راسخٌ في الوجدان
زينب فياض
والدي كان في مراهقته من عشّاق أنطون سعاده، وأيّد فكره واعتنقه فصار سورياً قوميّاً اجتماعياً. وفي ظروف معيّنة، تحوّل فكر الوالد إلى تأييد الثورة الإيرانية والاقتداء بالإمام الخميني، وزرع حبّ المقاومة والالتزام فينا.
حينما بدأ مرض «ألزهايمر» يفتك بخلايا دماغه، نسي والدي أموراً كثيرة وأشخاصاً كثيرين: أحفاده، أقاربه، الصلاة والصوم. لم يعد يعي ما حوله. ولكنه، حين يُذكر اسم أنطون سعاده أو الزعيم، كان يجهش بالبكاء، ويردّد النشيد الخاص بالحزب السوري القومي الاجتماعي، ويظلّ يُحدثني عن «القومية» وبعض الأشعار التي حفظها عن الحزب القومي.
كانت الدموع ترافق كلّ حرف ينطق به. لم تعد ذاكرته تحتفظ إلا بالقليل من الأمور السياسية. شخصيتان فقط لازمتا خلايا دماغه وبقي والدي يعرفهما: السيد حسن نصر الله الذي كلّما أطلّ على الشاشة يردّد والدي: «الله يحميك يا سيّد»… وأنطون سعاده الذي كلّما رأى صورةً له… يجهش بالبكاء.