع له علاقة بالنازحين السوريين، وبهذا الخرق الأمني الحدودي بين لبنان وسورية، والذي يستغلّه بعض النازحين من أجل خلق بلبلة أمنية في لبنان. قد يكون هذا الملف إنسانياً، لكنه سرعان ما تحوّل إلى سياسي، وأراد البعض في المحور الدولي أن يستغلّه من خلال ما كان يسمّى وما يعاد طرحه اليوم، «الممرّات الانسانية». هذا ما قلناه عام 2012 بعد اللقاء مع وزير الدفاع آنذاك فايز غصن، فقد حذّرنا من هذا الموضوع، وقلنا إنّ هذه الممرّات الانسانية ليست كما يراد لها، إنّما يراد منها الاستغلال وإدخال السلاح إلى المجموعات المسلّحة في سورية. ولهذا، نعتبر
أنّ موضوع النزوح السوري يندرج في النطاق الأمني، وأتتنا معلومات عدّة مؤكّدة أنّ هناك شيء ما يحضّر للأمن الداخلي في لبنان.
هل تقصدون أنّ بعض النازحين متوّرطون بأعمال إرهابيّة؟
لا بل ذهبنا إلى أبعد من ذلك، وقلنا إنّ هناك خلايا نائمة في لبنان، وهذه الخلايا النائمة معظمها مرتبطة بما يحدث اليوم في سورية، أي مرتبطة بهذه المجموعات المسلحة التكفيريّة، لأنّها تعود إلى «جبهة النصرة» وما يسمّى بـ«داعش». هناك أيضاً مجموعات أخرى مثل «كتائب عبد الله عزّام» و«الجبهة الاسلامية» وغيرها، وفي نهاية المطاف كلّها تعود في الهرميّة إلى تنظيم القاعدة، وهذا ما قلناه منذ البداية، وللأسف هناك بعض السياسيين في لبنان سخروا من هذا الكلام واعتبروا أنّ هذا الكلام مبالغٌ فيه، وتبيّن لاحقاً أنّه واقع وخطِر.
هل تعتقدون أنّ هناك من يسّهل الخروقات الأمنية في لبنان وأنّ هناك من يدعم هؤلاء ويغطّيهم؟
هناك دول عربية وغربية كانت وما زالت تدعم تلك المجموعات، ولولا هذا الدعم لا تستطيع هذه المجموعات أن تستمرّ بهذا الزخم. وما كان «داعش» ليتمدّد سريعاً في العراق وسورية لولا الدعم اللوجستي والمعنوي والدبلوماسي والمالي. أصدرنا في الآونة الأخيرة بياناً قلنا فيه إنّ هناك دولاً للأسف تسعى إلى تسويق «داعش» وكأنّه أمر واقع وجب التعامل معه، ومن هذه الدول تلك التي كانت وما زالت تدعم تلك المجموعات وتلصق «تهمة» هذا الدعم بالإدارة السورية.
أيّ دول تقصدون بتلك التي تدعم هذه المنظّمات؟
تركيا وقطر والسعودية، وللأسف كان الأردن على وشك أن ينزلق في هذا الدعم، ولكن في الأونة الأخيرة استوعب هذه العملية ونأى بنفسه نتيجة التداخلات الاجتماعية والجغرافية وحتّى المصالح الاقتصادية مع سورية. «إسرائيل» تدعم هذه المجموعات بكلّ ما لديها من قوّة، وهناك حتّى تسهيلات على الحدود تتلقاها تلك المجموعات.
هل لديكم ما هو أكثر من التحليل، بمعنى وجود دلائل أو دراسات أو أبحاث؟
هناك أدلّة دامغة، وهناك مستندات وفيديوات وأشرطة مسجلة. وهناك تحويلات مالية، والمعدّات التي تظهر علناً في الميدان. ولدينا ملفّ كبير نعتمد عليه في بياناتنا ومواقفنا التي نصدرها يوماً بعد يوم، فنحن لا ننطق بشيء من دون أن يكون لدينا المعلومات الدامغة. فنحن لا نجتهد، بل نتكلّم عندما تردنا المعلومات الصحيحة والموثقة، فنعلنها، وطبعاً لا نعلن كل شيء، بل نعلن ما يجب إعلانه ونحتفظ بالباقي للاجراءات الأخرى التي يجب أن نتخذها، والتي نتحفّظ عليها اليوم.
هل أنتم بصدد رفع شكوى أمنية أو رفع هذه المستندات إلى من يعنيه الأمر من محاكم دولية؟
لقد طلب منّا هذا الأمر رسميّاً من الدول المعنيّة التي تعاني الإرهاب، ونحن موجودون اليوم في قلب المعادلة لمكافحة الإرهاب بعد المؤتمر الذي عقد في 13 آذار 2014 في بغداد، ونحن موجودون اليوم في الأمانة العامة التي انبثقت عن المؤتمر، لإطلاق هذه العملية التي لها علاقة بمكافحة الإرهاب. وكان هناك أكثر من 25 دولة حاضرة في هذا المؤتمر، واتخذنا القرار بعقد المؤتمر الثاني أيضاً في بغداد بالتعاون مع الحكومة العراقية.
هل تواجهون أي عرقلة من قبل «إسرائيل» في ملف محاكمة «داعش» والمجموعات التكفيرية؟
أوّلاً، لا يمكن لـ«إسرائيل» أن تنكر دعمها المجموعات التكفيرية، لأنّ هناك وثائق وأسلحة، وحتّى هناك بعض الكوادر من الجيش «الإسرائيلي» موجودون قيد الاعتقال لدى بعض الأجهزة الاستخباراتية، وقدّموا اعترافات وهذا كلام معروف. هناك عناصر «إسرائيليون» تابعون للاستخبارات كانوا موجودين في الميدان، وكانوا يشرفون عسكرياً على تلك المجموعات، وكانوا يزوّدون تلك المجموعات بالمعلومات والتقنيات وكيفية خرق الجيش السوري… هذا كلّه موجود لدينا. طبعاً «إسرائيل» ليست غبية، وكلّنا ندرك الدعم الأميركي اللامحدود لها، وفي هذا السياق، أليس لافتاً أن يكون شقيق الرئيس الأميركي باراك أوباما، مالك اوباما، قيادياً ناشطاً في الإخوان المسلمين؟ ولكن على رغم الموقف الأميركي، إنّ المجتمع الدولي والجمعية العمومية وحتّى مجلس الأمن منقسمون اليوم، ونحن نستفيد من هذا الانقسام، وليس هناك دعم مطلق لـ«إسرائيل» كما يعتبر البعض، هناك للاسف مصالح مركّبة مع «إسرائيل»، وللاسف من قبل بعض الدول العربية، وهذا ما يعيقنا لا «إسرائيل». هناك دول عربية موقفها غير سليم في القضايا العربية المحقّة، فمن يعرقل جهودنا بعض الدول العربية لا «إسرائيل».
أليس هذا اتهّام بتقاطع المصالح بين «إسرائيل» والدول العربية؟
ثمّة دول عربية تجاهر بتلك المصالح ولا تخجل بها، وكلّنا ندرك أن بعض المشايخ وبعض الأمراء ينسجون علاقات ويصدرون تصريحات علنية حول تطلّعاتهم للعلاقة مع «إسرائيل»، ولهم مكاتب في «تل أبيب» معروفة. للأسف، من يدفع الثمن دائماً هو المواطن العربي المناضل، وفي ما يخصّ «إسرائيل» نحن ندرك الصعوبات، ولكن «إسرائيل» أصبحت محشورة في عدّة ملّفات، ليس فقط في سورية، إنّما في غزّة وهذا الملّف أيضاً مهمّ جدّاً، ونحن استطعنا من خلال التقارير الّتي أعددناها أن نجبر أمين عام الأمم المتحدة على أن يمضي في المطالبة بتحقيق دولي في المجازر التي ترتكبها «إسرائيل» بحق المدنيين في غزّة.
المدنيون هم دائماً ضحايا كما نرى، وفي بعض الأحيان يُستخدمون كدروع بشرية، كيف تتفاعلون مع هذا الأمر وما هو دور المنظّمات الدولية لكي تنقذهم؟
لقد قمنا بمبادرة البرلمان الدولي للأمن والسلام منذ أيام عدّة، وطلبنا من الجمهورية العربية السورية السماح للنازحين بالعودة من لبنان إلى أماكن آمنة في سورية، ويتضمّن المشروع ثلاث نقاط وأخذنا بعين الاعتبار الهواجس السورية. في الشقّ السياسي انطلقنا من الانتخابات التي حصلت في سورية، والتي نعتبرها شرعية انبثقت من إرادة شعبية سورية، ولا اعتقد أنّ هذه الانتخابات يمكن أن تشوبها أيّ شائبة، لأنّنا رأينا حتّى ردود الفعل خارج سورية، خصوصاً تفاعل الناخبين من النازحين السوريين، وهذا يدلّ أيضاً على صوابيّة نتائج الانتخابات. ومن جملة ما تضمنته المبادرة التعاون بين الحكومة السورية كوسيط مع المنظمات المعنية بشأن النازحين، وأن يتمّ التعامل على كلّ المستويات بين الحكومة السورية والمنظمّة السورية المعنية، وأنّ يعود النازحون السوريون إلى المناطق الآمنة التي لا تشهد أعمالاً عسكرية.
يقال إنّ المجموعات الإرهابية في سورية والعراق وأينما حلّت تستغلّ المساعدات الإنسانيّة لكي تمرّ عبرها أسلحة، هل لديكم أيّ معلومات عن هذا الأمر؟
في البداية نعم، لقد مُررت أسلحة، إذ كانت الحدود سائبة وكان الوضع الأمني آنذاك منذ بداية الأحداث مرتبكاً، فلم يكن تحت سيطرة السلطات السورية. وطبعاً عندما تكون هذه الحدود مفتوحة، يمكن تمرير الأسلحة.
ما رأيكم بما يقوله البعض عن أن هناك عناصر في جهاز أمني معيّن يسهّلون في طرابلس وفي عرسال نشاط المجموعات الإرهابية؟
من الأجهزة الأمنية لا أعتقد، ولكن قد تكون هناك أجهزة مدنيّة، فنحن لدينا علامات استفهام كبيرة حول ما حصل في عرسال، ولكن طالما أنّ الحكومة اللبنانية تؤكّد أنّ هناك وساطات مع جهات معينة، سنلتزم خطط الدولة اللبنانية بشأن المخطوفين، ونبقي على تحفظنا، لكننا نساند الدولة ونلتقي مسؤوليها ونتكلّم بصراحة عمّا لدينا وعن المخاوف والمحاذير.
أنت تتكلّمون عن هيئة العلماء المسلمين ومن يفاوض من أجل استرجاع الجنود المخطوفين؟
نحن فقط نستغرب كيف سمحت هيئة العلماء المسلمين لنفسها أن تفاوض إرهابيّاً، وثانياً، لماذا لا تذهب الأجهزة الأمنية إلى باقي المجموعات وتقاتلها، وما هي أسس قرار التفاوض؟.